بين "عيلة واحدة" و"مستحقاتي حقي"

تقرير مبادرات شخصية لموظفي غزة تُعري أزماتهم.. فمن المسؤول..؟

الساعة 09:32 ص|14 يناير 2020

فلسطين اليوم

على الرغم من جملة التسهيلات التي أعلنتها وزارة المالية في قطاع غزة، لموظفيها، والتي كان أهمها الاستفادة من مستحقاتهم المالية من خلال معاملاتهم الحكومية، والاتفاق على موعد محدد لصرف رواتبهم، إلا أنها لم تكن كافية لحل أزماتهم المالية في ظل أوضاعهم الاقتصادية الصعبة.

فموظفو قطاع غزة، يحصلون على نسبة من رواتبهم تبلغ 40%، ويعاني جلهم من أوضاع اقتصادية صعبة في ظل ظروف معيشية غاية في الصعوبة، نتيجة عدم حصولهم على رواتب كاملة، فيما تجاوزت قيمة مستحقاتهم لدى الحكومة 3 مليار شيكل.

وقد لجأ العديد من الموظفين في الآونة الأخيرة لطرح عدة مبادرات شخصية لمساعدة الموظفين، منها ما ساهم في حل أزمات بعض الموظفين الذين عانوا من ظروف خاصة، إلا أن مبادرة "عائلة واحدة" كانت أكثرهم جدلاً، فنالت نصيبها من الهجوم والانتقاد، على الرغم من اتمامها..

مُبادرة عيلة واحدة

وتقوم مبادرة "عيلة واحدة" على تبرع الموظفين من مستحقاتهم لصالح الأسر المتعففة سواء من الموظفين أو من المواطنين العاديين الأمر الذي فتح الباب طويلاً للنقاش حول أولوية هذه المستحقات، وحاجة الموظفين أنفسهم لهذه الأموال في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، فغرد الموظفون على وسم #مستحقاتي_حقي.

موظفو الحكومة الذين أطلقوا مبادرة "عيلة واحدة" شكلوا لجنة عرفت باسم لجنة مبادرة التبرع من المستحقات "الاختيارية"، أكدوا أن مبادرتهم تبرع اختياري للموظفين من مستحقاتهم لصالح المحتاجين من أبناء شعبنا، حيث تم فتح رابط خاص بالتبرع "الاختياري" لكافة الموظفين على التسجيل الموحد.

وستقوم وزارة المالية بفتح حافظة خاصة لجمع التبرعات، وستصرف مبلغ شهري حسب إمكانيتها المالية من الحافظة لصالح الفقراء، حيث سيتم بالتنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية على التوافق على المعايير التي سيتم عن طريقها تحديد أسماء الأكثر حاجة وفقراً من الأسر التي لا دخل لها من أبناء شعبنا.

وعدت اللجنة، أن المبادرة نابعة من المسؤولية المجتمعية، ولن تؤثر على مستحقات الموظفين مطلقاً، لأن الأمر لمن يرغب بالتبرع "اختياريا" من حسابه الشخصي، وجاءت لتعزز علاقة العائلة الواحدة بين الموظف وأخيه المواطن.

مستحقاتي حقي

وعلى الرغم من قبول الموظفين لأي مبادرات تسهم في حل مشكلة الموظفين، إلا أنهم رأوا في أن مبادرة "عيلة واحدة" أولى بها الموظف نفسه الذي يعاني من أوضاع اقتصادية صعبة، ومنهم المريض ومن لديه مريض، ومستأجر وطلبة مدارس وجامعات، وآخرون يعانون من الديون المتراكمة والشيكات التي تحتاج سداد.

وطالب هؤلاء الموظفين أصحاب المبادرة ووزارة المالية العمل على صرف مستحقاتهم لحل أزماتهم المالية، ومن ثم يقومون بالتبرع لمن هم أولى على مبدأ "الأقربون أولى بالمعروف".

ويرى هؤلاء، أن طرح هذه المبادرات يحرف البوصلة نحو المطالبة بتحسين نسبة الصرف للموظفين، والعمل على صرف المستحقات كاملة للموظفين بدلاً من تجزئتها.

فيما يطالب البعض، بخصم المرابحات من المستحقات أو النظر إلى الموظفين المستأجرين أو المرضى أو ممن يعيل أسرة كبيرة فيها طلاب جامعات أو الدفاع عن ممن حصل على أرض ولم يستفد منها.

وتبقى هذه المبادرات مجرد حلول جزئية يضطر الموظفون للجوء إليها لحل أزمات مالية سواء الموظفين أو المواطنين، إلا أنها تكشف عورة الموظفين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانون منها، فتلقى رضا البعض ورفض البعض الآخر.

اقتراحات

ويسعى الموظفون للوصول لحلول قد تكون قريبة من الواقع في ظل هذه المبادرات، فاقترح البعض منهم أن يتمكن الموظف من ترشيح قريب له من الدرجة الأولى من خلال الحاسوب الحكومي وفقا للضوابط التي تحدد حالة العوز والفقر ليسدد له مبلغاً محدداً شهرياً من مستحقاته المالية.

كما دعوا، لضرورة أن يتم توزيع المبلغ المقدر ب ( مليون شيكل شهريا) من خلال زيادة رواتب جزء من الموظفين بنسبة معينة، بحيث تستفيد كل شهر شريحة جديدة من تلك الزيادة بما يتوافق مع قدرة وزارة المالية، أي الاتفاق مع الحكومة على صرف راتب كامل لألفي موظف فقط في كل شهر وبشكل دوري بحيث تنهي الجدل الدائر حول مبادرة مستحقات الموظفين.

رأي اقتصادي

المحلل الاقتصادي سمير حمتو، يرى أن الأولى أن تُعطى المستحقات للموظفين المسحوقين لأنهم ذاقوا الأمرين وأصبحوا مثقلين بالديون والهموم وملاحقات أوامر الحبس والشرطة وقضاة المحاكم الذين لا يرحمون أحداً منهم.

وقال حمتو:"الموظفون المطحونون يا سادة يعانون منذ سنوات من ضنك العيش وحرموا أطفالهم وعيالهم من أساسيات كثيرة لا غنى عنها في حياتهم وصبروا وتحملوا بانتظار الفرج، لذلك الأولى أن يحصلوا على مستحقاتهم وهم أدرى بمن يتبرعون له فجميعهم لديهم أبناء في الجامعة لم يتمكنوا من سداد رسومهم".

وأضاف: "هناك منهم من لديه عيال كثير لا يستطيعون الانفاق عليهم من فتات الراتب ومنهم من لديهم أبناء تجاوزوا سن العشرين و الثلاثين ولم يستطيعوا تزويجهم ومنهم من لديهم معاقين ومرضى ولديهم أقارب واخوة محتاجين ومنهم من هو مطرود من منزله ومنهم من هجرت زوجته البيت ومنهم من يتمنى الموت ومنهم من يموت في اليوم ألف مرة بسبب عجزه والهموم التي تلاحقه".

وبين حمتو أن جميع هؤلاء ينتظرون المستحقات حتى يسدد ديونه التي تراكمت عليه وأصبحت كالصخور الثقيلة على صدورهم تؤرقهم ليل نهار.

وأعرب عن خشيته من أن يتم اليوم الصرف من المستحقات لمساعدة الفقراء وغداً ستجد من يخرج بمبادرة لمساعدة الحكومة على تجاوز أزمتها من خلال استقطاع نسبة من المستحقات لدعم بعض وزارات الحكومة وهكذا حتى تتبخر المستحقات وتضيع حقوق الموظفين هباءً منثوراً ويظل الموظف يعاني وملاحق ومثقل بالديون ومطرود من منزله المستأجر ويحرم أطفاله من كثير مما يتمنونه من تعليم و طعام وملبس وغيره دون أي بارقة أمل..

وقد فتحت المبادرة الباب الحديث عن أوجاع الموظفين وأوضاعهم الصعبة في ظل نسبة متدنية من رواتبهم منذ سنوات الأمر الذي راكم معاناتهم وتسبب في تعميقها، ليبقى المطلب الأساسي للموظفين راتب كامل كل شهر، والبدء بصرف المستحقات كاملةً.

وقد فتحت المبادرة الباب الحديث عن أوجاع الموظفين وأوضاعهم الصعبة في ظل نسبة متدنية من رواتبهم منذ سنوات الأمر الذي راكم معاناتهم وتسبب في تعميقها، ليبقى المطلب الأساسي للموظفين راتب كامل كل شهر، والبدء بصرف المستحقات كاملةً.

 

كلمات دلالية