الرحمة للدكتور رمضان عبد الله شلح- بقلم : د. عبد الستار قاسم

الساعة 10:54 ص|09 يونيو 2020

فلسطين اليوم

إذا كان لنا أن نصنف قيادات فلسطينية وفق ميزات اشتهروا بها، فإن الدكتور رمضان عبد الله شلح كان الأبرز من الناحية الفكرية والثقافية. كان الدكتور رصيدا فكريا مقاوما للشعب الفلسطيني والذي لم تهن عليه مبادئه وأخلاقه الثورية المتواضعة، وبقي صامدا ثابتا مثابرا صبورا وبانيا لصرح حركة الجهاد الإسلامي التي تقف بقوة وعنفوان وبأس شديد في مواجهة الكيان الصهيوني.

لقد آلمنا غياب الدكتور شلح عن المسرح الفلسطيني المقاوم، واشتد بنا الألم على فراقه الأبدي، وهذه هي سنة الحياة. كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

لم يكن الدكتور شلح مزاودا، ولا مضللا ولا كاذبا. كان ينطق بالحقيقة حول المقاومة الفلسطينية وعلاقات الفصائل بعضها ببعض. وكان صاحب استقلالية، ولم يجيّر حركة الجهاد الإسلامي لأي طرف إقليمي أو دولي. لم يعاد أنظمة العرب التي تدحرجت إلى المربع الصهيوني، لكنه لم يكن صديقا لها. طور علاقات راقية وواسعة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومع حزب الله، وكان في ذلك ما دفع حركة الجهاد الإسلامي بقوة إلى الأمام في المواجهات الميدانية مع الكيان الصهيوني. تعاونت إيران مع حركة الجهاد وقدمت لها ما تحتاجه من الدعم التسليحي والتدريبي والمالي والتقني بقدر ما تستطيع، ولم تطلب يوما من الدكتور أن يتصرف وفق إرادتها. وكذلك كان الأمر مع حزب الله الذي لم يبخل على الحركة بالسلاح والتقنية والمعرفة العلمية.

الدكتور شلح تميز بأخلاقه الرفيعة، وقدرته على المناورة الديبلوماسية وحرصه الشديد على منعة حركة الجهاد وتحصينها أمنيا. وعلى الرغم من معارضته الشديدة لاتفاق أوسلو، إلا أنه حاول الإبقاء على شعرة معاوية مع أهل أوسلو على أمل أن تتحقق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتعود المقاومة الفلسطينية إلى سابق عهدها. ولم يكن الدكتور صاحب خطابات رنانة، ولا شعارات فارغة وبطولات وهمية. ولم يمنّ الشعب الفلسطيني بما يتمناه، بل كان دائما يصارح الناس بالحقيقة قناعة منه أن بناء الأوهام يخرب ولا يعمر. كان يتكلم بقدر حجمه، أي بقدر قوة حركة الجهاد على الأرض، ولم تكن قوتها بسيطة أو هامشية. وقد تمكنت حركة الجهاد الإسلامي من خوض معركة مواجهة مع الكيان الصهيوني منفردة، وأطلقت مئات الصواريخ على الكيان. وهي تعمل بدأب وتواصل السهر في تطوير قدراتها العسكرية والأمنية استعدادا لمواجهة واسعة شاملة لا بد آتية.

رحم الله القائد الشجاع المحترم المؤمن بالله، والذي آمن دائما أن الحق لا مفر سيعود إلى أصحابه. ولنا ثقة كبيرة بأن الأخ زياد النخالة يواصل مسيرة البناء استعدادا للتحرير. فكل العزاء لشعبنا العربي الفلسطيني ولحركة الجهاد الإسلامي تحديدا، ونحن على عهد الصمود والمواجهة حتى يعود الحق إلى نصابه.

كلمات دلالية