"صاحب الجوال لأحد الشهداء"

"سهيل" يترك أثرًا طيبًا في ليلته الأخيرة ووصية مخضبة بالمعاناة والألم

الساعة 07:48 م|20 نوفمبر 2019

فلسطين اليوم

كان القصف شديداً ورد المقاومة أشد وأقوى ورغم ذلك كانت البسمة لا تفارق وجنتيه، فعلى مدار ساعات الليل يوم الثلاثاء 12/11/2019 كان سهيل يَضحك بشدة ويُضحك كل من بجانبه حتى اغمضت عينيه.

ومع بزوغ الفجر استيقظ على غير عادته توضأ وادى صلاة الفجر وخرج من المنزل مبكرًا ولم يعد إلا محمولًا على الاكتاف، انه الشهيد سُهيل قنيطة الذي لبى نداء الواجب بالدفاع عن فلسطين ودماء أبنائها وقادتها.

"سهيل خضر قنيطة" (23 عامًا) استشهد مع رفيق دربه محمود حتحت في قصف إسرائيلي صباح يوم الأربعاء 13/11/2019 أثناء تصديهما للعدوان الإسرائيلي الذي بدأ باغتيال القائد الكبير في سرايا القدس بهاء أبو العطا.

ولد الشهيد سهيل قنيطة عام 1996 ودرس الابتدائية والإعدادية في مدرسة صلاح الدين الأيوبي واستكمل تعليمه في الثانوية العامة بمدرسة شهداء الشجاعية.

حاول الشهيد سهيل الالتحاق بالتعليم الأكاديمي في إحدى الكليات الجامعية، إلا أن الظروف المادية الصعبة دفعته لوقف حلمه بالوصول إلى أعلى الدرجات العلمية، ليقرر بعدها استكمال مشواره الجهادي والبطولي دفاعًا عن الانسان والدين والوطن.

"سهيل" هو الأبن الحادي عشر (11) من أصل ثلاثة عشر، ومنذ سنوات عدة، وهو يهتم بوالدته ووالده وشقيقه الصغير وشقيقته من ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد أن تزوج إخوته وتركوا بيت العائلة.

كان رقيقًا محبًا عطوفًا على والدته المريضة بالسكري ووالده المريض بالضغط وشقيقته المعاقة، يقول شقيقه عبدالله لمراسلنا: "كلما تشعر الوالدة بإرهاق وتعب شديد تجد سهيل أول شخص ينقلها إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم فكان يعشق والدته كثيرًا ويخدمها طوال الوقت".

فقدان سهيل ليس سهلًا مطلقًا على والدته المحتسبة أمرها إلى الله، والتي عبرت كثيرًا عن رضاها على نجلها الشهيد سهيل حتى أنها زفت الشهيد بالزغاريد والتكبير.

اللقاء الأخير

كانت الساعة تُشير إلى التاسعة مساءً عندما وصل سهيل إلى البيت، كنا نسمع صوت صواريخ الاحتلال الإسرائيلي وهي تسقط على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة، ونسمع صواريخ المقاومة التي زلزلت "إسرائيل" وحولت كيانه إلى بيت أوهن من بيت العنكبوت.

جلس سهيل وشقيقه عبدالله وآخرين يتسامرون على "سقف" المنزل ويقول شقيقه: "كانت ليلة رغم سخونتها وآلامه الشديدة إلا أنها مضحكة جدًا حيث ترك سهيل أثرًا طيبًا في تلك الليلة سيظل خالدًا في ذاكرتي كأنه يدرك أن تلك الساعات التي قضاها معنا ستكون النهاية".

بعد الساعات المضحكة خلد كل منا إلى النوم، واستيقظ سهيل مبكرًا على غير عادته توضأ بسرعة وأدى صلاة الفجر وفي الساعة الثامنة صباحًا خرج إلى جهاده ومقاومته.

واستذكر عبدالله أخر كلمات شقيقه الشهيد سهيل ووصيته حيث قال: "أوصاني بوالدتي ووالدي وشقيقتي التي تحتاج لرعاية خاصة كونها من ذوي الاحتياجات الخاصة.

"كنت جالسًا في البيت أتابع أخبار العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا وكل ما يسقط شهيد كان تسقط دمعة كبيرة، وفجأة دقة هاتفي الساعة الـ9:45 صباحًا كان الصوت منخفضًا جدًا ويردد بالقول "أريد اسعاف أنا ومحمود مصابين وفي أطفال بسرعة اتصلوا على الإسعاف"، القول لـ عبدالله شقيق سهيل.

تسلل الخوف إلى قلبي وأصبحت مرتبكًا بشكل كبير، عاودت الاتصال مجددًا إلى الرقم لكن لا أحد يرد، أصبحت قلقًا جدًا، وبعد معاودة الاتصال مجددًا رد شخص أخر وقال: "صاحب الجوال استشهد".

بعد سماع نبأ استشهاد سهيل انطلقت الزغاريد والتهاليل والتكبيرات حتى اهتزت أرجاء المنزل، مؤكدًا بأن سهيل حقق أمنيته بالفوز بالشهادة"، مشيرًا إلى أن عرسه كان كبيرًا ومليئًا بالمحبين.

كلمات دلالية