انتقدا تجاهل الحكومة للقطاع الخاص

خبيران اقتصاديان: من المبكر الحديث عن انجازات لحكومة اشتية

الساعة 09:06 م|16 أكتوبر 2019

فلسطين اليوم

سلط تقرير الأداء الحكومي الصادر عن حكومة اشتية الضوء على أدائها في الفترة الواقع بين 15 نيسان وحتى 30 آب، والذي تحدث عن النهوض بالواقع الاقتصادي والانفكاك من الاحتلال الإسرائيلي والحد من الفقر والبطالة وزيادة الاستثمار وغيرها، وهو ما رآه محللون اقتصاديون أنه من المبكر جداً الحديث عن انجازات لهذه الحكومة، بالإضافة إلى تراجع مستوى دخل الفرد في الضفة الغربية حيث تتواجد الحكومة بواقع 2% عما كان عليه الحال سابقاً ،وأنها حاولت نسب بعض المشاريع التي أنجزتها الحكومة السابقة في قطاع غزة على أنها انجازات لها.

وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور أسامة نوفل في حديث لـ "فلسطين اليوم"، أن حكومة الدكتور محمد اشتية حاولت أن تلتف على قرارات الحكومة السابقة في موضوع رواتب موظفي غزة وبينت أن الاجراءات الموجودة بحق الموظفين على صعيد غزة ليس لها علاقة بها، وعملياً الحكومة الحالية تخلت عن مسؤولياتها تجاههم، في الوقت الذي كان يتحدث فيه رئيس الوزراء على أن ملف قطاع غزة حاضراً ولم يستطع رفع العقوبات عن شريحة الموظفين.

وأضاف، أن القضية الاقتصادية الأهم التي طرحت تقوم على أساس الانفكاك الاقتصادي من الاحتلال "الإسرائيلي"، وهي قرارات تأتي تطبيقاً لقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، والحكومة وضعت خطة عبر دعم المنتج المحلي والتوجه للدول العربية من أجل تنويع الصادرات وخطت خطوات عبر توقيع اتفاقيات مع العراق والاردن ومصر، موضحاً أن حكومة اشتية تحاول إظهار أنها ماضية في تحسين الأوضاع وتحسين التعليم والبنية التحتية لكن الحقيقة أن هذه عناوين طرحتها كان آخرها في مجلس الوزراء الأخير عندما تحدث عن الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال ما هي إلا للاستهلاك المحلي أكثر من كونها عناوين ذات مردود اقتصادي وتنموي.

وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية اتخذت قراراً بعدم استلام أموال المقاصة من الاحتلال الإسرائيلي منقوصة؛ لكنها سرعان ما تراجعت الحكومة عن القرار واستلمتها ناقصة، بمعنى المبادي التي طرحتها الحكومة فشلت فيها، والمعروف أن 51% من إيرادات السلطة هي من أموال المقاصة؛ لافتاً إلى أن الحكومة حاولت الصمود والالتفاف للقروض المحلية ثم فشلت ، وتوجهت للدول العربية لتوفير شبكة أمان مالية ولم تستطع الحصول على ضمانات ، وتوجهت للقطاع الخاص وكان هناك وعد بإقراض الحكومة 150 مليون ولكنهم تفاجأوا أن القطاع تراجع بالتالي فشلت في ذلك، إضافة إلى أن أغلب المشاريع التنموية في الضفة الغربية توقفت لأن المساعدات التي تُقدم للسلطة من الدول الأجنبية توقفت.

وأشار إلى أن حكومة اشتية حاولت عبر وزير الاسكان للقدوم لغزة لتبيان أن الحكومة ماضية في مكافحة الفقر والبطالة وكانت فضيحة لهم، أن المشاريع التي تنفذها حكومة اشتية هي مشاريع أقرتها حكومة الحمدالله، مثل مشروع الصرف الصحي ، ومستشفى الشفاء في قسم الولادة، وحاولت حكومة اشتية تجيير الموقف لها وأعلنت الكويت أنها رصدت هذه المبالغ قبل تشكيل حكومة اشتية.

وحول الانفكاك الاقتصادي، رأى الخبير الاقتصادي نوفل أن الحكومة تسميه انجازات علماً أن هكذا قرار يضر بالمواطن الفلسطيني خاصة في الضفة الغربية، كما حصل في قرار منع استيراد العجول من "إسرائيل" واعتبرتها الحكومة انجازاً كانت مأخذاً كبير عليهم، لأن الاحتلال هو الذي يتحكم في معابر الضفة، وأن عملية الاستيراد من خارج "إسرائيل" تحتاج موافقة "اسرائيل" عليها وهو ما سيعرضها للفشل الذريع، كون إسرائيل ستمنع إدخال المستلزمات الزراعية في الضفة.

كما أكد الخبير الاقتصادي نوفل بأن حكومة اشتية ارتكبت فشلاً في محاولتها برهنة مساواة الرواتب بين موظفي غزة والضفة الغربية، وفي الحقيقة هي اعتبرت نسبة 75% من الراتب لموظفي غزة على انه راتب كامل، بالإضافة لفشلها في حل أزمة تفريغات 2005 واعتمادهم كموظفين.

وختم الخبير الاقتصادي نوفل قائلاً:" حتى وقتنا الحاضر لم نلمس تحسن الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية وغزة، والمؤشرات الاقتصادية مؤشر دورة الأعمال الذي يقيس النشاط الاقتصادي من حيث النشاط الاقتصادي يصدر عن سلطة النقد، تفاجأت في تقرير شهر سبتمبر الصادر في أكتوبر الحالي، أنه لأول مرة يعكس المؤشر سالبا في الضفة الغربية. بعد أن كان +17، عندما. مؤكداً أن هذا المؤشر من أهم المؤشرات الذي يقيس مدى قوة الاقتصاد الفلسطيني.

وأضاف أن رؤية القطاع الخاص الذي يمثل محرك الاقتصاد سلبية نحو أداء الحكومة على هذا المؤشر الصادر عن سلطة النقد الذي يتم تداوله دولياً. لافتاً إلى أن العديد من رؤوس الأموال في الضفة الغربية خرجت للخارج.

كما أشار إلى أن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أشار إلى تراجع نصيب الفرد في حكومة اشتية 2% وهذه مشكلة خطيرة، وهو ناتج عن عدم مشاركة الحكومة القطاع الخاص في اتخاذ القرارات لعدم الوقوع في هذه المشكلة. منتقداً تجاهل الحكومة للقطاع الخاص في زيارتها إلى الشقيقة مصر، مستغرباً من زيارة 12 وزيراً دون وجود أي من القطاع الخاص لعقد اتفاقات اقتصادية.

تقارير الحكومات تحمل لغة تفاؤلية

في ذات السياق أوضح الخبير الاقتصادي عمر شعبان في حديث لـ "فلسطين اليوم"، أن أي تقرير حكومي يحمل عادة لغة التفاؤل، وتحاول الحكومة أن تتحدث عن انجازات حتى لو تأثيراتها على الأرض محدودة، أي أنها تركز على المؤشرات التي تروج لسياستها وتوصل رسالة للمجتمع أنها حكومة تحمل أجندة تنموية. بالإضافة إلى أن أي إجراءات حكومية تأخذ وقتاً طويلاً قبل أن تقطف ثمارها، لافتاً إلى أن بعض الإجراءات والسياسيات التي قد تستغرق أشهر عدة إن لم يكن سنوات لكي ترى نتائجها، معتبراً أن فترة خمسة أشهر غير كافية للحكم على نتاج أي سياسية حكومية.

وأشار إلى أن الدول المتقدمة ، لا يمكن الحكم فيعا على الواقع الاقتصادي لأي إدارة جديدة قبل عام أو عامين، لذلك هذه المؤشرات والسياسات في تقرير الأداء الحكومي للحكومة الثامنة عشر هي جزء منها عبارة عن نوايا ستأخذ وقتاً طويلاً للتطبيق.

وذكر الخبير الاقتصادي شعبان مثالاً لذلك، بأنه عندما يتم الحديث عن زيادة التشابك مع الدول العربية، فهذا الأمر يحتاج لتفاصيل وجولات من المفاوضات قد تأخذ وقتاً طويلاً؛ وقد يكون هناك معيقات غير قابلة للتطبيق بشكل كامل.

وأكد أن الأسباب وراء الأزمة أعمق بكثير من أن يتم مواجهتها أو معالجتها بإجراءات، فالحصار والحروب والضغوطات المالية، والحصار المالي وأزمات البطالة وتقلص الدعم الدولي والانقسام والازدواج الضريبي، هذه عوامل وسياسات على الأرض ويخضع الاقتصاد الفلسطيني منذ عدة سنوات ومعالجة تداعياتها تأخذ وقتا طويلا.

وقال:" لا شك أن هناك توجهات إيجابية لدى الحكومة فيما يتعلق بتعزيز الاستقلال الاقتصادي والاستقلال المالي ومواجهة الازمات المالية من خلال سياسات التقشف وتعميق العلاقة مع بعض الدول العربية وسياسة الإحلال (الواردات) بتعزيز الموارد المالية.

الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال

وأوضح الخبير شعبان أنه لا يمكن الانفكاك عن الاحتلال لعدة أسباب، وهي أن علاقة الاراضي الفلسطينية مع الاقتصاد الاسرائيلي هي علاقة وطيدة ، رغم أنها ليست متساوية وليست علاقة الند بالند لأن هناك فرق شاسع بينهما، رغم الفرق بين الاقتصادين (اقتصاد فلسطيني يعتمد على الدعم الدولي، واقتصاد إسرائيلي قوي). إضافة إلى أن العلاقة الاقتصادية بين الطرفين (الفلسطيني والاسرائيلي) محكومة باتفاقيات موافق عليها دولياً ولا يمكن الانفكاك من هذه الاتفاقيات دون مناقشتها بشكل رسمي. وأخيراً إن الترابط بين الاقتصادين يشمل كل شيء (المياه والمجاري والكهرباء والاتصالات والاكل والشرب ... )، لذلك موضوع الانفكاك غير وارد؛ لكن ما يمكن فعله هو تقليص التبيعة الاقتصادية للاحتلال.

وتساءل الخبير شعبان، هل الانفكاك من الاقتصاد الاسرائيلي هو في مصلحة الاقتصاد الفلسطيني أم مرتبط بإعادة شكل العلاقة؟ أي يتوجب تعريف ماذا نريد؟، وأنه لا يوجد اقتصادين متجاورين يمكن أن ينفكا عن بعضهما البعض.

ودعا الخبير الاقتصادي شعبان لإعادة تصليح العلاقة وترسميها بشكل يحقق الكثير من المصالح للاقتصاد الفلسطيني.

وحول عدم إشراك حكومة اشتية القطاع الخاص في الزيارة التاريخية لمصر، قال شعبان:" كان يفترض التحضير لهذه الزيارة بشكل أفضل وأيضا يجب أن يكون هناك فرق فنية من القطاع الخاص والباحثين، لأن الخبراء لهم علاقة بالقطاع الخاص لكنهم ليسوا من القطاع الخاص، ورجال الاعمال قد يبحثوا على مصالحهم، لذلك لابد من العمل بتوازن بين الجهاز الحكومي والقطاع الخاص.

يشار إلى أن الحكومة الحالية برئاسة اشتية أصدرت الكثير من الوعودات بتحسين الواقع الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أن تلك الوعودات البراقة ينتظرها المواطن بفارغ الصبح لتتحول إلى حقيقة يلامسها على الأرض.

كلمات دلالية