خبر افكار حول الانهيار.. هارتس

الساعة 09:15 ص|17 فبراير 2009

بقلم: اسحق ليئور

جرت العادة على تذكير نتنياهو بخطيئة واحدة:- شق نفق المبكى في عام 1996. الا انهم في هذا السياق لا يتذكرون له حقيقة انه لم يحول هذه المجابهة الى حمام دم. الحدث كلف الاهالي الثكلى من الجانبين ثمنا لا يعوض ومع ذلك لم يتحول الى عملية اخرى تتمخض عن مئات القتلى وآلاف الجرحى وعشرات الاف اللاجئين.

بعد "نفق الحشمونيين" باربع سنوات وفي خريف (2000) استغل ايهود باراك ملاك السلام اليساري – الذي وصل للحكم في تصويت يساري قوي حتى يتغلب على نتنياهو "محب الحروب" – خطوة اريئيل شارون الاستفزازي في جبل الهيكل (الحرب الشريف). باراك امر الجيش باشهار خطته المعدة مسبقا وقمع ما تحول الى انتفاضة ثانية.

النصف مليون رصاصة التي اطلقت في الاشهر الاولى من الانتفاضة من قبل موجة العمليات ايضا خرجت من فوهات البنادق بامر من حكومة اليسار واتباع هذا اليسار في الشارع والعالم الاكاديمي والادبي، واصلوا تأييد باراك وحربه. حينئذ بدأ اليسار الصهيوني في التهاوي. هذا هو الموقع الذي ينبع منه القلق العميق من الايام القادمة. كل الحروب التي تضمنت قتل السكان المدنيين رمت للبرهنة للراي العام بأن "المعتدلين" ايضا يعرفون كيف "يخوزقونهم" ومنذ ذلك الحين نصب اليمين على رأس التحريض للحرب وقطف ثمار القصف الجوي للتجمعات السكانية ودكها بالمدفعية عبر صناديق الاقتراع.

حرب لبنان الاولى تمخضت عن خوف قادة الليكود من معارضة اليسار للحرب. ولكن بصورة تبعث على السخرية، كان اكبر انجاز للمقاومة الشعبية لهذه الحرب اعطاء احتكار شن "العمليات" للوسط – يسار وحدها فترة نتنياهو هي التي لم تشهد شن عمليات اسرائيلية على القرى والمدن مع ما يترتب عليها من قتل ودمار – مثل عملية "حساب وعقاب" في 1993 "وعناقيد الغضب" في 1996 وحرب لبنان الثانية (2006) و "الرصاص المصهور" مؤخرا. كلها حروب حكومات الوسط – يسار.

لا حاجة لقلق نتنياهو من الشارع المناهض للحرب. لم تعد "السلام الان" و "هناك حدود" او "الجرأة على الرفض"، تتربص به خلف الزاوية وانما افيغدور ليبرمان. من الممكن فقط تخيله وهو في حالة ضغط لاضطراره للبرهنة على انه القائد العنصري ولحركته بأن "قائد قوي" تجاه الخارج – اي في ظل كل حالة عدم هدوء في المناطق المحتلة المحاصرة والمشرذمة والجائعة، ونحو الداخل – في المناطق التي يقطنها مواطنو الدولة العرب الذي يرزحون تحت التفرقة والاكثر فقرا وتنفيرا وبطالة والذين اصبحوا الان كيس اللكمات لقائد فاشي وجوقة الدمى الغريبة التي يحركها.

لذلك من يقترح على حزب العمل التوجه نحو المعارضة ويقصد ان يذهب لمعارضة على طريقة ميرتس – اي القليل من التصويت ضد، والبعض من الصراخ، وبعض السلوك البناء – لا يفهم ما هي المعارضة في دولة اصبحت اراقة الدماء فيها مسألة دورة تكرارية وجيشها هو الذي يحدد السياسة وجدول الاعمال الوطني بينما يتبوأ وسطها السياسي اشخاص مثل شاؤول مفاز وآفي دختر وتساحي هنبغي وغيرهم من "المعتدلين" الذين انتخبوا باصوات المعارضة اليسارية الحائرة والمتلاشية.

المعارضة تبنى اولا في الشارع وليس عبر مهرجان الانتخابات الذي يقوم رؤوبين ادلر بصياغة برامجه السياسية والوطنية. ومهما كانت تشكيلة المعارضة القادمة فدور اليسار سيتلخص في الخروج للشوارع وليس في النظر للانتخابات القادمة.