خبر مطلوب زعامة- معاريف

الساعة 11:30 ص|09 فبراير 2009

بقلم: عاموس جلبوع

(المضمون: من ينتخب غدا لرئاسة الوزراء سيتعين عليه أن يوقف على الفور احاديث الانتخابات والسياسة وان يبدأ بالتفكير كرجل دولة همه ليس فقط معالجة الشؤون "الجارية" بل وايضا وضع الاسس لتصميم مكانة وصورة دولة اسرائيل في المستقبل - المصدر).

في 18 ايار 1977، عندما كنت أخدم في شعبة الاستخبارات، نزلت الى طاولتي رسالة من المسؤولين عني ومضمونها (تقريبا): "مناحيم بيغن سيكون على ما يبدو رئيس وزرائنا. نحن نواصل العمل كالمعتاد". هكذا بدأ بالنسبة لي ولكل الساحة الامنية، العسكرية والمدنية عهد جديد. لاول مرة، لا يعود هناك حكم مباي، بل حكم الليكود المخيف. ما الذي لم يقولوه عنه قبل الانتخابات. بانه سيجلب الحرب المؤكدة؛ يقطع المساعدات الامريكية الخاصة؛ ينقطع عن الشعب اليهودي في الشتات.

اليوم ايضا يتنبأ عندنا السياسيون ورجال الاعلام، بيقين كبير، بما سيحصل بعد الانتخابات. هناك من هم مقتنعون بانه اذا ما انتخب بيبي فسيكون شرخ مع ادارة اوباما، الحرب مع سوريا ستكون قريبة جدا والمشاكل ستأتي بالجملة؛ آخرون يتوقعون بانه اذا انتخب لفني، فان الجولان سيسلم، وسينتهي الاستيطان والكثير من المشاكل ستحل بنا. لندع التخمينات ونركز على الحاضر. سأحاول أن اصور بثلاث نقاط أي واقع سيدخله برأيي رئيس الوزراء الجديد بالنسبة للامن القومي.

الاولى: المؤتمر الاقتصادي الاخير في دافوس جسد المشكلة الاولى لمعظم دول العالم: البقاء الاقتصادي – الاجتماعي. احد لا يمكنه ان يتوقع ان ينجح العالم في صراع البقاء والانقاذ من السقوط ومتى سيحصل هذا. اسرائيل، مع بطالة مستشرية، معلقة بالطبع بالمساعي العالمية، ولكن ايضا بافعالها وبرامجها هي.

الثانية: مع ان للولايات المتحدة رئيسا جديدا، مميزا، ولكن في الوقت الحالي ليس للعالم شرطي، ليس له شرطيان مثلما كان في عهد الحرب الباردة. ساحة القوى العظمى الجديدة لم تتبلور بعد. هل ستكون ادارة اوباما شرطيا عالميا من نوع جديد، مع الكثير من المساعدين الدوليين؟ هل حقا سيكون مستعدا لان يستخدم "قبضته المشدودة" عند الحاجة، ام سيكتفي بالاقوال، واحيانا بوهن فقط؟ هذا الوضع من انعدام اليقين يفتح مساحة واسعة، حاليا، لشرطة اقليميين وللكثير من المفاجآت.

الثالثة: منطقتنا. منطقة هي وعاء يغلي، عنيف، مفعم بالتحديات. الامبراطورية الايرانية الدينية المتزمتة، المقتربة من تحقيق قدرة نووية وتسوق الارهاب وتحبط كل محاولة لتسوية استقرار، هدوء وسلام بين اسرائيل والعرب تقف بالطبع في البؤرة وتشكل التحدي الاول في مستواه، وليس فقط لاسرائيل. فضلا عن ذلك، فاننا نقف امام عالم عربي متفتت، كف عن تصميم جدول اعمال الشرق الاوسط؛ نحن نقف امام عالم عربي ضعفت فيه الدول الوطنية، وترتفع فيه مكانة المنظمات شبه الدول؛ هذا عالم توجد فيه العلمانية في تراجع، وحيالها ترتفع الاسلامية والقبلية؛ هذا عالم ينقسم الى محور راديكالي، عدواني، فكره هو "المقاومة"، حيال محور ضعيف، يدافع عن نفسه (في مركزه مصر والسعودية)، يعتمد على الغرب وفكره براغماتي. يوجد لكل هذا آثار وتحديات ثقيلة الوزن على اسرائيل بما في ذلك الحاجة العليا للوصول الى تقدير مشترك مع الولايات المتحدة بشأن هذا الشرق الاوسط، وفي اعقاب ذلك الى استراتيجية عمل مشتركة؛ الحاجة العليا لان نكون اقوياء، بكل المفاهيم، حيال البوثقة التي تغلي ونعرف كيف نبث قوة؛ الحاجة لان نحسم كيف نتصرف حيال "مسيرة اوسلو" التي لا تحظى بالعطف و "مشكلة الـ 1948" (اللاجئين وعرب اسرائيل) تطرح على جدول الاعمال؛ الحاجة الى فهم استراتيجي لاستخلاص منفعة من وضع الانشقاق في العالم العربي وتخوفه من التوسع الايراني.

من ينتخب غدا لرئاسة الوزراء سيتعين عليه أن يوقف على الفور احاديث الانتخابات والسياسة وان يبدأ بالتفكير كرجل دولة همه ليس فقط معالجة الشؤون "الجارية" بل وايضا وضع الاسس لتصميم مكانة وصورة دولة اسرائيل في المستقبل.