فتح  والشراكة الوطنية.. بقلم جميل عبد الرحيم

الساعة 04:51 م|23 أكتوبر 2019

فلسطين اليوم

فتح  والشراكة الوطنية

بقلم الباحث/  جميل عبد الرحيم     

منذ بداية أحداث الانقسام الأسود في الرابع عشر من يونيو 2007، تشكل مشهد جديد على الارض برز من خلاله شيء من الاصطفاف الداخلي بين مجموعة فصائل تقف على رأسها حركة فتح مع بعض فصائل منظمة التحرير في مواجهة حركة حماس وبعض القوى التي كانت شريكة لها في الأحداث بقطاع غزة والذي نتيجته سيطرت حماس على قطاع غزة.

في14/6/2007 وفي المقابل سيطرت حركة فتح بمفردها على الضفة الغربية رغم تعاطف فصائل " م ت ف " معها سيطرة أمنية واقتصادية وإدارية، وهنا نرصد شكل ومستوى علاقة فتح بالمكون الوطني الأوسع من قوى وفصائل ومجتمع مدني ونخب سياسية ووجهاء ومخاتير وشرائح مجتمعية أخرى .

ربما يكون من نتائج أحداث الانقسام المؤسفة أنها أعادت التعقل للرأس الفتحاوي من حيث أنها لم تعد القوة الوحيدة والمسيطرة أو القادرة على تنفيذ قراراتها ومشاريعها على الساحة الفلسطينية دون العودة للشركاء بالوطن.

كما انه لا تستطيع فتح أن تعود مجددا لقيادة المشروع الوطني دون تبنيها لخيار المواجهة والمقاومة مع الاحتلال الصهيوني وإنهاء كافة التزاماتها باتفاق اوسلو ووقف مهزلة التنسيق الأمني التي يقودها ويشرف عليها بعض القادة المتنفذين تحت ذريعة كسر خصومنا السياسيين في الضفة وعدم السماح مجددا بخسارة فتح للسلطة في الضفة كما خسرتها في غزة، و لكن بغطاء، من خلال أجهزة أمن السلطة الفلسطينية هذه المرة.

فالشراكة الوطنية واحترام تلك الفصائل واجب أخلاقي ووطني وخلق أصيل للمناضلين الشرفاء، وليس الطعن في الظهر لمن وقفوا مع فتح في الشدة.

أما طول لسان بعض قياداتها واستعانتهم بالاحتلال في مواجهة الخصوم لن ينفعها، فالمطلوب عودة لعمليات عسكرية فتحاوية شبيهة (بعمليات الدبويا –وفندق السافوي في عهد الراحل ابو عمار) وازيز رصاص أبطال كتائب الاقصى وصقور الفتح والفهد الأسود.

والسؤال هنا، لماذا تفرط فتح بالقوى الوطنية رغم أن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها الجبهتان الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وكافة تلك القوى أظهرت تعاطفا ملحوظا معها عندما هزمت في 14 يونيو ؟ وحتى جماعة الجهاد التي تم اغتيال كوادرها على يد الأمن الوقائي في رمضان بغزة واعتقلت كوادرهم بالسجون في غزة وما تزال فتح تعتقل كوادرها بالضفة الغربية اليوم، أدت جزءً من واجبها في التخفيف من معاناة كوادر وقيادات حركة فتح والتدخل لحل معظم الإشكاليات التي واجهت كوادر وقيادات فتح في غزة.

ولم يتوقف الأمر عند خسارة هذه القوى واستعدائها، حتى أن سكان القطاع الذي تعاطف جزء منه مع فتح في العام 2014 ناله من الحب جانب، فطالته العقوبات، وقطعت عنهم الرواتب ومنعت عن ذوي الشهداء والأسرى والجرحى بغزة دون الضفة، وصارت عقوبات السلطة رديفة للحصار المفروض على قطاع غزة، مما أفقد تلك الجماهير ثقتهم بفتح وبقادتها المنشغلين في التوريث والصراع على السلطة بعد رحيل الأخ الرئيس ابو مازن الحتمي لا محالة، فلكل اجل كتاب .

إن تخلي حركة فتح عن حاضنتها الوطنية واكتفائها بالعلاقة مع بعض القيادات التي لا تصدق ولا تسدي النصح لفتح، وإبقاء العلاقة متوترة مع معظم القوى التي كانت تعتبر ما جرى في غزة انقلابا على حركة فتح وفي مقدمتها الجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وكافة قوى "م. ت .ف" الفاعلة، بخطابها وبضيق صدرها مع كل القوى السالف ذكرها من خلال تصريحات قادتها في الضفة، زادت فتح ابتعادا وانعزالا، خاصة بعد صمتها على العقوبات التي فرضها الرئيس محمود عباس على أمل أن تستعيد عبرها غزة، وبأي ثمن ولو كان ذلك آهات الأيتام والجرحى وغيرهم، مما ساهم بخسارتها لتعاطف جزء كبير من هذه القوى، بما في ذلك الشارع الفلسطيني.

ورغم ذلك قدم عدد من القوى وعلى رأسها الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وفصائل أخرى من المنظمة بالشراكة مع جماعة الجهاد رؤية وطنية "كخارطة طريق لاستعادة الوحدة وانهاء الانقسام، فكان المأمول أن تكون فتح أول من يعلن قبوله بها والدعوة لتطبيقها، لأن المبادرة تحدثت عن تحقيق الشراكة والمصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية ومرحلة انتقالية –توحيد قوانين الانتخابات، وأخيرا انتخابات عامة وشاملة، وتقصد بها "انتخاب مجلس وطني –رئاسة –تشريعي".

الغريب أن حماس التي كنا نظن أنها تخشى الانتخابات أعلنت قبولها بالمبادرة دون شروط وما زالت القوى الثمانية تنتظر رد حركة فتح والأخ الرئيس عباس بالموافقة عليها للبدء بإجراءات إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة وبناء م ت ف!!

السؤال هنا، لماذا تتأخر فتح في الإعلان عن الموافقة على الرؤية الوطنية أو مبادرة القوى الثمانية؟ وهل تخشى فتح الوحدة الوطنية ولا تحرص على إنهاء الانقسام؟ أم أن فصائل وقيادات أخرى كالدكتور المجدلاني متضررة من المصالحة وتخاف أن تطير من اللجنة التنفيذية للمنظمة إذا عادت الشعبية والديمقراطية الفصيل الثاني والثالث بالمنظمة لدورها الطبيعي؟

إن كل تلكؤ من فتح أو تأخير في قبولها المصالحة واعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية واستمرار خطاب بعض قادتها الحجري و المتعالي على الناس، سيجعلها تخسر أكثر فأكثر، واذا سمع الأخ ابو مازن النصيحة بالفلسطيني، حتى يحمي الضفة من الضم والقدس من التهويد، ضع يديك بيد رفاقك بالشعبية والديمقراطية وصالح حماس وقرب إليك جماعة الجهاد، وادعهم للقاء عاجل لبحث المخاطر التي تواجهها القضية الوطنية، وعندها وعلى مسئوليتي ستلقى إجابات شافية على كل تساؤلاتك ومخاوفك! الا اذا كنت ما تزال تراهن على سراب بيني غانتس، والغزَل الكاذب للبيت الابيض، والعودة مجددا لملهاة المفاوضات ونصائح بعض المستشارين الذين أوصلوك إلى أصعب اللحظات، خاصة إذا نفذ العدو تهديداته بضم أراضي الضفة لكيانه الغاصب، ماذا ستفعل وقتها؟

كلمات دلالية