خبر أطفال غزة يعانون آثار الصدمة رغم توقف العدوان الإسرائيلي

الساعة 06:10 ص|09 فبراير 2009

فلسطين اليوم : وكالات

ترك محمد النجار البالغ من العمر خمسة أعوام العنان لخياله وهو يضع الألوان على الورق، في مسعى لتصوير ضربة جوية اسرائيلية داخل مخيم في قطاع غزة.

ويقول بتفصيل واقعي وهو يجلس على منضدة مع اطفال آخرين في مخيم جباليا بغزة: "هذي الطيارة وضربت صاروخين.. الصاروخان ضربا بيت والبيت تضرر بس لسه منيح (بحالة جيدة) الثلاجة انحرقت".

ورسم فتاة نجت من الهجوم ووضعها امام المنزل لكن يوجد ايضا فتى.

وقال: "خالد مات".

والمشهد الذي رسمه محمد بناء على طلب معلمته ومستشار للصحة النفسية زار فصله الدراسي، هو مشهد تخيلي. فلم يدمر منزله في جباليا لكن منازل اخرى قريبة دمرت.

ويقول العاملون في مجال الصحة ان الكثير من الأطفال، بينهم اولئك الذين لم يفقدوا أفرادا من عائلاتهم او منازلهم، يعانون من صدمة ما بعد الحرب.

ويذهب اليهم برنامج غزة للصحة النفسية في مستشفيات ومدارس ورياض اطفال.

ونجا محمد وأقاربه من الدرجة الأولى من الهجوم الإسرائيلي الجوي والبري والبحري الذي استمر 22 يوما. لكن جيرانه القريبين وقعوا ضحايا لهذا الهجوم.

وقالت ايناس جودة، وهي ممرضة تشارك في البرنامج، إن كثيرا من اطفال قطاع غزة رفضوا العودة الى منازلهم. فبعضهم يصابون بكوابيس او يتبولون في فراشهم، فيما يظهر آخرون سلوكا عدوانيا أو لا يظهرون على الاطلاق علامات تذكر على الحياة.

والرسم سبيل لهم للتعامل مع الصدمة، وللعاملين في القطاع الطبي للحكم على حالتهم النفسية.

وقالت جودة: "هؤلاء الذين رسموا زهورا واشجارا ليسوا بالضرورة اطفالا عاديين دون مشكلة نفسية.. الرسومات الحلوة هي تعكس ما يتمنون ان يروه وما يتمنون ان يكون لهم".

كما يستمع الأطفال الى الموسيقى والرقص لمساعدتهم على التعامل مع التجربة التي مروا بها. وبعضهم يسترجع ما حدث.

وقال مسؤولون في القطاع الطبي الفلسطيني ان نحو 1300 فلسطيني قضوا في العملية الاسرائيلية، بينهم اكثر من 300 طفل، فضلا عن أكثر من خمسة آلاف جريح، معظمهم مدنيون.

وفي المقابل، عانى أطفال إسرائيليون من آثار الصدمة أيضا جراء إطلاق صواريخ من قطاع غزة باتجاه بلدات إسرائيلية، ولقي ثلاثة مدنيين اسرائيليين حتفهم أثناء الحرب على غزة، في حين أن أكثر من ثلثي من لقوا حتفهم من الفلسطينيين )1300( هم مدنيون.

وفي جباليا، تسترجع نغم العسكري البالغة من العمر خمسة اعوام، كيف اصيبت هي وشقيقتها عندما استهدفت قوات اسرائيلية دراجة نارية مارة. وقالت نغم "أختي أميرة أصيبت والأطباء رفعوا لها جزءا من الكبد. أصبت وعمي ربط لي ساقي".

وفي بيت لاهيا، بكى أحمد زايد البالغ من العمر تسع سنوات وهو يسترجع كيف جرفت الجرافات الاسرائيلية الأرض التي تملكها عائلته. وانهار جدار في منزله عندما اصابته قذيفة دبابة اسرائيلية.

وقال بعد ان استجمع شجاعته لزيارة مدرسته التي تعرضت لأضرار: "أرضنا كانت زي الجنة، فيها مزروع فواكه. كانت مصدر رزق لسبع عائلات. ليش دمروها.. يا ريتني مت ولا شفتها هيك"؟!.

وقال والده انه قاد الأسرة الى مبنى تديره الأمم المتحدة وهو يلوح بعلم ابيض، مضيفا: "الولد مصدوم وحاولت كتير أخفف عنه بلا جدوى. احنا لسه بنعيش الواقع وما حدث كان فوق تصور البشر".

ويحاول أحمد حاليا التطلع لأوقات أسعد. ويقول: "كل مرة بافتح التلفزيون باشوف صور تشييع جنازات وقصف. أنا نفسي أحضر أفلام صور متحركة".