صفعة مدوية لم يعهدها الكيان..

تقرير الحدث الأبرز في 2019: صيحة الفجر النقلة النوعية في المواجهة مع "إسرائيل" والقادم "أدهى وأمر"

الساعة 08:53 م|20 ديسمبر 2019

فلسطين اليوم

شكَّلت صفعة سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي التي وجهتها للاحتلال الإسرائيلي حدثاً فارقاً في العام 2019، إذ شهد العالم كيف أنَّ أبناء المقاومة الفلسطينية جعلوا الكيان الإسرائيلي يجثو على ركبتيه على تخوم غزة المحاصرة.

ودكت سرايا القدس وفصائل فلسطينية أخرى البلدات والمدن الإسرائيلية، بعد جريمة اغتيال القيادي البارز في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا بمنزله شرقي مدينة غزة، ومحاولة الكيان اغتيال عضو المكتب السياسي ورئيس الدائرة العسكرية في الداخل والخارج أكرم العجوري في دمشق.

وتمكنت المقاومة الفلسطينية على اثر العملية الجبانة إطلاق مئات القذائف الصاروخية باتجاه أهداف إسرائيلية بين "غلاف غزة" و"تل أبيب" تلك البقرة المقدسة التي لم تكن تحلم إسرائيل ان يمسها "أي سوء لكن بمعية الله وسواعد المجاهدين أصبحت من الأهداف الأكثر سهولة ومعرضة في أي وقت لتكون تحت ضربات المقاومين.

يشار إلى ان قوات الاحتلال الإسرائيلي اذعنت في حينها لشروط المقاومة الفلسطينية المتمثلة بوقف العدوان الإسرائيلي، إلى جانب عدم استهداف المشاركين في مسيرات العودة، ووقف سياسة الاغتيالات.

فرض معادلات

ورأى خبراء عسكريون وسياسيون في اعقاب معركة صيحة الفجر أنَّ سرايا القدس تمكنت من فرض معادلاتها على "اسرائيل" وكسرت هيبة جيشها، وتمكنت من تكبيدها خسائر على أكثر من مستوى.

الخبير في الشأن العسكري اللواء واصف عريقات يرى أن معركة "صيحة الفجر" التي قادتها سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وفصائل فلسطينية أخرى تمكنت من إحداث ارباك كبير في صفوف الإسرائيليين، مشدداً على أن المعركة فرضت قواعد اشتباك جديدة مفادها "قطرة دم في غزة يعني صاروخ في العمق الإسرائيلي".

وأوضح الخبير عريقات أنَّ الدرس القاسي الذي تلقته قيادة الاحتلال من سرايا القدس في هذه الجولة، أحدث ارباكاً في صفوفهم، وكسر هيبة "إسرائيل".

وذكر عريقات أنَّ وجود "إسرائيل" مبنيٌ على القوة العسكرية، وحينما تُضرب هذه القوة، فإن ذلك يعني أن هيبة العدو المحتل تبخرت.

براعة الميدان وحكمة السياسة

في السياق، علق الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو على معركة صيحة الفجر قائلاً "إن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وجناحها العسكري سرايا القدس ادارت الجولة الأخيرة من الصراع على المستوى السياسي والعسكري بحكمة سياسية عالية محسوبة النتائج، وبراعة قتالية كبيرة شلت مناحي الحياة في الكيان".

وأوضح عبدو أن إدارة المعركة الحكيمة في الرد المدروس والمعقول مكَّنَ الجهاد الإسلامي من افشال مساعي نتنياهو ما أدى لوضعه في الزاوية، ليس ذلك فحسب بل أشار عبدو أن المعركة الحكيمة تمكنت من تثبيت قواعد اشتباك لصالح المقاومة، حاولت "إسرائيل" تغييرها من خلال العودة لسياسية الاغتيالات.

وقال الكاتب عبدو: "نجحت حركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس بإدارة المعركة بشكل منفرد وبذكاء كبير، وبقدرات مدروسة لتحقيق الهدف المتمثل في تعقيد الحياة اليومية في معظم المدن والبلدات الإسرائيلية، واغلاق المنافذ الجوية والبحرية"، مشيراً إلى أنَّ الجهاد الإسلامي أدخلت القيادة الإسرائيلية في أزمة داخلية حقيقة، إذ لم يكن باستطاعتها توسيع ردها على قطاع غزة خوفاً من دخول حماس بكامل قوتها في المواجهة والذهاب نحو مواجهة واسعة، ما اضطرها للبقاء رهن ضربات الجهاد الإسلامي والقبول بشروطها التي وضعتها على الطاولة.

ويرى عبدو أن رد سرايا القدس تضمن استراتيجية الحرب طويلة الأمد، لافتاً إلى أن الجهاد الإسلامي وسرايا القدس ادارت المعركة بشكل مدروس وحكيم ودقيق لإخضاع الاحتلال لإرادته المقاومة، ولمنع نتنياهو من تحقيق أي مكسب سياسي، إلى جانب منع "إسرائيل" من الخروج من مازقها في التشكيل الحكومي عبر الضغط على الجبهة الداخلية للوم نتنياهو وفريقه على هذه الجريمة.

وبين عبدو ان جريمة اغتيال بهاء أبو العطا ومحاولة الوصول الى أكرم العجوري وما اعقبها من ردٍ من سرايا القدس في ميزان الخسارة والربح فإن الخاسر الأكبر هي الجبهة الداخلية الإسرائيلية، متوقعاً أنْ يؤدي ذلك لإرباك واضح على المشهد السياسي الداخلي الإسرائيلي، مشيراً إلى ان "إسرائيل" أدركت بعد العملية ورد سرايا القدس أنها ستكون الخاسر الأكبر.

وذكر أن الذكاء الذي تمتعت فيه حركة الجهاد الإسلامي في المعركة الأخيرة لم يكن فقط يتمثل في الشق العسكري، بل كان ايضاً ذكاءً سياسياً في إدارة المعركة، قائلاً: الشق السياسي في المعركة المتمثل بارعاً وذكياً، إذ وضعت قيادة الجهاد الإسلامي على لسان امينها العام زياد النخالة شروطاً تلقى قبولًا إقليمياً وعربياً وقبل ذلك قبولاً شعبياً فلسطينياً، مشيراً إلى أنَّ الشروط التي وضعتها الجهاد الإسلامي تتمتع بالواقعية السياسية وفهم لظروف البيئة، وكان هدفها منع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وعدم جلب مواجهه واسعة قد تسبب ضرر لشعبنا الفلسطيني الذي يعاني من ويلات الحصار والحروب السابقة.

وقال: استطاعت حركة الجهاد الإسلامي بفضل تضحياتها وتضحيات مقاتليها من عناصر سرايا القدس، وبفضل موقف الفصائل الفلسطينية جميعاً الذي أعطى شرعية الرد للجهاد وفوضته بالكامل بتقدير حجم الرد ومداه كل ذلك ساعد الجهاد أنْ يُلمي ارادته على إرادة الاحتلال، الذي أذعن بالفعل لشروط الجهاد الإسلامي التي ابلغت للوسط المصري.

وفي نهاية حديثه، ذكر عبدو أن الجريمة الإسرائيلية باستهداف المنظومة العسكرية للجهاد الإسلامي في الداخل والخارج جريمة مثلت إعلان حرب، وحملت انعكاسات خطيرة، غير أن ذكاء وحكمة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس أفقدتها تأثيرها، وأفرغتها من مضمونها.

رد صاعق

أكَّد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني شاكر زلوم أنَّ حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وجناحها العسكري سرايا القدس استطاعت ان تلقن العدو الإسرائيلي دروساً قاسية على جميع المستويات، مشدداً على ان رد سرايا القدس بشكل منفرد على العدو الإسرائيلي كان صاعقاً ومزلزلاً وموجعاً للإسرائيليين على جميع الصُعد.

وأوضح الكاتب زلوم في حوار مع وكالة فلسطين اليوم الإخبارية أنَّ ردود الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس باتت تمثل رعباً وكابوساً للاحتلال الإسرائيلي، الذي يصعب عليه تطويع تلك الحركة الصعبة على الاحتواء، مشدداً على ان الجهاد الإسلامي تمكنت من إحداث صدمة نوعية للجبهة الداخلية الإسرائيلية بعد أن تمكنت من شل مفاصل الحياة في الكيان، وإنزال الإسرائيليين في الملاجئ، مع الفشل الذريع لمنظومة القبة الحديدية وجيش الاحتلال في تأمين حياة السكان أمام فصيل عسكري منفرد.

وأوضح زلوم أن معركة "صيحة الفجر" أتت في سياق الرد الطبيعي على عدوان الفجر، قائلًا "اعتدى العدو الصهيوني اللئيم في اعتداء موصوف على تعهدات سابقة بعدم القيام باغتيالات، وكما عادته بنكث العهود قام باستهداف الشهيد القائد بهاء أبو عطا في غزة، ومحاولة اغتيال القائد أكرم العجوري في دمشق، ما أدى لارتقاء الشهيد بهاء وزوجته وكما بإرتقاء ابن القائد العجوري الشهيد مُعاذ, ليس غريباً أن ينكث اليهود الصهاينة بعهودهم, فلقد وصفهم الله جل جلاله بكتابه ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 100].

وعن دوافع العدوان، أشار إلى أن الهدف واضح للقاصي والداني فنتنياهو المأزوم سياسياً والملاحق بقضايا الفساد قانونياً وجد في العدوان وسيلة للخروج من مازقيه السياسي والقانوني، كنتيجة للأزمة السياسية في عدم تمكن نتنياهو للمرة الثانية من تشكيل حكومة نتيجة للانقسام العامودي بين اليمين الصهيوني، مشيراً إلى ان نتنياهو الذي يخشى انتهاء حياته السياسية لجأ للهرب من أزمته بالعدوان على القادة الأبطال ظاناً ومتوهماً أن حركة الجهاد وسرايا القدس هما مكسر العصا للخروج من محنته وازماته.

وشدد زلوم أنَّ حركة الجهاد الاسلامي كما عهدناها لا تسكت على ضيّم ولا تقبل الذلة والهوان، قائلاً: كيف لا وهي تُعبر عن عزة وكرامة شعب قارع المستعمرين على مدار قرن ونيف، وقدم خيرة أبناءه للمحافظة على أرضه، عزته وكرامته، حركة الجهاد لم تنخرط باتفاقيات أوسلو ولا بمندرجاتها من مجالس وهمية ووزارات كرتونية ولم تطمح بمكاسب سلطة فالسلطة الحقيقية لا تكون إلا على كل أرض فلسطين المحررة، وهي خالية من دنس الاحتلال الصهيوني.

ورأى الكاتب زلوم أنَّ رد حركة الجهاد الإسلامي كان صاعقاً، ومزلزلاً، وموجعاً للإسرائيليين، وأجبر قطعان الكيان الى اللجوء للملاجئ والاختباء، وادى الرد القوي إلى شلل الحياة في الكيان، ما انعكس على كل القطاعات الاقتصادية وتسبب بخسائر أولية فاقت ال 300 مليون دولار خلال يومين اثنين.

وتابع: لقد تساقطت صواريخ السرايا من كل الطرازات على مغتصبات الكيان فيما يسمى بغلاف غزة، ووصلت الى نواحي القدس وتل أبيب ودكت سديروت مما مثل رعباً وكابوساً اضطر الاحتلال لمنع نشر تلك الخسائر ولدواعٍ امنية، بل ووصل به الأمر لمناشده قطعانه المذعورين بعدم استخدام الواتس أب بما فيه من مقاطع توثق استهداف الكيان في عديد مرافقه الحيوية.

وذكر أن الرد شكل صدمة نوعية على الصعيد الداخلي الإسرائيلي، أما على الصعيد العسكري فلقد فشلت منظومات الدفاع من اعتراض صواريخ السرايا وباتت القبة الحديدية اسما مداراً للتندر، لقد أثبت أبطال السرايا أنها عديمة الجدوى والفعالية على أرض الواقع.

وأشار إلى أنه على الرغم من تفرد سرايا القدس في الرد إلا ان الحركة اوقفت الكيان الصهيوني على قدم واحدة، مشيراً إلى ان التعبير مستعار من المحلل الصهيوني للقناة 12 العبرية "اهود حمو" الذي قال : "يجب ان نتذكر ان هناك منظمة واحدة اوقفت دولة كاملة على رجل واحدة".

وذكر أن أهم درس يستخلص من هذه الحرب أنًّ تلك المعركة مثلت رافعة لكل الأحرار العرب وأنها أثبت أن من يقاوم ولا يساوم ينتصر ولا ينكسر.

"إسرائيل" تقر

في السياق، حذرت صحيفة "معاريف" العبرية من خطورة مواصلة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة تسلحها بصواريخ نوعية، مشددةً على أنه يتوجب توجيه ضربة استباقية لهكذا قدرات.

وجاء على لسان المحلل العسكري في الصحيفة "تال ليف رام" أن موجة التصعيد الأخيرة كشفت عن تطور نوعي وجوهري في القدرات الصاروخية للفصائل الفلسطينية، واصفاً هذا التطور بالخطير وأنه يدق ناقوس الخطر.

ودعا المحلل إلى ضرورة توجيه ضربات للقدرات الصاروخية في القطاع كخطوة استباقية ودون انتظار الجولات القادمة وأن هكذا صواريخ نوعية تخلق توازن ردع أمام "إسرائيل" وذلك على الرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي الواضح في القدرات.

كما دعا المحلل إلى دراسة جدوى منظومة القبة الحديدية والمبالغة في مديح دورها في صد الصواريخ، قائلاً إن "فكرة أن القبة الحديدية تمنح المستوى السياسي مجالاً للمناورة بحاجة الى دراسة معمقة".

وأضاف " على إسرائيل ان تستغل جولات القنال المختلفة للمس الجوهري بالقدرات العسكرية لتنظيم حماس وعدم انتظار الحرب والبحث بعدها عن كل منصة ومنصة للصواريخ لاستهدافها".

سرايا القدس تشل "اسرائيل"

كما وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أنه بعد اغتيال القيادي العسكري في سرايا القدس بهاء أبو العطا، تمكنت حركة الجهاد الإسلامي، إلى توقف الحياة في إسرائيل لمدة ثلاثة أيام.

وتساءلت الصحيفة العبرية في مقال لها: "ما الذي يجب أن نتوقعه إذا اندلعت حرب مشتركة مع حركة حماس في قطاع غزة وحزب الله وإيران؟".

وتابعت: "في مثل هذه الحالة، لن نحسب الصواريخ التي أطلقت على مدننا بالمئات (..)، بل سنكون عرضة للهجوم من قبل 100 ألف صاروخ برؤوس حربية، يمكن أن تكون أكبر بعشرة أضعاف من تلك التي تم إطلاقها، إلى جانب دقتها الفائقة".

وزعمت الصحيفة العبرية أن "إيران ترسخ قوتها على الحدود الإسرائيلية، والجماعات المسلحة تنامي قدراتها التي تهدد أمننا"، لافتة إلى أن إسرائيل تفتقد أسلحة دفاعية كان من الممكن حيازتها.

وتطرقت الصحيفة في مقالها إلى الحديث عن جولة القتال الأخيرة مع حركة الجهاد الإسلامي، مشددة على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول العجز الحكومي الإسرائيلي في وقف هذه الصواريخ.

وقالت إنه "يتعين على الحكومة الرد على لجنة تحقيق رسمية، حول قراراتها وكيف ظل الإسرائيليون عرضة للصواريخ، وغير قادرين على الحفاظ على روتينهم اليومي"، مشيرة إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس الشاباك أيدا عملية اغتيال بهاء أبو العطا.

وأكدت "يديعوت" أن موافقتهما لم تخضع لأي اعتبارات سياسية مرتبطة بالأزمة الإسرائيلية الراهنة، منوهة إلى أن المسؤولين الاثنين عارضا مثل هذا الهجوم في أيلول/ سبتمبر الماضي، حينما أطلقت حركة الجهاد الإسلامي صواريخ على أسدود، وأحرجت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أجبر على الفرار من المسرح خلال تجمع حاشد.

وأوضحت الصحيفة أنه "كان في ذلك الوقت، سيؤدي قتل القائد العسكري الفلسطيني، إلى اندلاع الحرب، وكان يتطلب ذلك موافقة مجلس الوزراء الأمني"، مشيرة إلى أن المدعى العام للحكومة قام بصياغة موقفه المعارض للهجوم، لتجنب خطر عرقلة الانتخابات الإسرائيلية.

واستدركت بقولها: "لن تكون كل هذه الأمور موضوع تحقيق رسمي في يوم من الأيام (..)، بل سيتعين التحقيق في القرارات التي اتخذتها الحكومة، والتي أدت إلى مثل هذا الخطر على أمن الإسرائيليين"، مضيفة أن "التحقيق سيبحث في كل من الخطابات التي ألقيت، والإخفاقات في توفير حلول للتحديات الأمنية".

ورأت الصحيفة أنه رغم فشل المنظمات المسلحة في هزيمة الجيش الإسرائيلي، إلا أنهم يجب أن يشعروا بسعادة غامرة، لأنهم نجحوا في إنهاء الحياة اليومية في إسرائيل، مشيرة إلى أن إسرائيل لا تزال دون حكومة منتخبة.

 

كلمات دلالية