خبر أستاذ القانون الدولي اريك ديفيد: فلسطين تلبي شروط تقديم الشكاوى إلى محكمة الجزاء

الساعة 05:15 ص|21 فبراير 2009

فلسطين اليوم-الحياة اللندنية

يعتقد أستاذ القانون الدولي اريك ديفيد في أحقية أن يقدم الفلسطينيون شكواهم ضد اسرائيل إلى القضاء الدولي والمطالبة بالتحقيق في اتهامات بارتكاب قوات الاحتلال جرائم ضد الإنسانية وجرائم ترويع السكان المدنيين خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة. ويقول ان فلسطين تتمتع بصفة الدولة بعدما نالت اعتراف أكثر من 90 بلداً، كما انها تمارس صلاحياتها داخل المنظمات الإقليمية مثل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة عدم الانحياز «ولا يغير واقع الاحتلال من مبدأ قيام الدولة الفلسطينية منذ إعلانها عام 1988، لكنه يعيق تنفيذ سلطتها»، مشيرا الى ان الاحتلال العراقي لم يلغ دولة الكويت عام 1991 رغم اضطرار الحكومة الكويتية إلى اللجوء خارج البلاد.

 

وتقيم دولة فلسطين علاقات ديبلوماسية مع أكثر من نصف أعضاء المجموعة الدولية، كما أبرمت اتفاقات تعاون مع الكثير من الدول. في المقابل، فهي تصطدم برفض الاحتلال وتشكيك العديد من الأطراف. وكانت دولة فلسطين طلبت الانخراط في معاهدات جنيف والبرتوكولين الإضافيين في 21 حزيران (يونيو) عام 1989، والتي توجد في عهدة سويسرا، لكنها فوجئت برد سلبي من الأخيرة، اذ اعتبرت الكونفيديرالية السويسرية في بيان رسمي في 13 ايلول (سبتمبر) عام 1989، فلسطين كيانا لا يحظى بصفة الدولة. واستندت في بيانها إلى ما أسمته «غموض موقف المجموعة الدولية إزاء وجود الدولة الفلسطينية».

 

 وعقب أستاذ القانون الدولي في كل من بروكسيل وجنيف بأن الحكومة السويسرية «انتهكت صفة الحياد التي يتوجب على بلد المقر أو بلد العهدة التزامه، وكان عليها تسلم توقيع دولة فلسطين المعاهدة الدولية وتعميمه على الدول الأعضاء مثلما يتوجب عليها تعميم أي رد فعل قد يثيره انخراط فلسطين في عضوية المعاهدة». وكان ديفيد رافع في قضايا «لوكربي» وخلاف البحرين وقطر أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، وكذلك في قضية حصانة الوزير الكونغولي اريدويا، اذ طالبت بلجيكا بمحاكمته لاحتمال ضلوعه في جرائم إبادة في شرق الكونغو الديموقراطية.

 

ويمثَل كل من منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية في المحافل الدولية، ويوقع كل منهما الاتفاقات والمعاهدات. ويستنتج أستاذ القانون الدولي أن توافر شرط الدولة واعتراف السلطة بصلاحيات محكمة الجزاء الدولية في لاهاي، يؤهلان الأخيرة تقديم الالتماس إلى مكتب المدعي العام لويس مورينو أوكامبو في الأسابيع الماضية من أجل طلب المساعدة والنظر في إمكان أن يتولى محققون دوليون التثبت في الاتهامات المنسوبة إلى القوات الإسرائيلية خلال أسابيع استهداف قطاع غزة وإصابة المئات من المدنيين وملاذات المدنيين ومقرات هيئات الإغاثة ومنها المدارس والمستشفيات.

 

وقال مصدر ديبلوماسي لـ «الحياة» ان الجانب الفلسطيني ينتظر الآن تحليل مكتب الإدعاء العام الوثائق التي قدمها ممثلو السلطة في غضون الأسبوعين الماضيين، اذ «سيتثبت من وجود الدولة الفلسطينية واعترافها بشرعية المحكمة والدلائل القانونية الأولى عن طبيعة الاتهامات والجرائم المنسوبة إلى قوات الاحتلال»، وذلك قبل أن يتخذ القرار، سواء بطلب معلومات إضافية من الطرف المدعي، أو الاكتفاء بما عرض عليه.

 

ويرى أستاذ القانون الدولي خيارين، يتمثل الأول في افتراض أن «يجد اوكامبو أسسا كافية لفتح التحقيق، فيأمر بذلك بعد إخطار الغرفة التمهيدية في محكمة الجزاء الدولية»، فيما يتمثل الخيار الثاني في إمكان أن يعرض اوكامبو المشكلة على الغرفة التمهيدية والتحرك لاحقا وفق مشورتها. ويضيف انه في حال رفض المدعي العام طلب التحقيق في الجرائم المنسوبة إلى قوات الاحتلال في الحرب الأخيرة على غزة، فيتوجب عليه تقديم الأدلة القانونية المقنعة بانعدام الحاجة الى التحقيق. ويعد هذا الخيار أصعب الافتراضات بالنظر إلى حجم الدمار والأذى الذي أصاب السكان المدنيين.

 

وتبقى مسألة استقلال القضاء الدولي وافتراضات خضوعه لتأثيرات السياسة الدولية ودور مجلس الأمن. ويقول أستاذ القانون الدولي بأن «محكمة الجزاء الدولية مستقلة تماما وليست تابعة إلى منظمة الأمم المتحدة، ولا ترتبط بأي جهة دولية، وتختلف تماما عن محكمة العدل الدولية التي تعد ضمن مؤسسات الأمم المتحدة.

 

ويرى ان الأكيد اليوم أن موقف المحكمة من طلب التحقيق في جرائم الحرب على غزة سيكون اختبارا حاسما بالنسبة الى صدقية مكتب المدعي العام الدولي خصوصا، ومحكمة الجزاء الدولية عموما، ففي حال رفض المدعي العام التحقيق في الجرائم التي ارتكبت في غزة بدوافع غير معروفة الآن، فانه قد يجد نفسه وحيدا في المطالبة باستحضار الرئيس عمر البشير والمتهمين السودانيين الآخرين، ومن هذا المنطلق الأخلاقي، سيكون من الصعب عليه رفض طلب التحقيق في جرائم الحرب على غزة.