غرق الطفل "أبو رميلة" يؤكد على عنصرية الاحتلال تجاه المقدسيين

الساعة 08:03 م|25 يناير 2020

فلسطين اليوم

على مدار 16 ساعة من البحث كان مصير الطفل "قيس أبو رميلة" من بلدة بيت حنينا شمال القدس المحتلة، الموت غرقا في عبارة المياه التي وقع فيها.

هذه الحادثة التي هزت المقدسيين والفلسطينيين عموما، سلطت الضوء على الإهمال في الخدمات التي تقدمها بلدية الاحتلال في القدس للأحياء التي يسكنها المقدسيين وتوجيه جل خدماتها للأحياء التي يسكنها المستوطنين الصهاينة، وأحياء غربي القدس.

فمنذ اللحظة التي أعلنت عائلة الطفل أبو رميلة ( 8 أعوام) عن اختفائه (الرابعة والنصف مساء الجمعة) وحتى الساعة الثامنة صباح اليوم السبت، لم يرتق مستوى التدخل من قبل شرطة الاحتلال أو طواقم الدفاع المدني التابعة لبلدية الاحتلال، لمستوى الخطر الذي كان يهدده.

هذا التخاذل دفع مئات المواطنين الخروج بمسيرة ضخمة إلى مركز الشرطة في البلدة، وبدلا من التعامل مع مطالبهم قمعت قوات الشرطة المواطنين وأطلقت قنابل الغاز والرصاص اتجاههم، ما أدى لإصابة العشرات منهم بالاختناق.

وفي المقابل كان تحرك مئات المقدسيين في البلدة والأحياء المقدسية القريبة، الذين أخذوا على عاتقهم عملية البحث عن الطفل في كل أنحاء البلدة ومحيط منزله، وخاصة في الأبار والحفر والعبارات وخاصة القريبة من منزله في ضاحية البريد، والتي امتلأت بمياه الأمطار.

وبعد الساعة العاشرة من ليل أمس تركزت عمليات البحث في عبارة (حفرة تجمع مياه الأمطار) ضخمة بمحيط منزله، ومما أبطأ عمليات البحث أن الدفاع المدني لم يرسل للبحث سوى غواصين اثنين، مما جعل خمسة شبان مقدسيون يشاركون بالبحث بالرغم من برودة الجو وعدم ارتدائهم للسترات الغطس الخاصة، مما عرضهم لخطر الموت بعد انخفاض كبير في درجات حرارة أجسادهم بعد ساعات من البحث في المياه.

هذا الأهمال في البحث عن الطفل، سلط الضوء على عنصرية الاحتلال في التعامل مع المقدسيين في مدينتهم، وعدم تقديم الخدمات الأساسية لهم.

وانعكس هذا على مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطيني، الذي تحدث المئات عبر منشوراتهم حول هذه المقارنة، كتب أحد النشطاء (لو كان الطفل قيس أبو رميلة طفلاً يهودياً...لكانت الآن تسجيلات كل كاميرات القدس بحوزة جيش الاحتلال، عندما يتحدث البعض عن اللاسامية، عليهم النظر تحت أقدامهم)، فيما كتب ناشط مقدسي (بلدية الاحتلال تتحمل المسؤولية الكبرى عن الحدث رحم الله الطفل قيس وربط على قلب أحبابه... المياه الراكدة والعبارة مشكلة قائمة منذ عشرات السنوات).

منشورات وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن بعيدة عن أرض الواقع، فقد حمل الحراك الوطني الاجتماعي في مدينة القدس بلدية وسلطات الاحتلال المسؤولية أيضا.

وقال البيان الذي حصلت " فلسطين اليوم" على نسخة عنه إن بلدية الاحتلال وسلطاته في القدس تتحمل كامل المسؤولية بسبب تركهم مجمع مياه عميق وخطير بدون تغطيته او ضمان اي احتياطات للسلامة العامة وخاصه انه يقع في منطقه حيوية مزدحمة بها مجمعات تجاريه وملاعب ومدارس للأطفال وعمارات تجاريه قريبه.

وبحسب البيان فإن هذا إهمال جاء لان المنطقة عربيه ولو كان سكانها يهود لما اهملت البلدية اجراءات السلامة.

القيادي في حركة فتح في القدس حاتم عبد القادر قال ل "فلسطين اليوم" إن ما جرى يكشف وجه الاحتلال وما يقوم به في مدينة القدس، حتى حينما يتعلق الأمر بحياة طفل يكشف الاحتلال عن وجهه البشع في ممارساته ضد المقدسيين.

وبحسب عبد القادر فإن هذه "العبَارة" مشروع لم يستكمل ما أدى الى ملئها بمياه الامطار دون ان تضع حماية أو إشارات تحذيرية، وهذا ما لا يمكن أن تقوم به البلدية مع الأحياء اليهودية في غربي القدس.

وتابع:" المقدسيون يدفعون ضرائب باهضه لبلدية القدس، ولكن لا يتلقون أي خدمات مقارنة بالمستوطنين".

وقال عبد القادر إن المسؤولية ليس فقط بعدم تقديم خدمات في الأحياء المقدسية، وإنما في المماطلة في البحث عن الطفل أبو رميله، فالشرطة لم تقم بدورها بشكل صحيح أثناء عملية البحث عن الطفل، على العكس عندما هب المقدسيون للبحث عن الطفل قامت الشرطة الإسرائيلية بالتصدي لهم.

في المقابل، أشار عبد القادر إلى أن هذه الحادثة بالرغم من بشاعتها، أظهرت مقدار الترابط بين المقدسيين، حينما تحرك المئات من المقدسيين وخصوصا الشباب الذين انتشروا في كل المنطقة التي فقد فيها الطفل من أجل البحث عنه الى أن تم إيجاده في هذه الحفرة وهذا بجهود الشباب وليس بجهود البلدية الإسرائيلية او الشرطة الإسرائيلية.

وقال عبد القادر إن هذا درس يجب أن يعييه المقدسيين جيدا فهو موقف لا يضعف من عزيمة المقدسيين على إدارة أنفسهم، وإنهم لا يملكون سوى وحدتهم وتضامنهم في مواجهة ما يتعرضون له من إجراءات إسرائيلية.