خبر تحديات الحكومة الجديدة.. اسرائيل اليوم

الساعة 10:45 ص|11 فبراير 2009

بقلم: يعقوب عمدرور

مع انقضاء ضجيج الانتخابات وقبيل المفاوضة الائتلافية المرتقبة، من الصحيح ان نذكر رئيس الحكومة في المستقبل بمبلغ كبر التحدي الذي ينتظره. في الحقيقة، الحديث عن ثلاثة تحديات مختلفة على الاقل تثقل على علاجها بسبب وجودها على التوازي.

التحدي الاول اقتصادي. فالعالم كله في اوج ازمة اقتصادية منقطعة النظير في مداها وقوتها. لاسرائيل اخوات كثيرات في الضائقة، وضعها اشد، لكن النتائج الحتمية للازمة العالمية ستضربنا بعد ذلك بكامل قوتها، وينبغي ان تستعد اسرائيل لذلك. يوجد فينا من لم يستوعب بعد قوة التحدي الاقتصادي الذي يجب ان نواجهه. ولما كان مصدر الازمة في اكثرها مشكلات نشأت خارج اسرائيل، فسيكون من الواجب مواجهتها بحذر وبفهم انه يوجد عوامل كثيرة مؤثرة لا تستطيع حكومة اسرائيل ان تؤثر فيها. لكن في الآن نفسه يوجد غير قليل من العوامل يمكن تغييرها للامتناع من كارثة اقتصادية.

التحدث الثاني هو التحدي الامني – الاستراتيجي. وهو مؤلف من اربع اضلاع يتعلق بعضها ببعض، لكن كل واحدة منها تهديد في حد ذاته: ايران الساعية الى الذرة، والتي تقف من وراء كل قوة تحاول تقويض الاستقرار والهدوء في الشرق الاوسط وترى اسرائيل عدوا يجب اخفاؤه؛ وحزب الله الذي خرج منهكا من حرب 2006، لكنه اعاد لنفسه قوته (بل تجاوزها)، وبعد ان يتحرر من الانتخابات في لبنان في حزيران سيستطيع العودة الى نهجه بقوة كبيرة؛ وسورية التي تنتظر ان ترى الى اين ستهب الرياح في الولايات المتحدة واسرائيل لكي تقرر اين ستتوجه (الى تعزيز علاقاتها بايران بل ربما الى مواجهة لاسرائيل بالقوة، او الى مسار مواصلة للولايات المتحدة بشرط ان تنسى هذه اخطاءها في لبنان وفي العراق)؛ وحماس التي ضربت في العملية الاخيرة في غزة، لكنها خرجت منها وهي تحظى بشرعية دولية كانت تعوزها قبل ذلك ومع احتمالات جيدة لان تعود لبناء قوتها العسكرية من غير ان يستطيع احد التشويش عليها في ذلك. ذلك لان اسرائيل، بنهاية غير ذكية لعملية "الرصاص المصهور"، فقدت حرية الرد كما ينبغي حتى لو نقضت الترتيبات التي تمتنع تسلح المنظمة.

التحدي الثالث هو التحدي السياسي وهو ينبع في جوهره من التغير في واشنطن. ان المزاج العام في العاصمة الامريكية يسلك على اساس اعتقاد انه يمكن القيام بالامور على نحو مختلف. فهم في واشنطن يعتقدون انه يمكن التوصل الى انجازات دولية كبيرة على اساس الحوار بدل استعمال القوة. المرشح الاول لتجربة المدهشة (وثم من سيقولون الساذجة) هو الشرق الاوسط وذلك في ثلاثة مجالات في الاقل: يخطط الامريكيون للخروج من العراق في غضون سنة ونصف مؤملين ان تمكن الاجراءات الداخلية هنالك من بناء ديمقراطية مستقرة على وجه التقريب.

والمجال الثاني متعلق بان الادارة تريد مفاوضة ايران بلا شروط سابقة للتوصل باتفاق الى وقف تخصيب اليورانيوم في ايران. والمجال الثالث متعلق باسرائيل. فقد عين الرئيس مبعوثا لادارة التفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين في قصد الى الاتيان باتفاق عام، في حين ليس واضحا على اساس اية مبادىء ستدار هذه الاتصالات.

ان الجهود الثلاثة قد تجعل اسرائيل تواجه اوضاعا صعبة، وكذلك تفتح نافذة للفرص. اذا تبين ان العراق يسير حقا في طريق الاستقرار، فستكون هذه خطوة مهمة ونموذجا لدول عربية اخرى تخاف الديمقراطية. لكن اذا فشل الاجراء، (وارى ان هذا الامكان لا يلغى)، فقد نجد انفسنا بوضع تبني فيه ايران وراء المملكة الاردنية دولة اخرى متأثرة بالراديكالية الشيعية؛ دولة تستطيع ان تكون قاعدة لتقويض البنية اللطيفة بين اسرائيل والمملكة الاردنية. اذا تبين انه يمكن بالتفاوض احراز تعويق حقيقي لتقدم ايران نحو قنبلة ذرية – فسيصرف عن اسرائيل اكبر تهديد لامنها، لكن الاحتمالات كبيرة ايضا لان يتبين الرئيس الجديد في واشنطن بعد زمن ما عرفه المفاوضون الاوروبيون لايران وهو ان الجانب الايراني يكذب ببساطة. ايزيل الرئيس القفاز ام يفضل تجاهل المشكلة التي ستصبح اهم مشكلة بالنسبة الى مستقبل اسرائيل.

كل ذلك يسبب املي ان تنشأ حكومة مستقرة تستطيع الثبات للضغوط وان تكون ابداعية لتجد الحلول الأصح لهذه الاوضاع المعقدة. لا يوشك هذا ان يكون سهلا.