اقتصاديون: الشق الاقتصادي من "صفقة القرن" وهم كبير

الساعة 09:50 م|12 فبراير 2020

فلسطين اليوم

يروج مهندسو المشروع الأمريكي التصفوي للقضية الفلسطينية من خلال ما تسمى "صفقة القرن" والرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، بالتركيز على إحداث انتعاش اقتصادي غير مسبوق للاقتصاد الفلسطيني على حساب الحل السياسي، عبر جذب الاستثمارات العربية والدولية، وإقامة مناطق صناعية وتجارية بمليارات الدولار، في حين يرفض الفلسطينيون تلك الصفقة جملاً وتفصيلاً التي تتضمن التنازل عن حقوق وثوابت مقابل تلك التسهيلات.

وفي الوقت الذي تدعي فيه الولايات المتحدة ، أنها تسعى إلى تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للفلسطينيين، تمنع دولة الاحتلال "الإسرائيلي" تصدير المنتجات الزراعية في الضفة المحتلة للخارج، بالإضافة إلى إعلان سيطرتها على أجزاء واسعة من غور الأردن وشمال البحر الميت باعتبارها "السلة الغذائية"، وهو ما يجعل الاقتصاد الفلسطيني من سوء لأسوأ.

وينظر اختصاصيون اقتصاديون إلى المزاعم الأمريكية على أنها محض كذب وتحايل، وأن اتفاقية باريس الاقتصادية السابقة أثبتت فشلها من تحرر الاقتصاد الفلسطيني المرتبط بالاحتلال، موضحين، أنّ "خطة ترامب" تعكف لإحداث تغيير جدري للاقتصاد الراهن (الهش)، مقابل تنازلات سياسية، وهو ما رفضه الفلسطينيين.

ويرى الخبير الاقتصادي د. معين رجب، "إنّ صفقة ترامب وما حملته من مزاعم لتحسين الأحوال الاقتصادية للفلسطينيين، لا تَمد للواقع بأي صلة، وهو ما أثبته التاريخ في تنصل الاحتلال من وعوده"، واصفًا بنودها بـ"الكذب" و"الوهم".

ويقول رجب في حديث لـ وكالة " فلسطين اليوم"، :"إنّ المساعدات التي يقدمها ترامب البالغة 50 مليار دولار، هي إغراء لقبول الطرف الفلسطيني للخطة التي تريد حجب حقوقهم"، مضيفًا أنّ الخطة تشترط القبول بتنازلات سياسية كبيرة، ما يجعل تحقيقها أمرًا صعبًا.

ويوضح، أنّ حكومة نتنياهو تستغل الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها الفلسطينيين منذُ سنوات، علاوة عن فرض سيطرته الكاملة على الموارد والحدود الفلسطينية، لتمرير مخططاته المدمرة التي تمس القضية والانسان.

ويبين رجب، أنّ الخطوط العريضة للخطة الامريكية منحازة لصالح الكيان الاسرائيلي وأجندته السياسية، عبر فرض عقوبات على وكالة الغوث "الاونروا"، وعلى خزينة السلطة، بالإضافة إلى إلغاء صفة لاجئ وحق العودة.

وفيما يتعلق بالوعودات الاقتصادية، يشير إلى أنّ اتفاقية باريس عام 1994، التي ادعت أنّها ستحرر الاقتصاد الفلسطيني من الاحتلال وتحسن أحوال الفلسطينيين باءت بالفشل، متوقعًا ان "الصفقة ستبوء بالفشل كسابقتها".

وجعا رجب الفلسطينيون إلى عدم التعويل كثيرًا على تلك المؤتمرات والتفاهمات الأمريكية بغطاء المساعدات المالية التشجيعية لإنعاش الاقتصاد، لأنها تسويق لمخططاتهم الهادفة لنزع حقوقهم المسلوبة، التي كفلها القوانين والمواثيق الدولية.

وفيما يتعلق بالإجراءات لمواجهة الصفقة، يطالب رجب، الجهات الرسمية الفلسطينية إلى تبني رؤية اقتصادية شاملة، قادرة على تعزيز صمود المواطنين، وتحسين حياتهم الاقتصادية والاجتماعية.

يشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر في إطار إعلان الحرب على حقوق الفلسطينيين، تخفيض الدعم المالي عن وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا)، في 31 أغسطس 2018، من 365 مليون دولار إلى 125 مليونًا، ومن ثم أوقفها بشكل نهائي.

استغلال للأوضاع الاقتصادية

بدوره، الخبير الاقتصادي محسن رمضان، يقول، :"إنّ صانعي الصفقة استغلوا الأوضاع الاقتصادية المنهمك في البطالة والفقر، والفقر المدقع، والظروف الإنسانية الصعبة ، في تمرير مآلاتهم السياسية، من خلال تقديم مساعدات لإحداث حالة من الانتعاش الاقتصادي".

وأضاف رمضان في حديث لـ " فلسطين اليوم"، "أنّ المساعدات المالية وفق شروط خطة ترامب، موزعة على النحو التالي، 27 مليار دولار للدولة العربية وهي (مصر والأردن، ولبنان)، من أجل توطين اللاجئين الفلسطينيين، إلى جانب تقديم 23 مليار دولار وجزء كبير منها على هيئة قروض ميسرة من قبل القطاع الخاص لجذب الاستثمارات".

ووصف مساعدات ترامب في إعادة إعمار البنية التحتية المنهارة، بأنّها "ذر للرماد في العيون" ووهم كبير لشعب أعزل، لا تزال القوات الإسرائيلية ترتكب حماقات وجرائم بحقه، بالإضافة على أنّه يرفضها قطعًا

وأوضح ، "أنّ تلك المساعدات هي شكل من أشكال الفكرة الليبرالية الجديدة التي تهدف إلى منع عملية الإنتاج وأن يكون الشعوب مستهلكة"، مبينًا أنّ الوعود المقدمة في إنشاء مناطق صناعية وتجارية ستخصم من إجمالي أموال الصفقة، وهو ما يثبت تحايل تلك المساعدات على تقديم تنازلات من اجل القبول.

وبينّ، "أنّ أموال الصفقة ستكون وفق شروط ومعايير محددة وتخضع للوصاية الإسرائيلية كاملاً"، مستدلاً باتفاق أوسلو وباريس الاقتصادية، مطالبًا مغادرة دائرة المفاوضات.

ودعا رمضان، الشعب الفلسطيني والمؤسسات المحلية والرسمية إلى استدارة الاتجاه في العمل من جديد على قاعدة العمل الوطني، واستخدام أوراق القوة واستغلال الموارد الهامة لتحسين الأوضاع الاقتصادية، لمجابه المآلات التي يفرضها ترامب وأعوانه المنحازة للاحتلال.

يُشار إلى أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن بتاريخ 28 يناير الماضي، عن بنود "صفقة القرن" بحضور رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وسفراء الدول العربية وهي (الامارات والبحرين وعمان)، وقوبلت برفض فلسطيني موحد وهو ما أغضب الإدارة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي، وأحرج دول عربية أبدت دعمها وتأييدها للصفقة التصفوية لحقوق الشعب الفلسطيني.

وفي ظل الإصرار الأمريكي بإدارة ترامب على ضرب المؤسسات الدولية وقراراتها بشان الحقوق الفلسطينية، وموقف الشعب الفلسطيني الصلب من الصفقة بشقها الاقتصادي، يجمع الكل الفلسطيني على أن تلك الصفقة سيسقطها الشعب الفلسطيني بما تحمله من إغراءات مالية كسابقتها من المؤامرات على القضية الفلسطينية.

كلمات دلالية