"نهج الشقاقي" الجزء المفقود من النص الفلسطيني- باسل القاضي

الساعة 08:31 م|25 أكتوبر 2019

فلسطين اليوم

أصدقكم القول ابتداءً .. لقد أسعفت هذه الشخصية المتواضعة تميزاً قلمي المبتدئ المتواضع, حاولت الانسجام مع النص غير مرة ولم أفلح .. تزاحمت الأفكار, والكلمات, والمفردات, والتضادات, والتعابير, والتراكيب, لتنسج حقاً دفع صاحبه الدم ثمناً, ولم أفلح .. الحقيقة أنني التمست لها العذر في كل مراحل الكتابة, وحتى أيضاً في تلك الفترة التي سبقت استلال القلم لخوض معركة الأوراق, بحثاً عن ما يعطي تلك الأيقونة الوطنية الفريدة من نوعها شيئاً, أجزم أنه يتساوى والعدم .. أسئلة وأجوبة واستفسارات لم ترَ النور, كانت حاضرة في ذهني والحبر بين يدي, إلا أن المعضلة بقيت كما هي .. نعم كما هي, اختصارها سؤال بسيط الشكل معقد المضمون .. وهو من أين سأبدأ؟.

قبل مدة ليست بالبعيدة, أعطيت دورة في الفنون الصحفية لعدد من المهتمين والمهتمات في مجال الإعلام, وفي أحد اللقاءات, كنت أشرح عن المراسلة بشكلها العام, وحتى أختصر على نفسي حديثاً مطولاً قلت لهم: "الوصف" .. المراسلة هي وصف المشهد الذي تقف به .. فقطع أحد الحاضرين حديثي قائلاً: أعطنا مثالاً .. نظرت حولي فلم أجد سوى صورة معلقة على الجدار .. وحينها استرسلت في وصف الصورة, فقلت: "في عينيه ألم ووجع ضياع وطن, باسم الهيئة, ذو ملامح آسرة جذابة, دائري الوجه جميل, صفي المظهر, شعره أسود يشبه لون قضيته, نظارته مجهر يرى فيها الوطن البعيد المسلوب .... إلخ" .. كنت حينها أصف صورة مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وأمين عامها الأول الدكتور "فتحي إبراهيم الشقاقي" الرجل الذي فقدنا نهجه المتزن الوحدوي من المشهد الفلسطيني الراهن.

في هذه الأيام, وفي ظل هذه الحالة الفلسطينية المتردية المترهلة المتبعثرة, نحن أحوج ما نكون إلى فكر العلامة والملهم والثائر "فتحي الشقاقي" .. اقرأوا بعمق هذه الشخصية, درسوها للأجيال المتعاقبة, علموها للصغار والكبار, علموها لقادة وسياسي وطني اليوم, علموها لمن رفع السلاح في وجه أخيه, علموها للمتخاذلين, علموها لأصحاب الأجندات, علموها لمن ضعف إيمانه, علموها لمن جبن, علموها لمن فقد كرامته, علموها .. علموها, فهي أحق أن تعلم وتدرس بفكرها الناضج, بإيمانها, بوعيها, بثورتها, على قوى الشر التي تكالبت على فلسطين.

نعم, "نهج الشقاقي" .. هو الجزء المفقود من النص الفلسطيني, فلم يكن "الشقاقي" يوماً إلا صاحب نظرة واعية ثاقبة .. الرجل الذي استشهد في الـ 26 من شهر أكتوبر/تشرين أول عام 1995م, تحدث عن الحالة التي نعيشها اليوم .. رحمك الله يا أبا إبراهيم ورضي عنك, لقد أيقنت برؤيتك الفريدة المتفردة وثقافتك العالية كيف سيمسي الوطن المحتل .. حذرت ونبهت وكررت التحذير دون جدوى, فقد أعمتهم الأموال والمناصب.

يقال إنه من المثال يتضح المقال, ومن هذا المنطلق سأعرض, أبرز ما تحدث به الدكتور "فتحي الشقاقي", ولأنني لا أحب القاء التهم ومهاجمة أي الأطراف, ما عليك عزيزي القارئ, سوى أن تقارن بين ما نعيشه اليوم, وما كتبه "الشقاقي" رضوان الله عليه:-

أولاً: "لن تصدقونني إلا عندما ترون الدم على بطني".

ثانياً: "إنها حرب إبادة فرضت علينا، ومن العار أن نخوضها متفرقين, فإما أن ننهض جميعاً وإما أن يقتلونا فرادى".

ثالثاً: "المثقف أول من يقاوم وآخر من ينكسر".

رابعاً: "لا فائدة لوجود أي تنظيم فلسطيني لا يحمل السلاح".

خامساً: "فلسطين قلب العرب وقلب المسلمين، ومركز الصراع الكوني بين تمام الحق وتمام الباطل".

سادساً: "لقد نهضنا لقتال العدو وما دون ذلك هوامش".

سابعاً: "نحن أمة لا حياة لنا خارج مسيرة الدم والشهادة".

ثامناً: "هذه الأمة على موعد مع الدم .. دم يلون الأرض, ودم يلون التاريخ, ودم يلون الأفق, ودم يلون الدم, دفاعاً عن هذه الأمة, دفاعاً عن كرامة الأمة".

تاسعاً: "واهم من يظن أن الجهاد الإسلامي سيوقف جهاده على شبر واحد من فلسطين, سواء أكان إسلامياً أم وطنياً".

عاشراً: "لم نعانى شيئا بعد بالنسبة لم عاناه محمد صلى الله عليه وسلم".

أحد عشر: "المرأة تيار جديد وأفق مستقبلية".

أعرفتم ماذا يعني "نهج الشقاقي" .. الجزء المفقود من النص الفلسطيني؟.