أكاديمي فلسطيني: تناقض في الإعلام تجاه جائحة "كورونا"

الساعة 01:18 م|04 يونيو 2020

فلسطين اليوم

مازال الإعلام المحلي والدولي، يعيش حالة التخبط في التخبط في التعامل مع أخبار جائحة "كورونا"، وبات الأمر مرتعاً مناسباً لتعدد الخطاب بسبب شبه غياب للرواية الرسمية أمام الأخبار التي تنشرها شبكات التواصل الاجتماعي. وفق ما أكد أكاديمي فلسطيني.

وقال ماجد تُربان، أستاذ الصحافة في جامعة الأقصى بغزة، ورئيس مركز "شاهد" لدراسات الإعلام والاتصال البصري في تقيمه للخطاب الإعلامي لجائحة "كورونا": "شكل الإعلام مزيجا من التناقضات التي تتجلى في تفاصيل الخطاب الإعلامي نفسه تجاه الجائحة".

وأضاف في تصريح صحفي: "تجلت أهم هذه التناقضات في عدم وضوح الراوية الحقيقية حول جائحة كورونا، فتارة تدمغ بمخطط أمريكي يهدف للقضاء على الصين، وتارة ينقل أنها عبارة عن فيروس مصنع ضمن الحرب البيولوجية بين الدول الصناعية الكبار وعلى رأسهم الولايات المتحدة والصين".

وتابع: "وتارة أخرى يتمحور حول أكل الخفافيش والكلاب والفئران وغيرها من السوابح التي ما دأبت معظم دول شرق أسيا وعلى رأسها الصين وتايوان وغيرها بأكلها، وهناك من ذهب إلى بعد أيديولوجي ديني".

وأضاف: "أصبحنا أمام العديد من الروايات المتناقضة كونها منقولة عن الإعلام الغربي والذي عاش ويعيش حالة من التخبط في تحديد الرواية الصحيحة لفيروس كورونا، وبات الأمر مرتعا مناسبا لتعدد الخطاب الإعلامي وتنوعه وتعدد وظائفه سواء عبر وسائل الإعلام التقليدية أو وسائل الاتصال الغير تقليدية".

ولفت النظر: "شبكات التواصل الاجتماعي، مثلًا، اتبع مستخدموها العديد من الأساليب لنقل الأخبار والمعلومات من شتي المصادر الرسمية وغير الرسمية بطرق تفاعلية تعتمد السخرية أحيانا كثيرة وأحيانا الترهيب والتهويل، وجذب الأنظار، وباتت وظائف الإعلام كالتعليم والتثقيف وغيرها آخر هم هؤلاء".

وشدد تُربان على أن الخطاب الإعلامي جعل الأمر وكأنه "سوقا معلوماتية بلا رقيب"؛ فأحيانا يأخذ جانب إعلاني لبعض المنتجات الخاصة بأساليب النظافة البدنية، وأخرى اجتهادي لعرض العديد من الفيديوهات للنشطاء وأصدقائهم حول طرق الوقاية من كورونا، وأحيانًا على استحياء يظهر بعض المختصين، ويأخذ شكل تعليقات وأراء شخصية تقوم على النقد لسلوك بعض الأفراد أو المؤسسات.

وقال: "لم يأخذ الإعلام الرسمي دوره في سباق النشر وسياقه، وكان حضوره متأخرًا وعلى استحياء واعتمد على خطاب الإنكار والنفي أحيانا كثيرة، وغيب حق الحصول على المعلومات ومعرفة الأرقام الحقيقية للمصابين".

وبيّن: "الأمر الذي أفسح المجال أمام نشطاء التواصل الاجتماعي للظهور والتأثير والعمل على خلق خطاب إعلامي جديد يكشف هفوات الخطاب الرسمي ويعتمد على السرعة في نشر المعلومات ومشاركتها ونقلها، مما حذا بالمسؤولين عن الإعلام الرسمي بضرورة الظهور والتواصل مع الجمهور إذ أصبح لزامًا عليهم تزويدهم بالمعلومات والرد على بعض المنشورات التي ينشرها نشطاء شبكات التواصل".

وأضاف تُربان: "أصبحنا أمام خطابين إعلاميين؛ رسمي وغير ذلك، وأصبح المواطن العادي لا يعرف أي المعلومة يصدق، وبمن يثق، بل وصل الأمر بالبعض بالاستهتار بالمعلومات والمواقف والسخرية منها والدعوة لإنكارها وعدم الأخذ بها، الأمر الذي فاقم عدد المصابين وزاد عدد الوفيات".

وأكد أستاذ الصحافة في جامعة الأقصى بغزة أن الخطاب الإعلامي الذي تنتجه وسائل الإعلام المحلية اليوم، يقترب في أسلوبه من العشوائيّة والتناقض في أفكاره والتعارض في محتواه، ويتصف بالغموض والالتباس، وتبتعد لغته عن الدقة والموضوعية، وهو مجرد خطاب موسمي وشعبي يحاكي مشاعر الناس عبر استخدام المقدمات الإنشائية.

وصرّح: "البعض ينظر إلى هذا الإعلام على أنه ليس خطابًا وظيفيًّا يهدف إلى إيراد المعلومات، وإبلاغ الحقائق بأسلوب دقيق ولغة مشرقة، بل يمثل صناعة إعلامية راهنة ناتجة عن مساهمة بعض الإعلاميين والمذيعين بجعل برامجهم منابر للتعبير عن آرائهم الشخصية وأحيانا الحزبية، وتجييش الرأي العام ضد فئة بعينها".

ولفت النظر: "وهذا فيه مخالفة واضحة لأخلاقيات المهنة الأمر الذي تجلى في عدم نجاح وسائل إعلام في تبني خطاب إعلامي دقيق وموضوعي، يقدم مقارنة عالية الكفاءة والجودة، لمعالجة انعكاسات الوباء الصحية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية".

وشدد رئيس مركز "شاهد" على ضرورة أن تعيد وسائل الإعلام المحلية التفكير في اختيار مذيعيها وضيوف برامجها ممن يقدمون خطابًا إعلاميًّا سطحيًّا، إضافة إلى نشر المعلومات الصحيحة والاحتكام لمنظمة الصحة العالمية والمصادر العلمية المتخصصة والموثوقة.

ودعا إلى "خلق" خطاب إعلامي يراعي الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية لمهنة الصحافة، بحيث يكون خطابا إعلاميا بعيدا عن الزيف والتهويل والتضليل للحدث وتداعياته وصداه على المجتمع.

كلمات دلالية