يوم القدس العالمي والفرص الجديدة للمجتمعات الإسلامية في الدفاع عن فلسطين

الساعة 06:37 م|20 مايو 2020

فلسطين اليوم

مرة أخرى جاء يوم القدس العالمي؛ وفي الوقت الذي تنشغل فيه معظم المجتمعات الإسلامية بمكافحة جائحة كورونا، فإن يوم القدس العالمي يدعو المجتمعات الإسلامية إلى التضامن والتفاهم وعدم تجاهل القضايا الأساسية للأمة الإسلامية.

يوم القدس العالمي، وإلى جانب مناسبات مثل ذكرى النكبة أو یوم الأرض؛ يُعتبر فرصة استثنائية للتأكيد على المصير المشترك في طريق المقاومة.

نعيش الآن في وضع يعتبره نظام الاحتلال الإسرائيلي عصرًا ذهبيًا لتوسعه، فدعم الولايات المُتحدة النادر أو غير المسبوق بقيادة ترامب لتوسيع عملية الاحتلال بقيادة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ناهيك عن الدعاية وتطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية وتل أبيب، والتي تم كشفها وظهرت للعلن مع الكشف عن صفقة القرن؛ هذان الموضوعان وضعا من مصير فلسطين كأكبر قضية للأمة الإسلامية بوضعٍ غير مسبوق لدرجة أننا نتحدث الآن عن احتلال أراضي الضفة الغربية! حيث وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الفترة بأنها واحدة من أفضل الفترات في العلاقات بين بعض العواصم العربية والإسلامية مع تل أبيب.

أكثر من سبعين عامًا مرّت على يوم النكبة، وفي مراجعة لأعمال الاحتلال الإسرائيلي يظهر أن عمليّة توسع الصهاينة وقضمهم للأراضي بأنّها عملية غير مُتوقفة أو لا يُمكن إيقافها، وفي كل مرحلة تظهر لها أبعاد جديدة، ولن تتوقف عمليات التوسعة هذه مالم يُقاوم ويدافع الشعب الفلسطيني عن نفسه.

والمثير للدهشة أن كيان الاحتلال ومن خلفه الدول الكبرى التي تحميه كانوا على استعداد لإحباط وتجاهل جهود القادة الفلسطينيين من أجل السلام، واليوم نرى في قضية غور الأردن كيف أن أمن دولة عربية مجاورة وملتزم بالأمن مع إسرائيل كما في حالة الأردن، غير أنّهم يقومون بتهديدها.

عامًا بعد آخر؛ وبجذوره وهويته الإسلامية العميقة؛ بات يَعِد يوم القدس العالمي بتجديد الحلول ومبادرات المجتمعات الإسلامية تجاه القضية الفلسطينية.

وهنا اقتبس من الإمام الخميني ما يلي: "الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك هي يوم القدس، وفي العشر الأخير من رمضان على الأرجح هي ليلة القدر.. يوم القدس التالي لليلة القدر، يجب إحياءه بين المسلمين، ليكون مصدرًا ليقظة ووعي المسلمين".

وبعبارة أخرى؛ فإنّ يوم القدس العالمي وبسبب ارتباطه بأهم مناسبة إسلامية؛ فإنّ إحياء ذكراه تُعتبر عابرة للمذهبية والطائفية لأتباع جميع المذاهب الإسلامية، كما يمكن أن يكون وفي كلِّ عامٍ بداية للتفكير والتأمل في التحديات الكبرى للمسلمين.

هذا العام، وبسبب المتطلبات والقيود وعمليات الرعاية التي تسببها فايروس كورنا، فإنّ أهم مظاهر وتجليات يوم القدس العالمي هو المظاهرات والمسيرات التي تُقام في مدن مختلفة من العالم، غير أنّ هذا غير ممكن الآن، ولكن في المقابل، يمكن ليوم القدس أنّ يمهد الطريق لفرص جديدة ولمزيد من التماسك في مجتمعاتنا الإسلامية.

في الحقيقة فحتى بين الشعب الإيران والشعب الفلسطيني، هناك القليل من التواصل والحوار، وقد لا يكون لدى الشعبين المعرفة الكافية ببعضهم البعض، اليوم وفي ظل وجود فايروس كورونا وتطور استخدامات التواصل الإنساني في الفضاء الإلكتروني، فإنّه يخلق فرصًا جديدة للدول المؤيدة للحق الفلسطيني والتي لا ينبغي الاستهانة بها، قبل سنوات من الثورة الإسلامية في إيران، تم إنشاء أول صندوق من نوعه لدعم الشعب الفلسطيني في الشرق الأوسط وذلك من قبل مجموعة من علماء الدين الإيرانيين البارزين في مشهد وقم وطهران، في الوقت الذي عاض فيه نظام الشاه وجهاز مخابرات المُرتبط بالموساد الإسرائيلي هذا المشروع،  اليوم قد لا نكون على علم بالمبادرات السابقة؛ لكننا بحاجة كبيرة إلى جيل جديد من تلك المبادرات.

لدينا الكثير من القضايا التي يجب التفكير فيها ومشاركتها مع بعضنا البعض، وتمتد هذه القضايا من قضايا حقوق الإنسان إلى بحث الحلول الممكنة لقضية القدس والأقصى.

القضية الفلسطينية كانت دائمًا واحدة من الموضوعات الرئيسية التي تثير قلق نشطاء حقوق الإنسان حول العالم، غير أنّ الشعب الإيراني قد يكون الشعب الوحيد في العالم الذي فُرضت عليه عقوبات غير مسبوقة بسبب موقفه من فلسطين ودعمه للمقاومة في المنطقة.

وبطبيعة الحال، فإن الارتباط الأكبر والأكثر مباشرة بين النخب والمثقفين والناشطين وشعوب الدول الإسلامية بالشعب الفلسطيني يزيد من دوافع الأمم في المثابرة والتعاطف مع الفلسطينيين، ومن المهم جدا أن يفهم الشعب الفلسطيني صدق وقلق الشعب الإيراني، وربما الآن في عهد كورونا، فإنّ أرضية هذا الفهم مُتاحة أكثر من أيِّ وقتٍ مضى.

من أجل حل القضيّة الفلسطينية؛ هناك حلول ومقترحات مختلفة للقضية الفلسطينية، ويمكن أن تكون هذه الحلول والمقترحات مجالًا للنقاش والتوافق بين المجتمعات الإسلامية والشعب الفلسطيني، وهنا لا بُدّ من التأكيد على أنّ إيران قد شددت على سبيل المثال، مراراً وتكراراً على ضرورة إجراء استفتاء على السكان الرئيسيين للأراضي الفلسطينية كمبادرة دولية.

لا ينبغي أن ننسى أن اليوم العالمي للقدس قد تم إطلاقه وبشكلٍ أساسي بعد أن تمّ عزل المجتمعات المسلمة وأخذ روح المُبادرة منها في مواجهة النظام الإسرائيلي والقوى الداعمة له، والآن لا يجب السماح لهذا النظام وداعميه بإضعاف عوامل قوة وهوية العالم الإسلامي.

لأكثر من 40 عامًا؛ تمكن اليوم العالمي للقدس من التأثير حتى على الجغرافيا السياسية والمعادلات السياسية في الشرق الأوسط، وإنشاء مركز يسمى محور المقاومة، والذي أصبح عنصرًا أساسيًا في العمليات الإقليمية ولا يمكن لأي شخص تجاهله، لذا؛ يجب تحويل يوم القدس العالمي إلى فرصة لخلق وتجديد القوّة والمبادرة بين الدول التي تؤمن بالقضية الفلسطينية.

هذا المقال هو جزء من عمل مشترك بين وسائل الإعلام الفلسطينية والإيرانية احياءً ليوم القدس العالمي

كلمات دلالية