شهداء الجزائر.. نصرٌ جديد/ بقلم: أحمد المدلل

الساعة 11:33 ص|05 يوليو 2020

فلسطين اليوم

لحظات عزٍّ وبطولةٍ عاشها الجزائريون وهم يستقبلون رُفات أربعةٍ وعشرين من قادة ومقاتلي الثورة الجزائرية ... وعلى مدار مئة واثنين وثلاثين عاما من المجازر والمذابح والقتل والدمار والجرائم البشعة التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي ضد الجزائريين إلّا أن الثورة الجزائرية لم تتوقف وكان الشعب الجزائري يؤمن ايمانا عميقا لا لُبس فيه ان النصر حليفه لا محالة ...

لذا انتصار الشعوب على كل الاحتلالات لم يسقط من السماء كما المطر فى فصل الشتاء ، والنصر لا يناله المتقاعسون والكسالى والمتساقطون فى منتصف الطريق واصحاب الحلول  مع المحتل المغتصب ... وانما كل الشعوب التى تعرضت للاحتلال - الشعب الجزائري نموذجا- انتزعت حريتها من خلال ما قدمته من تضحيات كبيرة وقافلة من الشهداء لم تتوقف حتى آخر لحظة من وجود الاحتلال ...

إنها الروح الوثابة والارادة القوية التى أقضت مضاجع المحتلين بكل أشكال المقاومة ( مسلحة وشعبية وديبلوماسية ) مرتبطة مع بعضها البعض ولا غنى للشعوب عنها كجدلية ثلاثية لا انفصام بينها ... حتى عندما كان يطالب المحتل التفاوض مع الثوار الذين أرهقوه لا يفاوضوه الا تحت أزيز الرصاص ...

لقد انتصر شعب الجزائر واستطاع دحر الاحتلال الفرنسى الذى مضى على احتلاله للجزائر مئة واثنين وثلاثين عاما( ١٨٣٠- ١٩٦٢) من العذابات والالام ، وكان ينغّص على الشعب الجزائرى وأهالى الشهداء بسرقة جثامين الثوار وقادة المقاومة الذين يستشهدون فى المعارك ويحملها الى فرنسا حتى لا يتذكرهم الجزائريون وحتى لا تصبح قبورهم مزارات وعناوين لاشتعال الثورة من جديد ...

وبالرغم من ذلك لم تتوقف المقاومة والثورة من بعدهم ، بل كانت دماؤهم وقودا يُشعل ثورة الشعب من جديد والتى استمر لهيبها حتى نال الشعب الجزائرى حريته واندحر الاستعمار الفرنسى واحتفل الشعب الجزائرى ومعه كل أمتنا حينها بأعراس الانتصار ...

ويأتي استقبال رُفات الشهداء ليمثل نصرا جديدا لأرواح الشهداء وعرسا وطنيا جزائريا وفاء لمن قدموا أرواحهم من أجل حرية شعبهم وأرضهم ... ولأن التجربة واحدة فرح الفلسطينيون بانتصار الجزائريين ونيلهم الحرية عام ١٩٦٢م واليوم يفرح الفلسطينيون من جديد مع اخوانهم الجزائريين باستقبال رُفات شهداءهم الذين اضطرت فرنسا لاعادتهم حتى يدفنوا فى ارض  الجزائر وقد اعتقد الفرنسيون ان ذلك قد يُنسى الجزائريين قليلا من تاريخ فرنسا الاسود فى الجزائر ...

انها نفس الجريمة يمارسها العدو الصهيونى ضد الفلسطينيين بسرقة جثامين الشهداء الذين يرتقوا فى معارك البطولة والشرف محاولا التنغيص على عائلاتهم الذين ينتظرون الاحتفال بتوديعهم فى أعراس الشهادة ومحاولا كسر ارادة الشعب الفلسطيني لوقف المقاومة ، الا أن الرابط العقدى والروحانى والعروبى والقومي بين الشعب الفلسطيني والشعب الجزائري لَيؤكد بان مقاومة شعبنا مستمرة ولن تتوقف أبدا حتى تحقيق العودة والحرية والاحتفال بالنصر الكبير باستحضار ارواح شهداءه خصوصا اولئك الذين لا يزال يحتجزهم فى مقابر ( الارقام) ويعتقد ان الشعب الفلسطيني سوف ينسى ويتغاضى وما علم ان دماء الشهداء تنتفض فى شرايين شعبنا حتى يُشعل المقاومة من جديد ، وأن الذى يتناسى سنّة التاريخ هو الاحتلال الصهيوني بجبروته ( آخر الاحتلالات فى التاريخ الحاضر ) ولم يتعلم الدرس من الاحتلال الفرنسي فى الجزائر وكل الاحتلالات التى سبقته بأنه الى زوال ... بل ما يزيد ثقتنا بأن النصر قادم لا محالة هو الوعد الالهى الذى أكده القرأن الكريم " فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا" صدق الله العظيم ...