الشهيد "ابراهيم الضابوس": مجاهد زُف عريساً مرتان..!

الساعة 11:09 ص|20 نوفمبر 2019

فلسطين اليوم

إنهم الشهداء الأحبة، إنهم مهجة القلب، ونبض الروح، تمر ذكراهم فيبتسم الأمل مجدداً، تمر ذكراهم فتعلوا تكبيرات المآذن، عطروا الحياة بصدق مسيرتهم، وطهارة نهجهم، وانتماء فكرتهم، وصوابية قبلتهم، فنحن وكلماتنا نقف حيارى عاجزين أمام عظمة الدم وأمام شموخ الرجال الذين يتسابقون إلى ربهم الكريم وكلهم أمل في إن يرضى عنهم، يذهبون ثابتين واثقين مطمئنين، فلكل هؤلاء التحية والإباء، ولهم الدعاء بأن يتغمدهم الله بواسع رحمته وأن يسكنهم فسيح جناته.

بزوغ الفجر

ولد الشهيد المجاهد ابراهيم أحمد عبد اللطيف الضابوس بتاريخ 8/8/1994م، ونمى وترعرع في أحضان أسرة ملتزمة بتعاليم الإسلام العظيم، زرعت في نفسه حب الدين، والالتزام بشرع الله، منذ الصغر، ويرجع أصل عائلته إلى بلدة عسقلان (المجدل)، التي احتلها الصهاينة، بعد أن عاثوا في الأرض فساداً وإرهاباً ضد الفلسطينيين، فطردوا أهلها واحتلوها من العام 1948م، ولهذا وجدت عائلة شهيدنا نفسها واحدة من بين آلاف العائلات الفلسطينية التي شردت من أرضها بفعل الاحتلال.

تلقى شهيدنا المجاهد ابراهيم أحمد الضابوس تعليمه الابتدائي بمدرسة عمر بن الخطاب ببلدة  بيت لاهيا، لينتقل بعدها للمرحلة الإعدادية ويدرس في مدرسة سخين التي تقطن في بيت لاهيا، وأكمل بعدها تعليمه المهني وأتقن مهنة (الدهان).

البار بوالديه

"أبو محمد" والد الشهيد المجاهد ابراهيم الضابوس تحدث لموقع سرايا القدس عن الصفات التي تمتع بها نجله فقال:" كان ابراهيم رحمه الله هادئاً منذ نعومة أظفاره، وكان يتميز عن باقي إخوته بهدوئه وتجد كل من يراه يحبه ويأخذه كي يمازحه، نعم الابن والصديق لي، كنت أعلم بأنه يومٌ من الأيام سوف ينال الشهادة في سبيل الله التي كان يتمناها دوماً، وسلك طريق الجهاد والمقاومة كي ينال شرف الشهادة ونالها".

وأضاف:" كان ابراهيم كتوماً ويتمتع بسرية تامة وطيب وحنون، وكان باراً بوالديه مطيعاً لهما، وكان من رواد المساجد، المحافظين على صلاة الجماعة وخاصة صلاة الفجر في جماعة في مسجد الخنساء ببيت لاهيا.

واستذكر والد الشهيد ابراهيم الضابوس موقفاً لها فقال: "في أحد الأيام خرجت من المنزل أنا وابراهيم وكان يمشي خلفي لا يمشي أمامي ولا بجواري، فقلت له تعال يا بني امشي بجانبي أنني أفتخر فيك فرد علي ابراهيم قائلا:" أنا يا أبي حرام أمشي قدامك أو جنبك أنا يا أبي لا أصل مقامك، فقلت له:" يا أبي أنت فلذة كبدي افتخر بك عندما أسير معك".

أصر على دفنه بيده

وعند معرفته بخبر استشهاده صمم  والد الشهيد ابراهيم الضابوس الذي كان متواجداً في جمهورية مصر للعلاج على عدم دفن ابنه قبل أن يلقي نظرة الوداع عليه، وحاول بكل السبل الوصول إلى قطاع غزة رغم أن طريق السفر صعبة، لكنه آثر على مرضه وقطع رحلة علاجه وعاد الى قطاع غزة ليدفن ابنه الشهيد بيديه.

صاحب سيرة طيبة

من جانبه تحدث محمد شقيق الشهيد ابراهيم الضابوس عن الصفات الي تمتع بها فقال:" ابراهيم أخي صاحب سيرة طيبة لا تزال تتردد على لسان أصدقاءه وأهل المسجد والحي، في كل وقت وكل حين، وأُشهد الله وأشهدكم بأنه ابن مطيع وبار بوالديه، وحريص على رضا الجميع، من خلال معاملته الطيبة لهم، ومواقفه الجميلة النابعة من المعاملة الإسلامية المباركة".

وأضاف خلال حديثه لموقع السرايا: كان ابراهيم رحمه الله نعم الأخ ونعم الصديق، وقد ترك لنا بصمات ستظل في ذاكرتنا وفي قلوبنا ولن ننساها، وسنضل نتذكر ابتسامته الرائعة التي كانت لا تفارقه في مجالسنا رحمه الله وأسكنه فسيح جناته اللهم آمين.

شهيد زُف مرتان

وتابع شقيق الشهيد ابراهيم حديثه بالقول:" ابراهيم كان دائماً يتمني الشهادة، وفى كل لحظة كان يتوقعها، وكان يعلم نهاية طريقه الذي سلكه، فكان يسير على الأرض ويشعر أنه شهيد حي، وكان يدعو الله أن يصطفيه ويعجل بشهادته رغم أنه ما زال عريس ولم يمضي على زواجه سوى شهرين".

آخر اللحظات

بصوتٍ يعتريه الألم، يروي أبو بكر الضابوس عم الشهيد تفاصيل آخر اللحظات في حياته:" ابراهيم كان طالع على عمله الجهادي، وفجأة توترت الأوضاع بشدةً بعد تشييع جثمان الشهيد القائد بهاء أبو العطا، وقلق الجميع عليه كثيرا وبقينا ننتظر رجوعه للبيت، لكن كان خبره أسرع من رجعته".

وتابع بالقول:" قالوا لنا ابراهيم مصاب بجراح خطيرة وتوجهنا للمستشفى بدون وعي وبسرعة كبيرة، وكان عندنا أمل أن يكون على قيد الحياة، وفي منتصف الطريق أثناء ذهابنا للمستشفى أخبرونا بارتقائه شهيداً".

وأوضح خلال حديثه لموقع سرايا القدس أن طائرات الاحتلال الصهيوني استهدفت الشهيد ابراهيم بشكل مباشر، وعندما تم نقله للمستشفى كان يلفظ أنفاسه الأخيرة لخطورة إصابته البالغة، فقد كان مبتور الأطراف وفاقداً لإحدى عينيه، ورأسه مشوه بفعل صواريخ الاحتلال المحرمة دولياً.

مشواره الجهادي

كبر ونشأ الشهيد ابراهيم الضابوس في بيت مُجاَهد وتعلق قلبه في طريق ذات الشوكة، طريق الجهاد والاستشهاد في سبيل الله، فسعى باحثاً على المجاهدين ليلازمهم في طريق ذات الشوكة فكان من الذين يمتازون بصمتهم وصدقهم في العمل، فكانت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين هي الحَاضن الأول له, فانضم إلى صفوفها وشارك إخوانه في نشاطات الحركة وفعالياتها من مسيرات ومهرجانات ودائماً ما تجده في الصفوف المتقدمة.

انضم لصفوف سرايا القدس بعد أن اجتاز الدورات التدريبية والتي أهلته ليكون أحد مجاهدي سرايا القدس الميامين، ونظراً لشجاعته وسريته وشخصيته القوية تأهل ليكون أحد مجاهدي الوحدة الصاروخية وذلك بعد اجتيازه عدد من الدورات العسكرية.

وخلال فترة انضمامه للسرايا شارك شهيدنا في صد الاجتياحات الصهيونية المتكررة لبيت لاهيا، كما شارك في الرباط والحراسة على الثغور، وشارك إخوانه المجاهدين في دك المغتصبات الصهيونية بالصواريخ والقذائف خلال المعارك التي خاضتها سرايا القدس "السماء الزرقاء" و "بشائر الانتصار" و "كسر الصمت" و "البنيان المرصوص" و "جحيم عسقلان" و "حمم البدر"، وصولاً إلى معركة صيحة الفجر البطولية التي خاضتها سرايا القدس رداً على جريمة اغتيال القائد الكبير بهاء أبو العطا قائد المنطقة الشمالية وعضو المجلس العسكري لسرايا القدس.

ونجا الشهيد المجاهد ابراهيم من عدة استهدافات صهيونية خلال عمله في الوحدة الصاروخية لسرايا القدس، كما تعرض منزل عائلته للقصف خلال العدوان الصهيوني على غزة عام 2014م، وتم تدميره بالكامل ونجا الشهيد ابراهيم من الموت وكتب الله له الحياة في ذلك الوقت.

موعد مع الرحيل

في مساء يوم الثلاثاء الموافق 12/11/2019م، كان شهيدنا المجاهد ابراهيم الضابوس على موعد مع الرحيل بعد تأديته لواجبه الجهادي بقصف المدن والمغتصبات الصهيونية بالصواريخ التي زلزلت حصون العدو، حيث استهدفته طائرات الاحتلال الصهيوني بصواريخها ليرتقي شهيداً بإذن الله، ليسطر بدمائه أروع ملاحم البطولة والعزة والفداء.

كلمات دلالية