لا ربيعا في الافق اللبناني بعد- اسرائيل اليوم

الساعة 12:27 م|23 أكتوبر 2019

فلسطين اليوم

بقلم: البروفيسور ايال زيسر

(المضمون: موجة الاحتجاج كفيلة بان تخبو في الايام القادمة، ولكن حتى لو وقعت أزمة حكومية فهذه ستنتهي بالقرف وبالطريق المسدود. لا جديدا في بلاد الارز، ولا ربيعا يطل في الافق اللبناني - المصدر).

لبنان في مشاكل. عشرات الاف اللبنانيين يتظاهرون منذ بضعة ايام ضد حكومتهم احتجاجا على الازمة الاقتصادية. وكان المحفز لاخراج الجماهير الى الشوارع: قرار الحكومة في بيروت فرض ضريبة على استخدام تطبيق واتس أب وغيرها من التطبيقات التي تسمح بمكالمات صوتية، وذلك في محاولة لادخال اليد الى جيوب المواطنين لتغطية العجز المالي في صندوق الدولة.

الاقتصاد اللبناني ينهار. بداية جاءت الحرب في سوريا، والتي دفعت الى الانهيار بضعة فروع هامة في الاقتصاد، مثل التجارة والسياحة، واضافة الى ذلك أغرقت لبنان بملايين اللاجئين الذين يبقون بمزيد من العبء على اقتصاده. بعد ذلك جاء غضب دول الخليج على مكانة حزب الله المتصاعدة، فمنعت مواطنيها من زيارة لبنان او الاستثمار المالي فيه. وأخيرا جاءت العقوبات الامريكية الى تسعى الى خنق اقتصاد حزب الله، وعلى الطريق محاسبة كل مؤسسة اقتصادية تساعده في لبنان.

ولكن يخيل ان للاحتجاج اسبابا اعمق بكثير، تكمن في احساس النفور في اوساط الجيل الشاب من السياسة اللبنانية ومن السلوك الفاسد للسياسيين وعائلاتهم، ممن يديرون لبنان منذ عشرات السنين مثلما أدارت عائلات الجريمة نيويورك في سنوات ازدهار المافيا.

 

غير أن الاحتجاج والغضب لن يقودا لبنان الى اي مكان، وبالتأكيد ليس الى شاطيء امان وافق جديد. ينبغي الافتراض بانه مثلما كان دوما، فان احساس التعب لدى الشباب اللبناني لا يمكن أن يتغلب على ولائهم انفسهم لزعماء الجيل القديم، وفي واقع الامر للعائلات، للقبائل وللطوائف التي هي العمود الفقري للحياة السياسية في لبنان ومرضهم ايضا.

ان الطائفية والعائلية تسمم لبنان منذ عشرات السنين وتخلد وجوده كدولة ضعيفة تخضع لملكية ارباب الجريمة والفساد. هؤلاء من يرى اللبنانيون فيهم زعماءهم الطائفيين ووراءهم يسيرون

بالنار والماء ولهم يصوتون بجموعهم في الانتخابات. اذا كان ثمة شيء اهم من العدالة الاجتماعية او من الغضب على الوضع الاقتصادي، فانه الكراهية لابناء الطائفة الخصم والخوف المتبادل، واللذين يؤديان المرة تلو الاخرى الى التصويت القبلي لزعماء القبائل. حتى لو سقطت الحكومة واجريت انتخابات جديدة، فمن غير المتوقع ان تؤدي الى تغيير جوهري.

لقد كانت ايام اعتبر فيها السلوك الفوضوي للساحة اللبنانية، حيث لا توجد حكومة ولا قانون، وكل وجيه وعائلة هما سيدي نفسيهما، سر قوة لبنان. هذه دولة ليس فيها ولا يمكن أن يقوم فيها دكتاتور، ولهذا فان سكانها تمتعوا بحرية نسبية وازدهار اقتصادي. ولكن هذه الايام انقضت، وواقع انعدام مؤسسات دولة متينة يؤدي الى الانهيار والفوضى. مثال على ذلك هو حقيقة ان لبنان لم يبدأ بعد في التنقيب عن الغاز الطبيعي في شواطئه. والتبرير الرسمي هو انعدام التوافق مع اسرائيل على ترسيم خط الحدود. عمليا ينبع الامر من صراعات القوى بين السياسيين اللبنانيين على توزيع الغنيمة وارباح الغاز فيما بينهم. امثلة مشابهة توجد كثيرا، ولا غرو ان لبنان وصل الى حافة الانهيار الاقتصادي.

 

ان المظاهرات في لبنان هي وجع رأس لحسن نصرالله ولحزب الله. فبعد عقدين من الشراكة في الحكومة، اصبح نصرالله جزءا من النظام ولحما من لحم الساحة الرسمية في الدولة. لا يمكنه أن يفر من المسؤولية عن الوضع او يلقي بالذنب على الاخرين. فضلا عن ذلك، فان نشاط حزب الله هو احد العوامل المركزية للازمة في لبنان. فمساهمة المنظمة في اضعاف الدولة ومؤسساتها معروفة جيدا، ولكن اضافة الى ذلك، فان الصراع الذي تعيشه – ليس فقط مع اسرائيل بل وايضا مع دول الخليج ومع الولايات المتحدة – يتبين كمغامرة لا يستطيع لبنان الصمود امام نتائجها. وعليه، فقد تجند نصرالله من اجل كريه نفسه، سعد الدين الحريري الذي صفت منظمته أباه، رفيق، قبل عقد، وهو يعمل الان على تهدئة الخواطر والحفاظ على الحكومة. ان موجة الاحتجاج كفيلة بان تخبو في الايام القادمة، ولكن حتى لو وقعت أزمة حكومية فهذه ستنتهي بالقرف وبالطريق المسدود. لا جديدا في بلاد الارز، ولا ربيعا يطل في الافق اللبناني.