كتب: د. عمر شعبان مدير مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية
كتبت قبل أسابيع أن العالم لن يستطيع احتمال هذا الشلل الذي أصاب الاقتصاد في معظم أعضائه، وسيبحث جدياً عن الانتقال من حالة الجمود والانعزال والتوقف بسبب الكورونا إلى مرحلة التعايش معه.
انهيار أسعار النفط لما تحت الصفر بكثير طبيعي ومتوقع، مثل هذا الانهيار يحدث عندما يتضخم المعروض مقابل تراجع الطلب بشكل حاد.
الطلب على النفط تراجع بشكل كبير جدا في الشهور الثلاث الماضية بسبب توقف عجلة الانتاج ووسائل المواصلات والسياحة والتنقل والمصانع والسيارات وغيرها من الأنشطة، في حين أن آبار النفط لا يمكن لها أن تتوقف بطبيعتها وإرتفاع تكلفة التوقف، لذا فقد واصلت الانتاج على أمل ان تعود الحياة لطبيعتها سريعا. امتلت المخازن و البواخر بالنفط الذي لم يجد من يشتريه ( حالة كساد شديد ).
المنتج يسعى أن يتصرف به كي يخفف عن نفسه تكلفة التخزين سواء في المخازن أو في البواخر. يحدث كثيرا أن تعرض سلعة للبيع بسعر بخس جدا او بخسارة كي تتخلص من تكلفة الاحتفاظ بها.
من مصلحة الدول المستهلكة للنفط أن تشتري كميات كبيرة للتوريد عاجلا او آجلا بما تسمح به قدراتها التخزينية. هذا الانخفاض الهائل في اسعار النفط سيقلل من تكلفة إنتاج آلاف السلع لاحقا.
انهيار أسعار النفط يؤكد خطورة الاعتماد على إنتاج النفط وتصديره فقط. تنويع مصادر الايرادات ضرورة لتجنب مثل هذه الصدمات. الدول المنتجة للنفط والتي تعتمد موازناتها العامة بنسبة كبيرة على إيرادات بيع النفط والتي انتهجت انماط استهلاكية ترفيه و غير إنتاجية ستتعرض إلى أزمات مالية كبيرة وسيتضخم العجز في موازناتها. سيصيب ميزانها التجاري خلل كبير بسبب اتساع الهوة بين بنود الاستيراد و التصدير.
لن يكون بمقدور الدول النفطية الصرف بسخاء كما كان الحال دائما، ستخفض بشكل كبير من مساهماتها في موازنات المؤسسات الدولية والاممية أو الصرف على تدخلاتها الخارجية الحربية منها والانسانية أيضا.
بعض الحروب ستتوقف او تنخفض وتيرتها بسبب توقف الصرف عليها. الانفاق على شراء السلاح سينخفض كثيرا. مواطني هذه الدول عليهم ان يشدوا الحزام من الان بسبب التقشف الذي ستطبقه عليهم حكوماتهم.
صدمة انهيار أسعار النفط ستدفع بالدول المتضررة للخروج السريع من أزمة الكورونا.