آثمون لكن ليسوا كفاراً

المنتحرون في غزة: قَسَى عليهم "ولاة الأمر" وصفق لهم النشطاء

الساعة 12:07 م|04 يوليو 2020

فلسطين اليوم

"عند الله تلتقي الخصوم".. هي الكلمات التي أنهى بها الشاب سليمات العجوري (23 عاماً) حياته، قبل أن يقدم على الانتحار قرب منزله في أبراج الشيخ زايد شمال قطاع غزة، برصاصة في رأسه قتلته، لكنها فتحت جرحاً عميقاً في نفوس المواطنين.

فالعجوري، قتل نفسه بعد أن أطلق النار على رأسه، بعد خمس ساعات من كتابة منشور على صفحته الشخصية على "الفيس بوك" قال فيه: "هيّا مش محاولة عبث، هيا محاولة خلاص وخلص، الشكوى لغير الله مذلة وعند الله تلتقي الخصوم”.

العجوري ليست الحالة الوحيدة، ولم تكن الأخيرة، لكن الملاحظ أن حالات الانتحار السابقة كانت تجتاح قصتها مواقع التواصل الاجتماعي في وقتها وتأخذ حيزاً من الحديث وإيجاد المبررات للانتحار دون رفضها بشكل مطلق.

فبالأمس، أعلنت مصادر محلية عن وفاة المواطن ابراهيم ياسين متأثراً بحروق أصيب بها قبل حوالي أسبوعين بعد أقدم على حرق نفسه بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، فضلاً عن وصول مستشفى الشفاء جثة هامدة لأحد المواطنين من سكان الشاطئ وتبين أن سبب الوفاة انتحار نتيجة القاء نفسه من الطابق الخامس، بينما أقدمت مواطنة على الانتحار نتيجة مشكلات عائلية.

معدلات الفقر والبطالة 75%

لا يمكن التغافل عن أن الشباب في قطاع غزة يعانون حالة من اليأس من الإحباط نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمعيشية، إلا أنها تبقى أسباب لا يمكن أن تبرر للإقدام على الانتحار.

فوفق إحصاءات كشفتها وزارة التنمية الاجتماعية في قطاع غزة، مؤخراً أن نسبة الفقر والبطالة في القطاع العام الجاري وصلت إلى ما يقرب من 75%.

وأوضحت الوزارة إن مؤشرات الفقر في غزة هي الأعلى على مستوى العالم.

وتفرض إسرائيل منذ نحو 13 عاماً حصاراً مشدداً على غزة، ما أدى إلى زيادة كبيرة في نسب الفقر والبطالة في القطاع المكتظ بالسكان.

تحريض على الانتحار

لكن البعض رأى أن لنشطاء مواقع التواصل الاجتماعي دور آخر في التحريض على الانتحار، خاصةً مع استمرار التعبير عن حالة الحصار والعوز الذي يعيشه الناس في غزة.

الإعلامي عماد زقوت كتب :"أنت كناشط وما بعرف شو هويتك ولا شو شغلك تدعو الشباب على الانتحار، شو هذا الفجور، فمعلوم للجميع أن الانتحار حرااااام، وليس حلاً ولن تتغير الأوضاع لأنه باختصار الحصار مفروض على قطاع غزة من الاحتلال وللأسف السلطة مشاركة فيه من خلال سياسة قطع الرواتب وغيرها."

ويرى زقوت، أن من يدعو إلى الانتحار فاجر وعلى الأجهزة الأمنية التعامل معه كمجرم .

وأضاف زقوت: "معلومة بسيطة لمن يريد أن يضخم حالات الانتحار في غزة  .. في أمريكا وهي اقوى وأغنى دولة في العالم وحسب احصائيات رسمية فيها كل 12 دقيقة حالة انتحار وسنويا ينتحر فيها 45 ألف شخص .. هذه هي أمريكا  ،، فلا تهولوا الأمور في غزة ولا تكتبوا على وسائل التواصل بما لا تعلموا ، لأنه كل كلمة ستكتبها أيها الناشط فإنك ستحاسب عليها في الدنيا والآخرة.

أما أيمن دلول الكاتب والإعلامي الفلسطيني، فرأى أن ايجاد واختلاق المبررات من قبل بعض النشطاء على الفيس بوك للمنتحر، إنما هو قمةُ التحريض ودفع البعض إلى سلوك هذه الجريمة بحق نفسه وحق مجتمعه وأهله وتكرار مشاهدها..

ورأى أن هذا التحريض الصريح يحتاج إلى متابعة ومحاسبة من جهات الاختصاص.

وقال دلول:" لا يوجد أي مبرر لأي شخصٍ كان لسلوك درب الانتحار، إن كان فقيراً، فهناك ملايين البشر يموتون جوعاً دون لجوئهم للانتحار، وإن كانَّ مهموماً، فلم نسمع زوجة شهيد أو والدة أسير أو شخصٌ أجبره المحتل على هدم بيته يلجأ للانتحار، وإن كانت تركته محبوبته فبلاش يعمل بحاله قيس أو عنترة أو غيرهم.."

واعتبر دلول أن أولَ خطوةٍ مجتمعيةٍ تقعُ على عاتق المجتمع في التعامل مع المنتحر، ووقايةً لمن يفكر بهذه الطريق، تتمثلُ في مقاطعة جنازته وبيت العزاء.. وهناك جهاتٌ حكوميةٌ ومجتمعيةٌ يقعُ على كاهلها الكثيرَ من العمل.

المنتحر آثم لكنه ليس كافر

من جهته، أوضح الشيخ عبد الباري خلة، أن المنتحر هو الذي ييأس من الحياة ويريد أن يتخلص من حياته حتى يستريح، وهو لا يجوز في الدين الإسلامي، أما من يعاني من حالة نفسية فقتل نفسه اندفاعاً من نفسه من غير إرادة فهو ليس منتحراً ولا يعاقب يوم القيامة.

وفي سؤال حول مسؤولية ولي الأمر في حال من قتل نفسه من أجل الرزق والمال: أجاب خلة:" من قتل نفسه من أجل الرزق والمال، فعلى ولي الأمر شيء فنعم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فلا يجوز للإمام أن يشبع والرعية جياع، وعليه أن يأمن أكلهم وطعامهم وشرابهم وأمنهم".

وأضاف:" لابد للإنسان أن يتقي الله في رعيته ويتعهد للفقراء والمحتاجين، ويقدم ما لديهم ما يستطيع مهما كان، فلابد أن نتقاسم لقمة العيش، حتى لو كنا في ضائقة اقتصادية وأزمة جائحية".

وتابع: الانسان عليه أن يصبر على قدر الله عز وجل سواء فقيراً أو غنياً، ولكن إذا كان فقيراً وانتحر، هو آثم وتعد كبيرة من الكبائر، لكنه لا يخرج عن الإسلام، وهو عاصي فهو ليس كافر، وعلى من تسبب مهما كان نوعه أو قربه وابتعاده عليه الاثم لأنه قصر في تأمين احتياجاته الأساسية الأكل والشرب والسكن، لأنه على ولي الأمر أن يتيح له ذلك.

 

كلمات دلالية