تقرير أبناء المنسي ...حكايات طفولة غابت بسجون الاحتلال

الساعة 11:38 م|05 يناير 2020

فلسطين اليوم

اختار القائمون على عرض حواري حول حياة الأطفال في سجون الاحتلال البدء بعرض مشاهد من اقتحام وحدات القمع الإسرائيلية لقسم 17 من سجن عوفر في يناير 2019، وما رافقها من قمع وضرب لقنابل الغاز والفلفل والرصاص المطاطي، هذا القسم ليس ببعيد عن قسم الأشبال (الأطفال) في المعتقل، وهو ما جعلهم جزء من هذا القمع.

ثمانية من هؤلاء الأشبال كانوا على خشبة المسرح يشاهدون ويهمسون لبعضهم عما يتذكرونه من هذا اليوم، وكان بينهم الأسير المحرر " لؤي المنسي" كما كان معهم في فترة اعتقالهم في سجن عوفر، "بعض الأشبال كانت هذه المرة الأولى لهم في الاعتقال والقمع، كانت تجربة مخيفة لهم" قال.

العرض نظمه متحف الصورة بوزارة الثقافة ونادي الأسير الفلسطيني، ارتكز على تجارب الفتيان الثمانية الذين خطفهم جنود الاحتلال من صورة عائلاتهم، وزج بهم بعيداً عن جدران بيوتهم، إلى داخل جدران السجن المعادية، ولم يكن شيئا يطمئنهم سوى معرفتهم أنهم مع الأسير "لؤي المنسي" الذي مثل لهم بيتهم وملجأهم ووالدهم الروحي، فكانوا هم وكل أقسام الأشبال في سجن عوفر "أبناء المنسي" طوال السبع سنوات الأخيرة من اعتقاله الذي دام 15 عاما.

والأطفال هم محمد حمدان قضى في السجن خمسة شهور، ناصر عياش (12 شهراً)، محمود شحام (9 شهور)، أحمد سراري (10 شهور)، مروان العريان (10 شهور)، عيسى تميم (9 شهور)، عبد الرحمن شحادة (11 شهراً)، وأيمن بدران (8 شهور)، وجميعهم من منطقة رام الله وضواحي القدس.

يقول المنسي معلقا على الصور واقتحام مئات الجنود للأقسام والهمجية التي عاملوا بها الأسرى:" أوقات القمع هي أسوء فترات الاعتقال للجميع، ولكنها تكون مخيفة جدا للأسرى، وخاصة من يعيشها لأول مرة، لا يعرفون ما الذي يجري وما سببها، وأن تواجد الأشبال في الساحات لا تميز هذه القوات بين كبير وصغير".

وخلال حديثه عاد المنسي إلى العام 2010، عندما بدأت المطالبة من قبل الأسرى لدمج أقسام الأشبال مع الأقسام العادية ليتمكنوا من الاهتمام بهم ومتابعتهم، ونقلهم من سجن الدامون المخصص للأشبال في حينه، وافقت إدارة مصلحة السجون على هذا الطلب بعد مواجهة معها، حيث تم توزيعهم في قسمي 13 و19 في سجن عوفر، وقسم في سجن مجدو، وقسم رابع في سجن الدامون خصص للأشبال المقدسيين.

يقول المنسي:" كانت الادارة تتذرع بالقانون الذي لا يسمح بدمج الأطفال تحت سن 18 مع المعتقلين البالغين، ولكن التناقض أنه وقت القمع لا تمييز بين الأشبال والكبار".

ورغم دوره الداعم للأسرى الأشبال، إلا أن المنسي كان يعيش أوقاتا صعبة في التعامل مع الأشبال، يقول:" لا أنسى يوم سمعت بكاء أحد الأطفال الذي كان يرفض دخول القسم، وفي هذه الحالة يكون مصيره الزنازين، حينها طلبت من الأدارة أن أخرج للحديث معه وأقنعه بدخول القسم، وبالفعل أستجاب لي".

الطفل الذي تحدث عنه المنسي هو (علي عريقات) 13 عاما من بلدة أبو ديس شرقي القدس، والطريقة التي استجاب بها لطلب المنسي هو " حبة شوكولاتة"، يقول المنسي:" تخيل الموقف أن تكون أنت في موقف تقنع فيه طفلا أن يدخل إلى السجن".

ومن المواقف الصعبة أيضا، عندما كان عليه التعامل مع الأسرى الأشبال في مواقف الصعبة، أو في حالات وفاة أفراد عائلاتهم، يقول المنسي:" مع الوقت تعلمت الحديث مع الأشبال حتى في المواقف الصعبة". ومن هذه المواقف ما جرى مع الشبل عز الدين الأطرش الذي تلقى خبر استشهاد والده من التلفاز قبل شهر فقط من الإفراج عنه.

وتعلم المنسي أيضا، كيف يستفيد من وقت الأشبال في السجن، وفرزهم كلا حسب ما يستطيع أن يخدم قسمه، فكان منهم موجه الغرفة، وعامل المقصف، وحامل الهاتف النقّال، وعامل المغسلة، وعامل المغسلة، والحلّاق، والطبّاخ.

أيمن بركات كان الطباخ القسم، والذي يقوم على تقديم المساعدة ل" المنسي" والذي كان يطبخ لكل السجن يوم الجمعة، ويعد " أشهى الطبخات" في السجن وهي " المقلوبة".

وكان لـ"مقلوبة" المنسي في السجن فعل السحر عند أقسام الأشبال، الذين كانوا يتلمسون فيها بعضا من "دفئ العائلة" رغم صعوبة تجهيز مكوناتها، الذي كان المنسي يحرص على جمعها لأسبوع كامل ليتمكن من توفيرها لهم.

كلمات دلالية