48 ساعة على الانتخابات الثالثة "الإسرائيلية".. هل ستنجح؟

الساعة 09:41 ص|29 فبراير 2020

فلسطين اليوم

للمرة الثالثة على التوالي، "إسرائيل" على موعد مع فتح صناديق الاقتراع، حيث تبقى للناخب 48 ساعة، ليصوت للمرة الثالثة خلال 11 شهراً، وسط تقديرات تشير إلى ارتفاع احتمالات الذهاب إلى جولة انتخابات رابعة، في سبتمبر/ أيلول المقبل.

سيناريو الانتخابات المتكررة، وعدم الحسم، هو تحقق لتحذير كان قد أطلقه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بعيد انتخابات التاسع من إبريل/ نيسان في العام الماضي، من أن عدم الوصول إلى نتائج حاسمة يعني جر إسرائيل إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي، وأن تتحول إسرائيل إلى نسخة من إيطاليا.

هذا التحذير الذي أطلقه نتنياهو يفسر عملياً كل ما يحدث في إسرائيل، لكنه يحدث بالذات بسبب نتنياهو نفسه، الذي جر إسرائيل إلى الانتخابات العامة، أول مرة عند حل الحكومة السابقة في ديسمبر/ كانون الأول 2018، على أمل تحقيق انتصار انتخابي يتيح له ائتلافاً حكومياً مرناً يمكّنه من سن قانون لا يجيز محاكمة رئيس الحكومة ما دام يشغل منصبه، وهو المعروف في إسرائيل بـ"القانون الفرنسي".

ومع بقاء يومين يفصلان عن الانتخابات العامة، التي يفترض أن تجري بعد غد، الإثنين، إلا أن هذا الوقت يمكن له أن يحمل مفاجآت كثيرة من شأنها أن تخدم نتنياهو في سعيه لكسب المزيد من الأصوات، بما يقربه من الهدف الرئيسي، وهو خروج "الليكود" باعتباره الحزب الأكبر، ووصول معسكر اليمين الذي يقوده إلى 61 مقعداً من أصل 120 مقعداً في الكنيست الإسرائيلي.

وحمل الأسبوع الأخير عملياً بوادر تحول في القوة الانتخابية التي تتوقعها الاستطلاعات لحزب "الليكود"، تمثّلت بثلاثة استطلاعات، أقرت أمس بأن نتنياهو ومعسكر اليمين الذي يقوده يقترب من تحقيق الهدف، إذ يرتفع عدد مقاعد معسكره إلى 58، بينما لا يغادر خصمه الجنرال بني غانتس رئيس حزب "كاحول لفان"، والكتلة المؤيدة له، تحالف حزب "العمل غيشر"، وحتى مقاعد حزب "يسرائيل بيتينو" بقيادة أفيغدور ليبرمان، 50 مقعداً.

فيما تبقى القائمة المشتركة للأحزاب العربية بين 13-14 مقعداً، خارج الحكومة وخارج أي ائتلاف، بل حتى خارج حسابات التوصية على تكليف غانتس بتشكيل حكومة خالصة، بعد إعلان غانتس تأييده ضم غور الأردن و"صفقة القرن"، بموازاة التصريحات العنصرية والتحريضية التي خرجت عن أقطاب حزبه ضد القائمة المشتركة للأحزاب العربية واتهام نوابها بدعم "الإرهاب".

وقد تمكّن نتنياهو خلال الأسبوع الأخير، وبالذات بعدما أظهر خصمه غانتس تأييداً لـ"صفقة القرن"، من كسر "هالة" نظافة الكف التي جعلها حزب خصمه شعاراً وسبباً لعدم الدخول في حكومة وحدة وطنية مع "الليكود"، بقيادة نتنياهو، من خلال استغلال إعلان القائم بأعمال المدعي العام قراره بالتحقيق في تورط شركة ستارت أب كان يديرها غانتس، وتدعى "البعد الخامس"، في ملابسات غير قانونية في الحصول على تعاقد مع الشرطة الإسرائيلية، بمبلغ إجمالي يصل إلى 50 مليون شيقل، من جهة، ونشر تسريبات تظهر الرجل الرابع في حزب "كاحول لفان"، رئيس الأركان السابق غابي أشكنازي، كمن أخفى حقيقة علمه بوثيقة تتصل بفضيحة، تعرف بفضيحة "وثيقة هرباز"، بشأن محاولات لتحسين فرص انتخاب الجنرال احتياط يوآف غالانت رئيساً للأركان (أصبح لاحقاً وزيراً في حكومة نتنياهو).

ومكن هذان الأمران نتنياهو، بالإضافة إلى إعلان "صفقة القرن"، من أن يخفي كلياً من المعركة الانتخابية ملفه الجنائي، وحقيقة أنه سيمثل أمام المحكمة في أول جلسة رسمية لها في 17 مارس/ آذار المقبل.

لكن السمة الأبرز لهذه المعركة الانتخابية، كانت تكريس التحريض العنصري ضد العرب الفلسطينيين في الداخل وقائمتهم الانتخابية، ونزع الشرعية عن أي دور لهم في الحياة السياسية يتعدى مقاعد المعارضة.

وعلى مدار المعركة الانتخابية الحالية، رفع نتنياهو شعار أن غانتس لن يتمكن من تشكيل حكومة من دون القائمة المشتركة، وأن الأخيرة لن تسمح له ولن تقبل بأن ينفذ غانتس "صفقة القرن".

هذان العاملان في الدعاية الانتخابية ضد غانتس، كانا سببين أساسيين على ما يبدو في التحول الذي سجلته الاستطلاعات الإسرائيلية الأخيرة، والتي تمكن فيها نتنياهو من تقليص الفارق بين حزبه وبين "كاحول لفان" في عدد المقاعد، وصولاً إلى تفوقه، وفق استطلاعات الأمس، على "كاحول لفان" بمقعد، بحسب بعض الاستطلاعات.

لكن مع تثبت اقتراب معسكر اليمين من 57-58 مقعداً، وبث روح التفاؤل في معسكره من خلال حملة دعاية إيجابية، بدلاً من الحملات الدعائية له في الانتخابات منذ المعركة الانتخابية للعام 2015 عندما دعا أنصار اليمين إلى الخروج للتصويت، وإنقاذ حكم اليمين لأن جمعيات اليسار تنقل المصوتين العرب إلى مراكز الاقتراع وأن العرب يتدفقون بكثافة على صناديق الاقتراع. وقد استعاض نتنياهو، خلال حملته الانتخابية الحالية، عن هذا التحريض بتحريض لا يقل عندما كرس تصوير الأحزاب العربية للقائمة المشتركة بأنها مؤيدة للإرهاب، وأنه لا يمكن لغانتس تشكيل حكومة من دونها.

بموازاة ذلك، عمل نتنياهو بشكل دعائي مكثف أيضاً لضرب حزب التيار الديني الصهيوني "يمينا"، بقيادة نفتالي بينت، مشككاً، أمام جمهور هذا الحزب بالذات، في مستوطنة كريات أربع، يوم الأحد الماضي، بأنه لا يمكن الاعتماد على ولاء بينت وإيليت شاكيد، وأن من شأن الاثنين الفرار إلى معسكر غانتس والانضمام لحكومة بقيادة غانتس وليبرمان.

لكن على الرغم من الثمار التي أتت بها هذه الحملة، إلا أن موازين القوى في الخريطة الحزبية حتى الآن، تشير إلى استمرار حالة الجمود، وتعثر أي إمكانية لتشكيل حكومة ائتلاف بقيادة أي من الحزبين الكبيرين، وهو ما يجعل اليومين المتبقيين مصيريين لجهة محاولة رفع نسبة التصويت العامة في إسرائيل، على الرغم مما ترصده الاستطلاعات من حالات اليأس والإرهاق من الجمود السياسي وعدم تشكيل حكومة، بعد معركتين انتخابيتين متتاليتين.

مع ذلك فإن نتنياهو يبدي، خلافاً لغانتس، تصميماً أكبر في قيادة الحملة الانتخابية، لجهة تشجيع أعضاء "الليكود"، وناخبين لم يشاركوا في الانتخابات في سبتمبر الماضي، إلى جلب أصدقاء لهم لصناديق الاقتراع ورفع نسبة التصويت، مدعياً أنه في حال استعاد "الليكود" أصوات نحو 250 ألفاً صوتوا للحزب في الماضي، لكنهم امتنعوا عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة، فإن ذلك سيحقق الهدف المنشود بالوصول إلى 61 مقعداً.

في المقابل، فإن سياسة التحريض التي اتبعها نتنياهو ضد الناخبين العرب في الداخل، وانضمام غانتس إلى التحريض هو الآخر على القائمة المشتركة وبعض نوابها، ولا سيما النائبة هبة يزبك واتهامها بدعم الإرهاب، خلقت رد فعل مضاد في صفوف المجتمع الفلسطيني، لجهة الاتجاه لرفع نسبة المشاركة في الانتخابات والتصويت للقائمة المشتركة، بغية تحقيق هدف رفع عدد أعضاء القائمة المشتركة من 13 إلى 15 مقعداً على الأقل، على الرغم من أن الاستطلاعات تشير إلى أن قوة القائمة المشتركة تراوح ما بين 13 و14 مقعداً فقط، وأن الناخبين الفلسطينيين في الداخل يشكلون 17 في المائة من مجمل أصحاب حق الاقتراع.

وتحاول القائمة المشتركة للأحزاب العربية (التي تستفيد في هذه المعركة الانتخابية أيضاً من تبرعات مالية قدمتها منظمات يهودية أميركية ليبرالية مناهضة لنتنياهو لجمعيات المجتمع المدني في الداخل الفلسطيني لرفع نسبة المشاركة في الانتخابات)، كسر نداءات داخلية للمقاطعة وجهتها حركات عربية في الداخل، من جهة، وتشجيع التصويت، من جهة ثانية، لتعزيز قوة القائمة المشتركة، باعتبار أن ذلك سينعكس بشكل إيجابي بالضرورة على أوضاع الفلسطينيين في الداخل ويمكنهم من مواجهة العنصرية والفاشية في إسرائيل.

كلمات دلالية