خبر إسرائيل تختار اليوم بين ثلاثة فاشلين ... وفاشي جديد

الساعة 06:50 ص|10 فبراير 2009

فلسطين اليوم - وكالات

تذهب إسرائيل اليوم إلى انتخابات مبكرة قد تكون الأغرب في تاريخها. فقد اضطر رئيس الحكومة إيهود أولمرت تقديم استقالته بسبب كثرة ملفات الفساد التي اتهم بها وشرعت الشرطة بالتحقيق فيها, ولكن النجم الصاعد في الانتخابات هو «عدو الشرطة رقم واحد»، زعيم حزب إسرائيل بيتنا افيغدور ليبرمان المتهم بالكثير من قضايا الفساد. كما أن المرشحين الأوائل لرئاسة الحكومة الإسرائيلية هم الأشد إثارة للاستغراب.

فزعيم الليكود, بنيامين نتنياهو, وهو الأكثر شعبية بين المرشحين الثلاثة، كان رئيسا للحكومة وفشل في منصبه فشلا ذريعا لدرجة أبعد منه مجللا بالعار في أول انتخابات لاحقة. ورئيسة كديما تسيبي ليفني منحت فرصة قبل عدة شهور وفي ظروف سياسية أفضل وكلفها الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بتشكيل حكومة فعجزت عن ذلك وفشلت، مما قاد إلى تقديم موعد الانتخابات قانونا. أما زعيم حزب العمل، إيهود باراك فوصل إلى سدة الحكم بآمال عراض على أرضية عجز نتنياهو، لكنه فشل فشلا ذريعا ودمر ما كان يعرف بمعسكر السلام الإسرائيلي.

واليوم تبدو الصورة أشد جلاء من أي وقت مضى. فالانتخابات ليست على زعامة الأحزاب وإنما على رئاسة الحكومة حيث لم يعد الناخب يقرر هوية رئيسها ولكنه صار يشكل المعسكرات التي توفر الاستقرار للحكم أو تقوضه. وتظهر استطلاعات الرأي أن معسكر اليمين المكون من الليكود و«إسرائيل بيتنا» والاتحاد القومي وشاس ويهدوت هتوراة يمتلك ما بين 63 مقعدا إلى 67 مقعدا. في حين لا يملك معسكرا «الوسط واليسار»، واللذان يضمان كديما والعمل وميرتس والأحزاب العربية إلا ما بين 53 إلى 57 مقعدا. وبحساب بسيط فإن لدى معسكر اليمين وحده غالبية مطلقة لتشكيل الحكومة المقبلة، مما يعني أن انضمام أي من كديما والعمل إليها يعني من الوجهة العملية إضافة قائمة خامسة لطاولة واحدة.

 

وتظهر استطلاعات الرأي أن إسرائيل مقبلة على تغييرات تاريخية للحلبة السياسية. فهذه هي المرة الأولى التي يرجح ان يتمكن فيها معسكر اليمين من تحقيق الفوز الكلي والتام على معسكري الوسط واليسار مجتمعين. وهذه هي المرة الأولى التي يغدو فيها حزب العمل المؤسس للدولة اليهودية حزبا في المقام الرابع وربما الخامس. كما أن هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها حزب فاشي الأيديولوجيا صريح العبارة من التحول إلى حزب مركزي في الحياة العامة الإسرائيلية ومن دون طلاء أو تجميل.

ورغم وضوح الصورة فإن بعض جوانبها لا تزال غامضة نظرا لعمليات التشويش الكثيرة الجارية. فحزب كديما الذي يعلم أنه فشل في تشكيل الحكومة عندما كان يملك ٢٩ مقعدا ولديه ائتلاف حكومي في كنيست لا يملك فيها اليمين غالبية مطلقة، يحاول الإيحاء بأنه قـــادر على تشكيل هذه الحكومة فقط إذا فاز بعدد مقاعد أكبر من تلك التي سيفوز فيها الليكود. كما أن الليـــكود الذي يرى أن حزب إسرائيل بيتنا بات يكسب منه صار يطلق صفارات الإنذار.

والواقع أن الصراع بعد أن حسم بين المعسكرات انتقل في اللحظات الأخيرة إلى داخل كل معسكر. فنتنياهو الراغب في امتلاك قوة برلمانية تمنحه حق الاختيار وقيادة حكومة مستقرة في ظل أوضاع أمنية واقتصادية إسرائيلية وعالمية مقلقة، يجد نفسه يخسر لمصلحة أفيغدور ليبرمان. ونتنياهو يعرف أن المنافسة في إسرائيل لم تعد بين اليمين واليسار ولا حتى بين كديما والليكود وإنما في داخل اليمين بين الليكود وإسرائيل بيتنا. ولذلك فإنه انطلق في حملة تؤكد يمينيته: فقد أعلن أمس من هضبة الجولان السورية المحتلة أن ضمان عدم التنازل عن الهضبة يكمن في منح القوة لليكود، كما ذكر أن الليكود فقط هو القادر على منع إطلاق الصواريخ من قطاع غزة نحو المستوطنات الإسرائيلية. وهو يفهم أنه بحاجة اليوم لمواقف يمينية متشددة لمنع استمرار تسرب الأصوات من حزبه إلى الأحزاب الأشد تطرفا. وهناك من يعتقد أن اندفاعة نتنياهو اليمينية الأخيرة تنبع أصلا من التوتر القائم بينه وبين أفيغدور ليبرمان وخشية الليكود من أن يوصي ليبرمان بتكليف ليفني أو حتى يوصي بتكليفه هو نفسه وليس نتنياهو بتشكيل الحكومة.

والامر نفسه يمكن أن يقال عن كديما وتسيبي ليفني. فقد عادت للحديث عن السلام من ناحية وعن التخويف من نتنياهو من ناحية أخرى. وهي بذلك تحاول أن تكسب المترددين وأن تجتذب أصواتا من كل من العمل وميرتس. وضمن هذا المنطق فإنها تعرف أنها لن تكسب أصواتا من اليمين ولكنها تكسب أصواتا من الوسط واليسار. وتؤمن ليفني وأنصارها أنها إذا أفلحت في كسب مقاعد أكثر من الليكود، فإن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز قد يمنحها فرصة أخرى لتشكيل حكومة.

بدأ الصراع منذ الآن في الليكود بين مدرستين حول الواجب فعله في اليوم التالي: حكومة مع كديما، وحكومة بشق كديما. ولكن هناك جهات تحاول منذ الآن دفع الأحزاب الثلاثة، الليكود وكديما والعمل، الى تجنيب إسرائيل شر الحكومة اليمينية والاتفاق على حكومة انتقالية لمواجهة المخاطر الاقتصادية والسياسية والأمنية بعيدا عن التجاذب الداخلي. ولكن هناك من يعتقد أن ذلك سراب وأن اليمين الذي سيحقق فوزه التـــاريخي، لن يضـــيع الفرصة بموافقته على تبديد هذا الانتصــار.