القائد رمضان شلح بين الفدائي والمجاهد بقلم: حاتم استانبولي

الساعة 07:26 م|13 يونيو 2020

فلسطين اليوم

بين الفدائي والمجاهد مفارقة ليست ببعيدة، وإنما كل منها يعبر عن أداء يحمل ذات الجوهر، ولكن أسس وناظم ومعيار تقييمه تختلف، ولكي نُخرج من الالتباس بين المصطلحين أو الصفتان النبيلتان فمعيارهما يحدده أسس معرفية لتقييمهما.

المجاهد في سبيل الله مصطلح يطلق على من يجاهد لإعلاء كلمة الله ودينه، هذا الجهاد الذي يحاسب الإنسان عليه في الآخرة عند تقييمه، والجهاد له أبواب وعناوين متعددة ليس في الحرب فقط، بل في كل أوجه الحياة؛ في العمل، في التربية، في القيادة الصحيحة، في كلمة حق عند سلطان جائر، في تحمل العبء، وتحمل الظلم، وكفاح الأم والأب، في التربية السليمة لأطفالهم، وفي رد الظلم والتحلي بالصبر. وتحكم كل مجاهد معايير دينه، سيحاسب على عمله أمام ربه بحضور نبيه. أما الفدائي فهو خيار إنساني فردي واعي، يتعلق بالوطن والفداء من أجله، ومعيار وناظم تقييمه يقوم على أسس ومعايير إنسانية يحكمها الدفاع عن وطنه وشعبه الذي يحمل التلون الفكري والديني والعرقي.

الفدائي قيمة إنسانية يوظف الإنسان كل إمكانياته؛ من أجل قضيته الوطنية، وهي بالمعنى الإنساني الواقعي تحمل مهمة عامة. وهنالك فئة من البشر حملت الصفتين ووفقت بينها وكانت تتقن التحكم في التوفيق بينها؛ من حيث الإبداع في توظيف الوطني والديني في صيغة إبداعية ملموسة. فإذا استخدم الإنسان مصطلح الجهاد بمفهومه الحرفي سيصل إلى فكر القاعدة وداعش وأخواتها، أو الكتائب والقوات اللبنانية وتفريخاتها، أو إلى الهاجانا وشتيرن وأخواتهم.

القائد الشهيد عز الدين القسام أول من استطاع توظيف العلاقة بين الديني والوطني، بين المجاهد والفدائي، وكان مجاهدًا في عطائه الديني، وفدائيًا في ميدان مجابهة الاستعمار الفرنسي والبريطاني. وعبد القدر الحسيني كان فدائيًا تصدى للصهاينة دفاعًا عن وطنه. وغسان كنفاني كان يحمل وينشر فكرة الفدائي الإنسان ويلقي الضوء على المجاهدين في الكلمة، وفي التربية، وفي تحمل الظلم، وينتقل بين الأفكار ليفككها ويعيد بنائها بمفاهيم وطنية تحمل بعدًا إنسانيًا. أما عن القائد جورج حبش فقد أعطى بعدًا عميقًا للفدائي واخترق به الحدود. أما أبو عمار فقد وفق سلوكه وأبدع في توظيفه اللحظي بين ما هو ديني ووطني. هنالك قادة آخرون كثيرون ميدانيون أبدعوا في التعامل بين ما هو ديني ووطني، أما عن المطران الاريون كبوجي، فقد أبدع في توظيف الديني لخدمة الوطني، وكسر معادلات وأفكار ليعيد خلطها في بوتقة فلسطين وقدسها، وأعاد نسج خيط الشهيد القائد عز الدين القسام، هذا الخيط الذي يربط فلسطين بسوريا.

أما السيد حسن نصر الله، والشهيد سليماني، فقد نسجوا العباءة الدينية بمسلة وطنية إنسانية بامتياز، وكانوا مثالاً أعاد اللحمة بين جهاد القسام وفدائية عبد القادر الحسيني ووطنية المطران كبوجي وأميل لحود واخلاقية يسارية جورج حبش وتوفيقية أبو عمار وأمانة ابو ماهر اليماني وإقدام ابو على مصطفى وشجاعة أبو إياد وعقل ابو جهاد وأممية وفدائية وإبداعية وديع حداد وايمان الشهيد الرنتيسي و فتحي الشقاقي وفدائية ليلى خالد وجمالية دلال المغربي وعفوية إياد الحلاق وعنفوان باسل الأعرج، وبجمعهم كل هذه الصفات نسجوها في سجادة وطنية فدائية بإطار جهادي.

وبالأمس فقد الشعب الفلسطيني قائدًا جمع بين الجهاد والفداء، فقد فدائيًا مجاهدًا. بالأمس غاب رمضان شلح أحد قادة الجهاد الاسلامي؛ فصيلاً أعطى بعدًا وطنيًا للعباءة الدينية، ولم يلطخها في حروب داعش والنصرة وأخواتهن؛ فصيلاً يعمل بشكل دائم من أجل وحدة العمل الوطني الكفاحي؛ من أجل قضية فلسطين.

كلمات دلالية