القت الأزمات المالية للمؤسسات الجامعية الفلسطينية بظلالها على الآلاف من الطلبة، حيث سجلت الجامعات مؤخرًا أرقامًا مرتفعةً لعزوف الطلبة في الالتحاق بفصول الدراسة.
وقد عزا مختصون وأكاديميون أسباب تفاقم الازمة وعزوف الطلبة لعدم توصل الجهات المختصة في الجامعات من التوصل لاستراتيجية واضحة لوضع الحلول المناسبة للتخفيف من الأزمة.
وأكد المختصون والأكاديميون على أن الجامعات في قطاع غزة تشهد أزماتٍ مالية حادة، بفعل الظروف الاقتصادية الصعبة على المواطنين في القطاع، مع تشديد الاحتلال "الإسرائيلي" حصاره المطبق منذُ 12 عامًا، الذي أثر على مناحي الحياة كافة.
وجاء ذلك خلال ورشة نظمتها الحملة الوطنية للمطالبة بتخفيض الرسوم الجامعية، بعنوان "أزمة الرسوم الجامعية الراهنة (تحديات وحلول)"، اليوم الاحد، في مقر بيت الصحافة، وسط مدينة غزة.
وحذر المختصون والاكاديميون، المؤسسات الجامعية من الاقدام على طرد الطلبة من مقاعد الدراسة وحرمانهم من الامتحانات في ظل الاتهامات الموجهة إلى الجامعات الفلسطينية بطرد الطلبة وقمعهم لعدم تمكنهم من سداد الرسوم المستحقة عليهم.
الدكتور رياض أبو زناد عميد شؤون الطلبة في جامعة الاقصى أكد، أن الازمة التي تشهدها الجامعات خاصةً في غزة، تؤثر بشكل كبير على مستقبل أجيالنا القادمة".
واستعرض بعض وقائع من الطلبة الخريجين العاطلين عن العمل، واستشهد بقصةٍ مع احد أوائل طلبة جامعته يعمل على "بسطة" في أحد الاسواق، عازيًا ذلك لأسباب عدة، منها، :"الحصار "الاسرائيلي"، والخصومات المالية على رواتب الموظفين للنصف، وقلة العمل، وغيره".
وبخصوص طرد الطلبة من مقاعد الدراسة، برر عميد شؤون الطلبة، بأنّ جامعته لا تلجأ إلى تلك السياسية، في حين يدرس 27 ألف طالب وطالبة بالجامعة، وغالبيتهم عليهم مستحقات مالية وبعضهم غير قادر على الالتحاق بالدراسة، علمًا بان الجامعة مصنفة على انها مؤسسة حكومية.
وتطرق ابو زناد إلى الاجراءات في التخفيف عن عبء الطالب، وقال :"إنّ جامعته حررت 17 ألف شهادة مع بقاء المستحقات المالية عليها، وذلك لتُسهل عليه الالتحاق في وظيفة، إن امكن"، مضيفًا بأنها تقدم منح دراسية، وهذا لم يمنع من وجود ازمة داخل الجامعة".
ويوجد داخل قطاع غزة، 28 مؤسسة أكاديمية موزعة على جامعات بنظام البكالوريوس والدبلوم المتوسط، منها 15 مؤسسة غير معترف بها رسميًا من دائرة التربية والتعليم في رام الله، ووفق الضيوف، اعتبروا بانّها تجارة في التعليم مع جانب إهمال قيمة العِلم السامي.
اجراءات لمنع طرد الطلبة
ومن جانبه، رد خالد عدوان مدير دائرة شؤون الطلبة بوزارة التربية والتعليم، على سابقه، وقال :"إنّ القانون ينص على توفير عقد عمل تدريس لأوائل الدُفع، ولمدة عام"، مضيفًا على الجامعة ان تبحث عن منحة جديدة للطالب بعد انتهاء عَقد العمل.
وأكد عدوان، بأن وزارته اتخذت اجراءات عدة، تحول بمنع أي مؤسسة اكاديمية في القطاع، لطرد الطلبة من مقاعد الدراسة وقاعات الامتحانات.
واوضح أن وزارته تبذل جهدًا حثيثة مع الجهات التعليمية في رام الله، لحل مشكلة ازمة الجامعات، مؤكدًا وجود حل مؤقت لتصديق البرامج غير المعترف بها في القطاع وفي بعض الدول الأجنبية.
أما عن صندوق الاقتراض، ذكر عدوان أن اهدافه، توفير قروض مالية للطلبة خاصة المتميزين والمحتاجين والمساهمة في دعمهم في استكمال الدراسة، شريطة أن يكون المتقدم محتاجاً ومنتظمًا وانهى فصلاً كاملة يعادل 12 ساعة، بمعدل تراكمي 65% بكالوريوس، و60% دبلوم متوسط.
وأشار إلى ان وزارته استقبلت 846 ملفًا من منحة مجلس الوزراء، و165 ملفًا من منحة الرئيس، و56 ملفًا من المنحة الماليزية، وكما انها قدمت 10 منح بقيمة 1000 دولار لطلاب الطب البيطري داخل القطاع، و2000 دولار لذات الطلاب في الخارج، بالإضافة إلى منحة جميل الشامل بمبلغ 1000 دولار لـ50 طالب.
ولفت عدوان إلى ان الوزارة وافقت على لائحة بشأن زيادة الاعفاءات المقدمة للطلبة، بينما وضعت وزارته نظام تخضع له الجامعات من خلال وضع تصور بشأن توزيع المنح الجامعية لمن له الاحقية في ذلك.
سكرتارية الطلبة
وفي السياق، أكد منسق الاطر الطلابية عزالدين علي ان الجامعات الفلسطينية تقوم بطرد نحو 700 من الطلبة في كل فصل من قاعات الامتحانات، موضحًا ان 70 % من تغطية الجامعات لنفقاتها الخاصة يجب أن تصرف لخدمة الطلبة.
ولفت علي، إلى ان المؤسسات التعليمية تُصدر أزماتها المالية على حساب الطلبة، من خلال زيادة سعر الساعات الفصلية لأكثر من دنانير، إلى جانب التلكؤ في تقديم الاعفاءات والمنح الدراسية.
وأشار إلى أن هناك سوء وتميّز في توزيع المنح الدراسية على الطلبة من قبل الجامعات.
وقال :"إنّنا في الاطر الطلابية البالغ عددها 13 إطارًا، نضغط على الجامعات في إصدار الحملات والبيانات والوقفات الاحتجاجية على زيادة سعر الساعات وطرد الطلبة من الدراسة".
وأضاف على الجامعات انّ تُعيد النظر في إدارة توزيع المنح الدراسية حسب الاولية، بالإضافة إلى زيادة التمويل الحكومي للجامعات.
ودعا علي، إلى انتخابات نزيهة لتشكيل مجلس طلبة داخل الجامعات التي تطالب وتدافع عن حقوق الطلبة، وتفعيل الصندوق الوطني الموافق عليه من المجلس التشريعي، وتحييد الجامعات عن الخلافات والمناكفات السياسية.
حق مكفول
وقال صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، "إنّ حق التعليم للمواطنين كفلته القوانين والمواثيق الدولية كافة"، مضيفًا أن الاحتلال "الاسرائيلي"، لعب دورًا في تجهيل وطمس والتدخل في المناهج التعليمية الفلسطينية.
وأكد عبد العاطي وجود عجز مالي يصل نحو 35 مليون دينار لثلاث جامعات رئيسية (الازهر، والاسلامية، والاقصى)، في غزة، لافتاً إلى ان هناك 85 ألف طالب وطالبة مسجلين في الجامعات، وان 35% منهم امتنعوا عن التسجيل، لأسباب اقتصادية.
وتساءل عن وصول الجامعات لهذه الازمة المالية الحادة؟، موضحًا أن المؤسسات التعليمية اعتمدت على أمرين وهما، الرسوم الجامعي والتمويل الحكومي، وفي كلا الحالتين هناك انخفاض واضح في المصدرين، وعلى أثرها تفاقمت الازمة.
واشار إلى أنَّ الانقسام الفلسطيني القى بظلاله على الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، مبيناً أن غياب الشركة بين وزارة التربية والتعليم في الضفة المحتلة وقطاع غزة، ساعد في تصاعد الازمة.
ودعا علي لتشكيل لجنة تعليمية تنسق بين الجامعات تضع في نصبها الحلول والاقتراحات، مطالبًا بضرورة تفعيل النظام الديمقراطي داخل الجامعات أكثر حيوية وفعالية لجميع المجالس وحماية حقوق العاملين.
وطالب عبد العاطي، بحملة مستمرة ومستدامة لإصلاح منهاج التعليم الجامعي، وتطويرها، لتخريج جيل قدارة على مواكب السوق المحلي والعالمي، بالإضافة للتفكير خارج الصندوق للقفز على تلك الازمات التي تعصف بالمؤسسات الجامعية.
ومن الجدير ذكره، أن مئات الطلبة في قطاع غزة، يواجهون صعوبات في توفير الرسوم المالية الدراسية، بسبب تشديد الاحتلال "الاسرائيلي" من حصاره ضد القطاع، والخصومات المتعمدة على رواتب الموظف الشهرية، فضلاً عن قلة فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير.