المرابطون في الأقصى وصلوات الفجر..."بروفا" الهبة القادمة- بقلم : راسم عبيدات

الساعة 10:20 ص|26 يناير 2020

فلسطين اليوم

بقلم : راسم عبيدات

صلوات الفجر في الأقصى، التي تأتي في إطار التصدي لمشاريع الاحتلال التي تستهدف السيطرة على القسم الشرقي من المسجد الأقصى، مصلى باب الرحمة ومقبرة باب الرحمة، مروراً بالقصور الأموية الى حائط البراق، الذي غير الاحتلال اسمه مؤخراً الى الحائط الغربي للمسجد الأقصى، ربما تكون " بروفا" جديدة لهبة شعبية مقدسية واسعة تذكر بهبة باب الإسباط التي اقتلعت البوابات الإلكترونية التي وضعها الاحتلال على بوابات الأقصى في 17 تموز 2017 .

الاحتلال بجمعياته التلمودية والتوراتية وحاخاميه يستهدفون مصلى باب الرحمة، من اجل ان يكون لهم موطئ قدم في المسجد الأقصى، الذي هو بكل ساحاته ومصاطبه واسواره وبمساحته المعرفة 144 دونماً، هو مكان مقدس لأتباع الديانة الإسلامية دون غيرهم من اتباع الديانات الأخرى . ربما يريد الاحتلال من خلال محاولة السيطرة على باب الرحمة او منع اعادة فتحه وتحويله الى مصلى، ان يحول الصراع من صراع وجودي وطني سياسي الى صراع ديني، لكي يدول الصراع حول الأقصى وبالتالي يجد له موطئ قدم فيه.

الأقصى له مكانته الدينية والروحانية والتاريخية والإنسانية والوطنية في قلوب كل العرب والمسلمين، والتعدي عليه يشكل لعباً بالنار قد تشتعل ويمتد اشتعالها الى كامل المنطقة.

الأقصى له مكانته الدينية والروحانية والتاريخية والإنسانية والوطنية في قلوب كل العرب والمسلمين، والتعدي عليه يشكل لعباً بالنار قد تشتعل ويمتد اشتعالها الى كامل المنطقة. وربما يتوهم الاحتلال بأن فرصته قد حانت وسط الحالة الفلسطينية المتشظية والمنقسمة على نفسها وكذلك حالة الانهيار العربي وتعفن النظام الرسمي العربي، الذي جزء منه شريك في المؤامرة على القضية الفلسطينية والقدس والأقصى، حيث تشرع ابواب التطبيع العلني بدون مواربة بين دولة الاحتلال وعدد من دول النظام الرسمي العربي، وكذلك امريكا اصبحت شريكا مباشرا في العدوان على شعبنا وقضيتنا وقدسنا وأقصانا، ولعل الجميع شاهد السفير الأمريكي المتصهين، ،ديفيد فريدمان، وهو يحمل مطرقة حديدية ثقيلة ويشارك الى جانب المتصهين جرينبلات وسارة نتنياهو وعدد من القيادات والوزراء الإسرائيليين في افتتاح نفق يمتد من اسفل بلدة سلوان وحتى القصور الأموية، الجدار الغربي للمسجد الأقصى. تعنت الاحتلال وإصراره على استمرار اغلاق باب الرحمة، قد يدفع بالأوضاع نحو الإنفجار، فالحجج والذرائع التي يتحجج بها الاحتلال، بأن عملية اغلاق المكان منذ عام 2003،كمركز للجنة التراث الإسلامي، يدار من قبل منظمة "إرهابية" والمقصود هنا حركة حماس، تسقطه الوقائع على الأرض، فالمكان يفتح من اجل العبادة والصلاة، وحركة حماس تدرك جيداً بأن اي تدخل في شؤون الأقصى سيشكل حججا وذرائع للاحتلال من اجل ان ينفذ مشاريعه ومخططاته، ولذلك هي تحرص على ان يكون الأقصى مكان عبادة بعيداً عن التوظيف السياسي، طبعاً هذا هو موقف حماس وغيرها من المكونات والمركبات السياسية الفلسطينية الأخرى.

استهدف المسجد الأقصى في هذه الفترة والفترة المقبلة سيتصاعد، خاصة بان الأحزاب الإسرائيلية المتصارعة على الحكم في الانتخابات للمرة الثالثة خلال عام، تريد ان تحقق مكاسب وأصواتا انتخابية، وطبعاً قضية الأقصى جزء من المزاد الانتخابي، والحصول على أصوات الجماعات التلمودية والتوراتية، يتطلب ان تقوم تلك الأحزاب الصهيونية يمينية علمانية متطرفة او يمينية دينية متطرفة على اتخاذ قرارات واجراءات من شأنها السعي لفرض اكبر قدر ممكن من السيطرة على المسجد الأقصى، فعلى سبيل المثال لا الحصر وزير ما يسمى بالأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، قال أكثر من مرة بان الوقت الذي سيصلي فيه اليهود في " جبل الهيكل" والمقصود هنا المسجد الأقصى ليس بالبعيد، وكذلك نتنياهو والعديد من الوزراء الصهاينة تحدثوا في هذا الاتجاه، مما يؤكد على توظيف قضية الأقصى في المزاد الانتخابي.

اننا نشهد تطورات غير مسبوقة، انفاق حول وأسفل المسجد الأقصى والبلدة القديمة وسلوان، بلغ مجموعها 104 أنفاق، منها عشرة لوحدها أسفل المسجد الأقصى، واقتحامات متصاعدة تجاوزت في عام 2019 أكثر من 27000 عملية اقتحام، ناهيك عن الاستهداف بحق حراس وسدنة وموظفي المسجد الأقصى، حيث جرى ابعاد اكثر من 55 مواطناً مقدسياً خلال العام الماضي عن الأقصى والبلدة القديمة من يوم وحتى ستة شهور او اكثر، اضافة إلى منع المصلين والمرابطين من التواجد في باب الرحمة، وقمعهم والتنكيل بهم، وكذا الحفريات التي تجري في مقبرة باب الاسباط بمقبرتيها اليوسفية وباب الرحمة التي جرى الاستيلاء على قسم منها، حيث سيتم نصب 15 عاموداً ضخماً بارتفاع 26 متراً، سيحفر لها قواعد خرسانية ضخمة في مقبرة باب الرحمة، كقواعد لمحطة القطار الطائر " التلفريك" الذي سيلتف حول المسجد الأقصى ويشوه معالمه التاريخية والدينية.

الاحتلال ماض في مشاريعه ومخططاته، ويرسم استراتيجياته التي يريد الوصول اليها في القدس والمسجد الأقصى، وهو يستغل سياسياً بشكل ممتاز القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية من تل ابيب الى القدس واعتبارها عاصمة لدولة الاحتلال، ويحول إدارة الأوقاف وإشرافها الإداري على المسجد الأقصى الى إدارة شكلية، ويفرغ الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى من مضمونها، فهو يعتبر بأن كل الظروف فلسطينية وعربية ودولية مؤاتية له من اجل تنفيذ برامجه ومخططاته في القدس والأقصى.

الرهان الأساسي في إفشال مخططات ومشاريع الاحتلال بحق الأقصى، يعتمد على الحلقة المقدسية، والتي تبدو حتى اللحظة صلبة ومتماسكة، وخبرها الاحتلال جيداً في أكثر من معركة، معركة البوابات الإلكترونية في تموز /2017، حيث انتصر المقدسيون بصلواتهم المقاومة، وبصمودهم ورباطهم وثباتهم على بوابات الأقصى وشوارع وساحات القدس، وأجبروا الاحتلال على إزالة تلك البوابات.

معركة باب الر حمة تبدو ككرة الثلج تتدحرج وتتطور، وبقدر ما سيلجأ الاحتلال الى التصعيد ومحاولة فرض الأمر الواقع، فإنها ستأخذ زخمها والتفافها الشعبي والجماهيري.

الاحتلال عليه ان يراجع حساباته، فقضية الأقصى من القضايا التي يتوقف عليها مصير المنطقة بأكملها، فهي ليس لها بعد ديني وتاريخي وحضاري وإنساني فقط، بل لها بعد وطني سياسي بامتياز

 

كلمات دلالية