حاكم "مصرف لبنان" أمام القضاء !

الساعة 09:44 ص|06 يونيو 2020

فلسطين اليوم

قدم مجموعة من النشطاء في لبنان أمس الجمعة 5/6/2020، بشكوى ضد حاكم "مصرف لبنان" المركزي، رياض سلامة، بجرائم النيل من مكانة الدولة المالية والإخلال بالواجبات الوظيفية .

النشطاء الذين رفعوا شعار "الشعب يريد إصلاح النظام" تقدموا بالشكوى أمام قاضي المنفرد الجزائي في بيروت ، حيث حملت لائحة اتهام بالتقصير الوظيفي واستثمار وظيفة وإدارة عامة، واقتراف الغش عبر قوله إن "الليرة بألف خير" لكسب ثقة المودعين وعدم إخراج أموالهم من المصارف.

الخطأ الجسيم في إدارة مال منقول تابع لهيئة عامة، والتي ترتّب عنها ضرر ذو طبيعة مزدوجة، أي ضرر بالمصلحة العامة مثل الاقتصاد الوطني والقطاع المصرفي والتداعيات الاجتماعية والمعيشية وضرر في المصلحة الخاصة المرتبطة بالمودعين وتدني القدرة الشرائية لمداخيل الأفراد، وذلك وفق ما أكد المحامي هيثم عزو لـ"العربي الجديد".

ويقول عزو وهو من بين المحامين الذين تقدّموا بالشكوى، أنّه "في ظل عدم قيام سلطة الملاحقة الجزائية المختصة أي النيابة العامة بدورها في تحريك الحق العام بوجه حاكم مصرف لبنان رغم تعدد الجرائم الشائنة التي اقترفها ولا يزال وجسامة الاضرار التي لحقت بالاقتصاد الوطني القومي والمواطنين على حدّ سواء وكان لها انعكاسات اجتماعية وخيمة، قررنا كمجموعة من "الشعب يريد اصلاح النظام" وعلى كامل مسؤوليتنا القيام بدورنا الوطني في هذا الصدد عبر تحريك الدعوى العمومية ضد رياض سلامة".

ويفنّد عزو الجرائم المذكورة بالشكوى لـ"العربي الجديد" وهي "فساد الهندسات المالية والمصرفية، سوء حماية سلامة النقد الوطني والتلاعب بسعر الصرف عبر مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان والذي تم توقيفه سابقاً قبل تخلية سبيله رغم أنّه مكلف بحسب قانون النقد والتسليف بحماية سعر صرف العملة الوطنية، سوء إدارة القطاع المصرفي المؤتمن بحسب قانون النقد والتسليف وقانون انشاء المصرف المركزي على سلامة أوضاعه.

يُضاف إلى ذلك إهمال وظيفي ومهني جسيم والتقصير العمدي وغير العمدي، اصدار تعاميم خارجة عن صلاحيته القانونية وهو ما يشكل تجاوزاً لحد السلطة وخاصة أن هذه التعاميم أحدثت بلبلة وفوضى بالقطاعين المصرفي والصيرفي وكان لها تداعيات على الالتزامات التعاقدية للمواطنين نتيجة تعدد سعر صرف العملة الوطنية فاق الأربعة بصورة لم تعهدها أي دولة في العالم وهو ما شجع على المضاربات من محتكري العملات الصعبة واثر على سلامة النقد الوطني وبالتالي على تدني القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة انخفاض القيمة السوقية لمدخراتهم ومداخيلهم الشهرية.

ويؤكد المحامي عزو ان الخطر الأكبر، مرتبط بتمويل الدولة بتسليفات عشوائية ومن دون وجود قطع حساب لموازنتها وعلى مدى سنوات طويلة تخطت العشرة أعوام، وإعطائها قروضاً غير معللة وفي ظل ظروف عادية خلافاً لما نصّ عليه قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي، والذي أوجب "عدم إعطاء تسليفات إلا اذا كانت موازنة الحكومة مقطوع حسابها سنوياً، وعدم إعطاء قروض الا في حالات الضرورة القصوى وظروف استثنائية خطرة".

هذا إلى جانب عدم الحفاظ على احتياط من العملات الأجنبية التي تضمن سلامة النقد الوطني وتغطية إصداره وفق ما الزمه القانون، والتصرف باحتياطات الزامية مودعة لديه من قبل العملاء والبنوك لا يمكنه قانوناً المسّ بها لكونها لا تشكل احتياطي خاص بالمصرف المركزي.

يضاف إلى ذلك إغفال متعمد لمراقبة عمليات نقل الأموال والتحاويل المصرفية الخارجية المشبوهة التي تمت مؤخراً قبيل وبعيد احداث انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 والتي أحدثت مشكلة في مخزون العملات الصعبة بالسوق المحلي كما في المصارف وترتب عليها تدني قيمة النقد الوطني ونالت بالتالي هذه الأفعال من مكانة الدولة المالية والنظام العام المالي رغم كونه قانوناً رئيس هيئة التحقيق الخاصة المولج بها التحقيق في أية عمليات مصرفية وتحاويل مصرفية مشبوهة.

ويشرح المحامي عزو مسار الشكوى القانوني، موضحاً أن "الشكوى الجزائية أمام قاضي المنفرد الجزائي الذي يتم اتخاذ صفة الادعاء الشخصي بها تحرك دعوى الحق العام تلقائياً دونما حاجة لادعاء مسبق من النيابة العامة، وبعد ذلك يتم ابلاغ هذه الشكوى من المدعى عليه الذي يحق له الاستمهال لتوكيل محامٍ للدفاع عنه وتقديم مذكرة دفوع شكلية وللقاضي المنفرد الجزائي هنا حق ضم هذه الدفوع الشكلية الى الأساس إذا تبين انه لا يقصد بها سوى تسويف الدعوى واطالة أمد المحاكمة، والالتفاف على العدالة. ثم تجرى المحاكمة العلنية أمامه ويقتضي لزاماً حضور المدعى عليه بالذات أي حاكم مصرف لبنان أمام القاضي الناظر بالدعوى لكون الجرائم الملاحق بها تفوق عقوبتها السنة حبس".

ويشير الى أنّه "خلال جلسات المحاكمة يقدم المدعون ادلتهم التي تثبت الجرائم المدعى بها ويقدم المدعى عليه عبر وكلائه ادلة النفي وبعدها يختتم القاضي المحاكمة ويعيّن جلسة لإصدار الحكم واسهامه. وهنا اما يقضي بتبرئته لعدم كفاية الدليل أو إدانته وحبسه في حال ثبوت الأدلة المقدمة من جانب الادعاء. علماً، أنّه في حال لم يحضر حاكم مصرف لبنان شخصياً رغم تبليغه اصولاً يحاكم غيابياً ويعتبر بحكم الفار من وجه العدالة. ويبقى باب الاستئناف مفتوحاً بعد صدور الحكم عن القاضي المنفرد الجزائي".

وكانت النيابة العامة المالية في لبنان ادعت منتصف الشهر الماضي على مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان المركزي مازن حمدان بعدما اوقفته الأجهزة الأمنية وأحالته الى قاضي التحقيق بجرم التلاعب بسعر صرف الدولار، قبل أن يخلى سبيله لقاء كفالة مالية.

وقبلها، كثّفت القوى الأمنية ملاحقة شبكات الصيرفة غير الشرعية. وأوقفت بطلب من القضاء المختص نحو 50 صرافاً، قبل أن تفرج عن المرخصين منهم، بتهمة شراء الدولار بأسعار مرتفعة جداً. وشملت عمليات التوقيف نقيب الصرافين محمود مراد الذي أعيد اخلاء سبيله لاحقاً.

ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، تتزامن مع أزمة سيولة حادة وشحّ في الدولار وقيود مصرفية على الودائع وعمليات السحب.

كلمات دلالية