خبر كل شيء الا القنبلة.. هارتس

الساعة 09:56 ص|15 فبراير 2009

بقلم: جدعون ليفي

عما قريب سيدخل الى ديوان رئيس الوزراء على ما يبدو سياسي كرس جزءا من وقته السياسي لحملة تخويف من ايران. بنيامين نتنياهو، "مستر ارهاب" سابقا، هو الان "مستر ايران"، الذي قال: "لن يكون لدى ايران سلاح نووي". رغم طابع هذا التصريح المتعجرف، يحدون الامل بان يتحقق وعده، ولكن ان كان ذلك يعني ان اسرائيل في ظله قد تتورط في هجمة على ايران – فحينئذ هناك يمكن الخوف الشديد. يتوجب ان نقول لنتنياهو من الان كل شيء الا القنبلة. اسحب يديك (وايادينا) عن اي تفكير بالخيار العسكري.

الاسرائيليون اعتادوا الحكم على ايران فقط من خلال تهديدات رئيسها، محمد احمدي نجاد. حتى ان كان هذا التوجه مبررا جزئيا، فما زالت تلك حملة لتشويه الصورة. تماما مثلما يمكن القول ان اسرائيل ليست كلها افيغدور ليبرمان، الذي يعتبر هو ايضا مثيرا للفزع بدرجة غير بسيطة. وايران في المقابل هي الاخرى ليست كلها احمدي نجاد، رغم انه رئيسها. يتوجب ان نقرأ الان سلسلة المقالات التي كتبها الصحفي الامريكي المرموق روجر كوهين في نيويورك تايمز، الذي يزور ايران حتى يعرف بالضبط ما الذي يحدث هناك. كوهين اختتم مقالاته الاخيرة بالكلمات التالية: "يا امريكا فكري مرة اخرى بايران". خلال نقاش في الاذاعة في الولايات المتحدة شاركنا فيه نحن الاثنين، حاول كوهين التوضيح من طهران، بان القيادة في ايران ليست مجنونة، ربما هي متطرفة الا انها ليست بلا عقل. كوهين الذي لا يشتبه بانه من باغضي اسرائيل، وجد في ايران مجتمعا مركبا متنوعا اكثر مما اعتادوا وصفه في امريكا واسرائيل. هو ايضا يعتقد ان تفكير مهاجمة ايران هو عمل اخرق.

ليست الولايات المتحدة وحدها على عتبة التغيير الان – بل ايران ايضا. امريكا بعد الانتخابات، وايران قبلها، ومن كلا البلدين تتصاعد اصوات جديدة مشجعة. براك اوباما تجنب توجيه التهديدات لايران في خطاباته الاخيرة، واحمدي نجاد قال ردا على ذلك بانه يقترح "اجراء مباحثات على اساس الاحترام المتبادل". هذه اخبار جيدة لا مثيل لها. هي قادرة على انتزاع الخطر اكثر مما تستطيعه اية قنبلة.

يتوجب الان اعطاء فرصة حقيقية لرياح الجديدة التي تهب بين واشنطن وطهران، وتجنب اشعال الاجواء من خلال تصريحات حربجية عنيفة باي شكل من الاشكال. يتوجب المسارعة الى ادخال طبول الطم – طم الاسرائيلية الى المخازن. على نتنياهو وليبرمان ان ينسيا خطابهما الحماسي النمطي، من قبل ان تثير امتعاظا مبررا في واشنطن ايضا. من المعتقد ان الاتصالات الدبلوماسية ستؤجل وصول ايران الى الذرة، ولكن حتى لو لم تفعل، فمن الافضل لاسرائيل ان تبدأ في الاعتياد على فكرة امكانية انضمام ايران الى النادي النووي الذي تشارك في عضويته، وفقا للتقارير الاجنبية، مع الهند وباكستان وعددا غير قليل من الدول الاخرى. لدى اسرائيل وامريكا سبلا لاخافة ايران ، حتى لو كانت معها القنبلة.

الامر الذي يفوق ذلك اهمية هو ان اسرائيل ستتوب اخيرا من الحالة المزاجية التي تعتقد ان كل شيء قابل للحل من خلال استخدام القوة، وانها شرطي الشرق الاوسط، ان لم نقل الازعر. حماس ليست لطيفة؟ نسقطها بالقوة، العراق والسوريون يمتلكون مفاعلات نووية؟ نقوم بقصفها. عماد مغنية خطير؟ فلتتم تصفيته!.

هذا النهج يمكن ان ينجح بين حين واخر، ولكنه قد ينتهي بمصيبة خصوصا ان تعلق الامر بايران. عندما سئل احد مؤيدي العملية العسكرية ضد ايران في اسرائيل؟ ما الذي سيحدث عندما تعود ايران للتسلح، رد قائلا: سنقصفها مرة اخرى. قنبلة كل اربع – خمس سنوات؟ هذه سياسة خطيرة من قبل دولة حديثة العهد تحاول الانخراط في المحيط من حولها، بدلا من العيش على اسنة الرماح والاحتلال والتهديدات. ليس كل ما يحدث في الشرق الاوسط ملائما ومرضيا لاسرائيل، فالمنطقة بالفعل تنطوي على مخاطر بالنسبة لها، ولكن ليس بمقدورها ان تغير كل شيء بواسطة جيشها. يتوجب ابعاد المخاطر، ولكن ليس بالقوة دائما. حتى ايران الشيطانية في نظرنا كانت خطيرة بدرجة لا تقل عما هي عليه الان لو تم التوصل الى تسوية سلمية مع سوريا ومع الفلسطينيين الامر الذي يفرغ تهديداتها من مضمونها. هذا الامر كان سيضمن قدرا اكبر من الامن ايضا من ناحية طهران وبدرجة تفوق انتاج قنبلة اخرى.

ان دخل نتنياهو فعلا الى ديوان رئاسة الوزراء، سيكون عليه ان ينسى تهديدات الماضي. وبدلا من ذلك عليه ان يسارع الى ارسال رسالة الى رئيس الولايات المتحدة: فلتتفضل وتتفاوض مع ايران، من اجل امن اسرائيل والعالم. او كما قال روجر كوهين: "يا اسرائيل فكري مرة اخرى بايران".