خبر تنازل الجميع، وتقهقر الجميع.. معاريف

الساعة 10:12 ص|25 فبراير 2009

بقلم: نداف ايال

يعرف بنيامين نتنياهو كيف يكون يائسا. كان اريك شارون يلقبه بسخرية "مذعورا" او "نذيرا". التعبير الاخير مأخوذ من ايام البلماخ الصارمة. فهنالك من كان يجري الى الرفاق حاملا نبؤات الخراب كان يحظى باحتقار جماعي. منذ ان انتخب نتنياهو وهو يقوم بكل جهد من اجل الا يكرر اخطاءه الكبيرة في ايام شارون. ومن جهة ثانية يعمل على نحو يكاد يكون يائسا. فخنوعه للفني وباراك لا يحظى بانتقاد داخلي في حزبه لان مسؤولي الليكود الكبار يدركون ان الفوز الصعب لكتلة اليمين قد يمحى في غضون سنتين، من غير العمل او كاديما.

لكن يوجد ايضا سبب اخر، اعمق من استراتيجية سياسية بسيطة: فحكومات اليمين الضيقة ازمة بالنسبة لليكود لا لانها تميل الى عدم البقاء فقط بل وفي الاساس لانها تحصره في ازمة عقائدية عميقة. في حكومة ضيقة وحميمة، مع "الشريكات الطبيعيات"، يضطر الليكود الى ان يواجه اشباحه وقد افضوا الى سقوطه. ففي 1990 اثبتت حكومة شامير اليمينية الضيقة بسلوكها زعمين اساسيين لليسار: الاول هو ان عقيدة "ولا ذرة تراب" ستفضي الى ضغط دولي والى اساءة خطرة لعلاقات اسرائيل بالعالم. جرب شامير ذلك على جلده بازمة الضمانات واضطر الى ان يمضي الى مؤتمر مدريد. وكان الزعم الثاني ابسط وهو ان اليمين لن يستطيع الاتيان بالامن، بالرغم من انه هويته السياسية الاساسية. كانت ظواهر عمليات السكاكين في هاتين السنتين سببا رئيسا للزيادة العظيمة لشعبية اسحاق رابين مرشحا لرئاسة الحكومة.

منذ 1996 اخذت حكومة نتنياهو تحتضر ازاء الضغط الدولي الى ان جرت الى اتفاقات واي، والانسحاب من الخليل والى ابادتها لذاتها.

في العشرين سنة الاخيرة جربنا حكومتي يمين ضيقتين افضت كلتاهما الى تولي اليسار السلطة لانهما اضطرا الليكود لان يواجها وجه الحقيقة غير المهادن.

والحقيقة هي انه يتحدث كثيرا عن ازمة اليسار الاسرائيلي، وهذه حقيقة انتخابية، لكن الازمة الجوهرية هي ازمة اليمين، وتتبدا بان قادته دائما، يضطرون الى الرجوع عن مبادئهم المضادة لمصالحة مناطقية. فبيغن ونتنياهو وشارون تنازلوا جميعا، وتراجعوا جميعا. بعضهم بشروط افضل وبعضهم بشروط اسوء. لم يقل بنيامين نتنياهو لتسبي لفني في لقائهما الاخر انه مستعد لاقامة دولة فلسطينية، لكن جميع مقربيه يقدرون انه يدرك انها ستقوم حتما. هذا الفرق بين ما يقوله قادة الليكود في مطعم الكنيست، وبين ما يقدمونه في المعركة الانتخابية، هو فرق خطر على حزب كبير. فهو احيانا يقوده الى خراب انتخابي، لنفرض بعد ان اضطر بيبي الى الانسحاب من الخليل، ويفضي احيانا الى شقاق – كما حدث عندما اعلن ارئيل شارون انه يؤيد اقامة دولة فلسطينية.

الليكود في سجن. فهو غير قادر او لا يريد تطبيق السياسة التي يعلنها في الانتخابات، لكنه يمتنع على الدوام من الاخذ بخطة عمل اخرى. عندما يلي الليكود السلطة، يتهيأ له على نحو ما الانسحاب من الخليل، او اخلاء سيناء او اقتلاع المستوطنات في غزة. لا غرو ان الليكود هو الحزب الحاكم الوحيد الذي اجلى يهودا عن بيوتهم؛ وذلك نتاج لفشله الجيني الاساسي، وللازمة العقائدية. وهذا هو سبب محاولة نتنياهو الامتناع عن حكومة ضيقة.