خبر التطرف والسلام لا يلتقيان ..مصطفى الصواف

الساعة 07:08 ص|12 فبراير 2009

 

أظهرت نتائج الانتخابات التي جرت في الكيان الصهيوني أول من أمس، الجنوح الواضح لدى المجتمع الصهيوني نحو التطرف والتشدد، وكان هذا واضحاً من خلال استطلاعات الرأي التي جرت خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة، والتي أظهرت أن ما يزيد على 80% من الصهاينة هم مع العدوان ويطالبون بمزيد من القتل والتدمير، فليس غريبا أن يختار هذا المجتمع العنصري المتطرف أحزابا أكثر يمينية وتطرفا من الأحزاب القائمة والتي كانت تقود العدوان على قطاع غزة والتي ارتكبت مجزرة أدت إلى هذا التدمير الواسع والكبير في كل شيء، حتى أن أكثر من 50% من شهداء المجزرة هم من الأطفال والنساء والشيوخ.

 

الحقيقة التي نؤكد عليها دائما أن الفوارق بين الأحزاب الصهيونية غير ملموسة يمينها أو وسطها أو حتى ما يميل منها نحو اليسار، هم جميعا يجمعون على هدف واحد هو القضاء على إرادة الشعب الفلسطيني وكسر إرادته وترحيله من أرضه.

 

بينت نتائج الانتخابات أن الصهاينة لا يحملون مشروعا سياسيا للسلام في المنطقة، وهذا التعري الحقيقي للصهاينة يضع الفلسطينيين ممن يحلمون بوهم السلام مع الصهاينة، أمام حقيقة عارية ومجردة، فهل مازال هؤلاء يحلمون بالسلام مع هذا التطرف الذي أظهرته نتائج الانتخابات؟ وهل من الممكن إجراء مباحثات سلام مع مثل هذه الحكومة التي لا تعترف بالشعب الفلسطيني والتي ترى أن أفضل الوسائل التي تصلح للتعامل مع الفلسطينيين هي القتل أو الترانسفير( الترحيل ) خارج فلسطين، هل أقنعت هذه الانتخابات الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس وفريق التفاوض في رام الله أن المفاوضات باتت مفاوضات عبثية أكثر من ذي قبل وأن جولات التفاوض المكوكية هي خض في الماء دون أن يكون هناك لبن؟ والنتيجة كما يراها الجميع هي صفر كبير، وأنه لا يوجد في الصهاينة من يحمل مشروعا للسلام، من هنا على القيادة الفلسطينية البحث عن استراتيجية مختلفة عن استراتيجية الوهم في البحث عن سلام مع الصهاينة، وهذه الانتخابات ونتائجها إن لم تقنع عباس وفريق التفاوض فلا أعتقد أن شيئا آخر يمكن أن يؤثر عليهم، وسيبقون على نهجهم، فعلى بقية الشعب الفلسطيني أن تبحث عن نفسها وحقوقها وأن تضع أصحاب هذا المشروع جانباً وأن لا يلتفتوا إليهم.

 

ثم إن نتائج هذه الانتخابات يجب أن تلفت انتباه دول الاعتدال وغير الاعتدال العربي، وكذلك أصحاب مشروع المبادرة العربية التي مازال النظام العربي الرسمي متمسكاً بها رغم إجحافها بحقوق الشعب الفلسطيني، لم تعد تصلح الآن، كما كانت لا تصلح في الماضي، ولكن النتائج أكدت ذلك للمتشككين والواهمين.

 

 أعتقد أن نتائج الانتخابات يجب أن تضع حداً أيضا لهذا الوهم العربي بإمكانية تحقيق عملية سلام مع الصهاينة، وعلى الجميع البحث عن وسيلة أخرى في التعامل مع هذا الكيان الصهيوني، وأن يبحثوا عن استراتيجية جديدة في التعامل مع التطرف الصهيوني القادم بقيادة المتطرف ليبرمان ونتنياهو وإن كانت تسيبي ليفني لا تقل عنهم تطرفاً وإجراماً.

 

فلسطينيا المطلوب من الكل الفلسطيني ضرورة التوحد ونبذ الخلاف وإنهاء الانقسام على قاعدة تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني والحفاظ على ثوابته المتمثلة في العودة والدولة واستعادة الحقوق كاملة دون أي تفريط، وعدم الاستعجال في تحصيل النتائج، وعلينا أن لا نستعجل في تحقيق هذه النتائج وعلينا أن نوطن أنفسنا على الأسوأ، هذا الأسوأ بحاجة إلى طريقة مختلفة في التعامل معه وهذا الجديد لا يتم إلا بالتوحد على قاعدة مقاومة الاحتلال إلى جانب عدم إهمال أي وسيلة أخرى تدعم هذا الخيار.

 

ليس أمام الفلسطينيين خيارات كثيرة أو بدائل متعددة، فإما أن يسلموا للمشروع الصهيوني ويبحثوا من اليوم عن وطن بديل، ونعتقد هذا غير وارد في فكر الفلسطينيين لأن العدوان على غزة قضى على وهم الوطن البديل، ولأن الفلسطينيين فضلوا الموت على ترك منازلهم وأرضهم، لذلك التمسك بالأرض والحفاظ على الثوابت والصمود والتصدي للعدوان الصهيوني القادم، وضرورة أن يدعموا عمقهم العربي من خلال إعادة الوحدة العربية والتفافها حول القضية الفلسطينية من جديد بعد أن بينت الانتخابات طبيعة المجتمع الصهيوني وتطرفه.

 

الانتخابات الصهيونية حملت دلائل التطرف دون مواربة، ونتنياهو وليبرمان وحتى تسيبي ليفني يمثلون هذا التطرف اليميني الذي لن يقبل بالدولة الفلسطينية ولن يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، وعلى العالم أن يواجه لوحده هذا التطرف الذي سيكون مقبولا لهم، فلا تعيروا اهتماماً بالموقف الأوروبي والغربي والأمريكي فلن يتغير موقفهم الداعم للصهاينة وسيبقون منحازين إلى الصهاينة، لذلك علينا نحن الفلسطينيين والعرب والمسلمين أن نعمل على ما يحفظ حقوقنا ووجودنا لأن المستهدف ليس الفلسطينيين وحدهم، فما زال الشعار الصهيوني من النيل إلى الفرات حلم الصهاينة قائم، صحيح سنفشله، ولن يتحقق للصهاينة مسعاهم، بل سنعمل على القضاء على هذا الحلم، وحتى نقصر عمر هذا الاحتلال، المطلوب أن نغير استراتيجيتنا في التعامل معه وأن نعمل على مواجهته ووقف أحلامه والسعي نحو عودة فلسطين إلى أهلها بأي شكل أو صورة وإذا لم نكن على ذلك قادرين اليوم فعلى الأقل أن لا نشطب هذا الحق من عقول الأجيال القادمة.