"عندما دخلت إلى مكان الزيارة لم أعرفه من آثار التعذيب ... قال لي مت ثلاث مرات" بهذه الكلمات وصفت بيان حناتشة زوجة الأٍسير وليد حناتشة، ما تعرض له زوجها في أقبية التعذيب خلال 60 يوما متواصلة، ضمن ما يعرف بالتحقيق العسكري.
ما نقلته بيان حناتشة وثقته صورا حصلت عليها مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الأنسان قبل شهر، ونشرتها عائلته قبل يومين، والتي تبين التعذيب الوحشي الذي تعرض له حناتشة في أقبية التحقيق المسكوبية، ضمن ما يعرف بالتحقيق العسكري.
وتتهم إسرائيل حناتشة (51 عاما) بأنه أحد أفراد الخلية التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي نفذت عملية قتل المستوطنين في منطقة "بوبين" غربي رام الله، حيث جاء في إعلان الشاباك أن حناتشة كان أحد الممولين لهذه العملية.
وبحسب زوجته فإنه لا يزال يعاني من أوجاع في كامل أنحاء جسده إلى الأن، نتيجة الضرب على رأسه حيث أوجاع في عينه ولا يقوى على الوقوف على قدميه لفترة طويلة، ومشاكل في التنفس جراء الضرب المبرح على القفص الصدري وكسور أضلاعه، إلا أن إدارة مصلحة السجون ترفض عرضه على طبيب مختص وأكتفت بعرضه على طبيب السجن العام بعد نقله من التحقيق في المسكوبية إلى سجن عوفر.
وأعتقل حناتشة في الثالث من تشرين تاني /أكتوبر من منزله في رام الله، حيث أقتحم الجنود المنزل بصورة وحشية، وحول للتحقيق مباشرة ومنع من الزيارة أول 45 أيام من التحقيق، كما تقول زوجته:" لم نكن نعرف شيئا عنه سوى ما يصلنا من الأسرى الذين كانوا يرونه يتنقل على كرسي متحرك لعجزه عن الحركة.
كان التعذيب الذي تعرض له حناتشة شديدا لدرجة أنه في إحدى المرات أدخل إلى المحكمة محمولا لا يقوى حتى على الجلوس على الكرسي المتحرك، وعندما سأله القاضي عن سبب تعبه أخبره أنه تعرض لتعذيب شديد ولكن القاضي قام بتمديد اعتقاله دون اتخاذ أيه إجراءات.
ما تعرض له الأسير الحناتشة وغيره ممن تقول إسرائيل أنهم مسؤولين عن العملية، يعيد إلى الأذهان التحقيق العسكري الذي تعرض له الكثيرين من الأسرى خلال الانتفاضة الثانية والأولى، والتي تستخدم فيه أجهزة الاحتلال كل الأساليب التعذيب لانتزاع الاعترافات من الأسرى.
هذا التحقيق خلفت لدى عشرات الأسرى إعاقات وعاهات دائمة كما يقول المتابع لقضايا الأسرى والأسير المحرر فؤاد الخفش، وقال إن التحقيق العسكري يعني أن يتعامل الاحتلال مع الأسير على أنه "قنبلة موقوتة" عليه أن يفككها للحصول على المعلومة من الأسير في أقصر مدة زمنية ممكنه باستخدام كل طرق التعذيب الجسدي التي لا تؤدي لموته.
وبحسب الخفش فإن الاحتلال تلجأ لهذا النوع من التعذيب في كان اعتقال شخص عضو في مجموعة عسكرية وباقي أفراد المجموعة بالخارج، أو ان يُعتَقل شخص يعلم مكان وجود مطارَد، أو لديه معلومات عن وجود سلاح أو عملية يمكن أن تحدث.
وأشار الخفش إلى إن التحقيق العسكري بهذه الصورة تكرس بعد العام 1994 على خلفية قضية الأسيرين " عثمان سعيد بلال" و" عبد الناصر موسى عطا الله" عندما تم اعتقالهما وهما يملكان معلومة عن نية أحد المقاومين تنفيذ عملية استشهادية ولم يعترفا بها إلا بعد تنفيذها، وهو ما جعل المحققين الإسرائيليين يصرون على تثبيت العمل بهذا النوع من التحقيق.
وبحسب الخفش فإن هذا التعذيب أصعب أنواع التعذيب في السجون، يعتمد على التعذيب الجسدي السريع والمدروس، دون أن يؤدي إلى الموت، وهو ما يقوم به محققين متدربين.