رغم رحيلك الحزين.. خيمتك لا زالت تظللنا بقلم خالد صادق

الساعة 12:55 م|09 يونيو 2020

فلسطين اليوم

 عشرات الالاف يؤمون خيمة عزاء الدكتور رمضان عبد الله شلح التي اقيمت في ساحة الكتيبة كبرى ساحات غزة, وفود فصائلية ووفود رسمية حكومية ووفود عشائرية, ادباء ومثقفين واساتذة جامعات وافراد من المواطنين الاعزاء يتوافدون على خيمة العزاء ويستظلون بفكر ونهج الدكتور رمضان شلح رحمه الله, المشاركة في بيت العزاء والحالة التضامنية توحي بقدر الحب والاحترام لنهج حركة الجهاد الاسلامي ولفكر الدكتور رمضان الذي كان يتعامل مع من يختلف معه ومع حركته المجاهدة في الفكر السياسي بمنطق التناصح وبالحكمة والموعظة الحسنة وبالود والمحبة عبر النقاش والحوار البناء, ولا يتعامل معهم كخصوم او منافسين, وقد كان يحمل فكرا وحدويا جامعا, ويرسم مواقفه السياسية وفق المصلحة الفلسطينية العامة وليس وفق مصالح حزبية ضيقة, فلم يكن غريبا ان يستظل بخيمته عشرات الالاف من الفلسطينيين وان يتحدث عن نهجه السياسي الوحدوي قادة وزعماء وكتاب وصحفيين ومثقفين عرب, ويستشهدون بمواقفه التي تنم عن عقلية مثقفة وواعية لطبيعة المرحلة وطبيعة الصراع مع الاحتلال الصهيوني ونظرته الثاقبة لبواطن الأمور, بعد ان ارسى قاعدة ثابتة ان "اسرائيل"هى العدو المركزي للامة, وان الصراع يجب ان يبقى معها فقط, والا ندخل في صراعات جانبية تضعفنا وتشتت جهدنا ووقتنا ولا يستفيد منها احد سوى الاحتلال الصهيوني فقط.

خيمة العزاء رسمت لوحة وحدوية جميلة تجمعت داخلها كل الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتي حماس وفتح, لما لشخصية الرجل من كاريزما مؤثرة في الجميع, فما طرحه ابو عبد الله من مبادرات, وما بذله من جهود لإنهاء الانقسام كان يوحي بصدقية توجهاته وواقعيتها في معالجة الاختلاف والتباين في موقف الحركتين, وقد مثلت مبادرة النقاط العشرة التي طرحها الدكتور رمضان في العام 2016م , مدخلا للحوار بين الطرفين, دون ان يرفض أي فصيل هذه المبادرة, حتى السلطة الفلسطينية لم تبد موقفا سلبيا تجاهها انما التزمت الصمت دون ان تعلن موقفا رافضا لها, واليوم بدأت تنادي اصوات عدة بالعودة الى مبادرة النقاط العشر التي طرحها الدكتور رمضان, وانها بما تحتويه من نقاط تمثل مدخلا لحل الاشكاليات وانهاء الانقسام, خاصة بعد ان اعلنت السلطة الفلسطينية مؤخرا على لسان رئيسها محمود عباس انها في حل من كل الاتفاقيات الموقعة مع "اسرائيل", وهذا هو الاساس الذي تبنى عليه مبادرة النقاط العشرة التي ارتبط نجاحها بالتحلل من اتفاقية اوسلو, لقد شخصت مبادرة النقاط العشرة شخصية ابا عبد الله امام الجميع بأنها شخصية جامعه وموحدة, وان هذا يدفع الفصائل للتعامل بجدية مع ما يطرحه من مبادرات بسبب ثقافته الواسعة وقدرته على ايجاد الحلول بواقعية للازمات القائمة خاصة الازمات الداخلية, وهو ما اكسبه حب واحترام الجميع.

موقع أمد الاخباري عنون موقعه بالأمس بوصف عميق لشخصية الدكتور رمضان شلح فقد قال فيه " أن الثقافة الفردية تتفوق لأول مرة على الثقافة الحزبية، حقيقة تجسدت الى أبعد حدودها في شخصية رمضان شلح" هذا ما قاله موقع أمد عن شخصية الدكتور رمضان, وهذه كلمات صادقة وجادة, وقلما تجد هذه الصفة في قائد لحزب او حركة سياسية, لكن الدكتور رمضان وحركة الجهاد الاسلامي لم يكن يبحث عن أي انجاز او مجد شخصي, ولم يكن يقاتل من اجل منصب او سلطة, وليس لديه برنامج يستند على تحقيق مكاسب ومصالح للحركة, وهذا اكسبه ميزة الثقة التي ابداها الجميع تجاه حركة الجهاد وقادتها, وانها لا تهدف من وراء جهودها سوى مصلحة الشعب الفلسطيني والتفرغ لمواجهة الاحتلال الصهيوني وسياساته, حتى اسم حركة الجهاد الاسلامي حدد اسم في فلسطين, حتى يبعد عن الحركة أي شبه في أي نشاط خارجي يهدد استقرار البلدان, ويرسل رسائل طمأنينة للجميع ان عمل الجهاد الاسلامي النضالي يقتصر فقط على مواجهة الاحتلال الصهيوني, وانه لا صراع مع احد ولا تدخل في شؤون البلدان المجاورة, وانه ليس هناك أي امتداد للحركة خارج حدود فلسطين, حتى امريكا التي وضعت اسمه على لوائح الارهاب, ولم تتوقف عن دعم العدو الصهيوني, كان يرفض أي عمل عسكري ضدها, ويوصي ان صراعنا فقط مع "اسرائيل" التي تحتل ارضنا.

رحم الله ابا عبد الله فقد كان وحدويا في حياته, ووحدويا بعد وفاته فقد اورثنا ثقافة ادب الاختلاف والحوار, وان شعبنا وامتنا العربية والاسلامية بخير, وان انبعاث الامة سيأتي من خلال التفافها حول فلسطين, لا غرابة ان تجتمع كل الفصائل الفلسطينية في خيمة عزائك, بعد ان فرضت حبك واحترامك على الجميع, انه الوفاء لروحك الطاهرة, وشعبنا بفصائله المختلفة دائما يقدر الاوفياء سوآءا كانوا احياء ام اموات.

كلمات دلالية