خان يونس.. زوجان يعيدان الحياة لقطعٍ أثرية تالفة

الساعة 12:04 ص|10 يوليو 2020

وكالات

بحذرٍ شديد ودقةٍ متناهية تحاول الفنانة التشكيلة نجلاء أبو نحلة (29عامًا) إلصاق قطعٍ صغيرة لفخارة أثرية قديمة جلبتها مهشمة من حقلٍ زراعي، يساعدها بذلك زوجها الفنان التشكيلي محمد أبو لحية (31عامًا)؛ لضمّها إلى جوار قطع أثرية أخرى في متحف صغير يمتلكانه ويساعدهما بالعمل فريق تطوعي.

ويحتضن المتحف الأثري القديم الذي أقامه الزوجان عام 2016 آلاف القطع الأثرية التي تعود لعصورٍ قديمة مُختلفة، منها العثماني، البيزنطي، والروماني، ويعتبر نواة مشروع هو الأول من نوعه يقوم على إعادة الحياة للقطع الأثرية التالفة والمهشمة.

"متحف القرارة الأثري" هذا هو الاسم الذي أطلقه الزوجان على متحفهما، المستوحى من اسم البلدة الريفية الحدودية الواقعة شرقي محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، والذي افتتح أبوابه في منزلٍ أثريٍ قديم يعود لحوالي 70عامًا على الأقل.

ولادة الفكرة

دفع الاحتكاك المباشر للزوجين في القطع الأثرية التي تصل في معظمها تالفة ومهشمة للمتحف، أو التي يعثرون عليها أو يتعثّرون بها، إلى التفكير في البدء بعملية ترميم وإعادة الحياة والشكل الأساسي لتلك القطع، خاصة الفخارية منها.

وبتكاليف مادية لم تتجاوز 1500 دولار نجح الزوجان الفنانان التشكيليان في افتتاح معملٍ صغير داخل متحفهما، بعدما حصلا على دعم من مبادرة تقدموا بها لمؤسسة "داليا" غير الحكومية في قطاع غزة، وذلك على إثر فوز مشروعهما بالمركز الأول من بين نحو 30 مشروعًا شبابيًا تنافسوا لنيل الدعم.

ويذكر الزوج محمد أنّه قد تلقّى تدريبًا على يد مُختصين، منهم عاملون ومشرفون في مركز عمارة التراث "إيوان" بالجامعة الإسلامية في غزة، ونقل تلك الخبرات لزوجته ومجموعة من المتطوعين العاملين في المتحف، وباشروا بتطبيقها عمليًا.

جهل وأمنيات

وتقول الزوجة نجلاء لوكالة صفا  إنّ هذا المشروع نبع بعد أن وصل لمتحفنا وعثرنا على قطع أثرية مختلفة مهشمة، ووجدنا أن مزارعين أو مواطنين يقومون ببناء معماري في البلدة، يعثرون أثناء العمل والحفر على قطع لا يلقون لها بالاً ويكسرونها ويلقونها.

وأضافت "بالتالي تحركنا للتفكير في محاولة إعادة الحياة لتلك القطع، وعدم تركها تذهب سُدى، لأن كلها تمثل طابو لأرض فلسطين، وتوثّق تاريخ وعصور وأزمنة مضت"؛ مشيرة إلى أن مئات القطع الفخارية عثر عليها مزارعون سليمة لا يوجد بها شيء، ولجهلهم بقيمتها وتاريخها بها حطموها.

وتستشهد الفنانة التشكيلية بموقف حدث مع مواطنين أثناء حفر بئر صرف صحي، عثروا خلال العمل على عشرات القطع الأواني الفخارية القديمة غير تالفة وهشّموها كلّها، وعلمت هي وفريقها بذلك فذهبوا لجلبها إلى المتحف، موضحة أنّهم يعكفون حاليًا على ترميمها.

وتتابع "للأسف لا يوجد جهة رسمية أو مختبر فعلي للترميم، بالتالي أقمنا المختبر بإمكانيات بسيطة جدًا داخل محفتنا"، لافتةً إلى أن عملهم يحفظ القطع من الهلاك والاندثار.

وعبّرت الزوجة عن تطلعها بأن يكبر المتحف الذي أقامته مع زوجها، وأن تتلقى تمويلاً ماليًا له وللفريق المتطوع؛ لشراء معدات وأجهزة لترميم المخطوطات والمسكوكات والزجاج والأواني الفخارية.

عمل شاق

أما المتطوع في قسم الترميم بالمتحف ضياء عبد الغفور (43 عامًا)، فيصف لمراسل "صفا" عملهم بالمعقد والشاق "فعملية ترميم القطع ليس سهلاً، فأي خطوة يجب أن تكون مدروسة علميًا وهندسيًا؛ لتخرج القطع بشكلها الأساس أو مشابه إلى حدٍ كبير".

وبينما ينشغل عبد الغفور في ترميم إبريقٍ فخاريٍ صغير مستخدمًا مادتي "الجبس والغراء اللاصقة"، تابع حديثه بالقول إنّ عملية ترميم القطع تمر بعدة مراحل منذ وصولها للمتحف "أولها تصنيفها لأي حقبة زمنية تعود؛ لأن كل حقبة فنية لها شكل وطراز وخام مُختلف، وتصنيفها وتوثيقها وإدخالها برقم في سجل المتحف".

ويوضح أنّ "عملية الإسعاف الأولي" للقطع وصيانتها تتمّ بعد ذلك من خلال وضع الفخارة في الماء المقطّر وتركها لتجف في الشمس، ثم يتمّ إجراء رسم هندسي للشكل الأساس لها وتقدير قطرها، ثم البدء بتجميعها وتركيب قطعة على الأخرى بشكل معقّد وشاق يستغرق وقتًا طويلًا، موضحًا أنّ صيانة وترميم قطعة واحدة قد يستغرق أسبوعًا كاملاً لتصبح جاهزة للعرض في المتحف إلى جانب القطع الأخرى.

كلمات دلالية