خبر وزارة الزراعة بغزة: الاحتلال حوّل أراضي القطاع التي جرفتها آلياته لصحراء قاحلة

الساعة 04:40 م|06 فبراير 2009

فلسطين اليوم : غزة

وصفت وزارة الزراعة في حكومة غزة الأراضي الواقعة إلى الشرق من شارع صلاح الدين بدءاً من وادي غزة وسط القطاع إلى حدود بيت حانون، ومناطق شمال بيت لاهيا والمنطقة الواقعة شرق بلدة خزاعة في جنوب قطاع غزة بالصحراء القاحلة بعد أن تم تجريفها تماماً وأُزيل الغطاء النباتي عنها.

وأكدت الوزارة أن هذه المناطق تعرضت لتدمير شامل في كافة المنشآت والمباني الزراعية وآبار المياه، بالإضافة إلى اقتلاع الأشجار المثمرة كالزيتون والحمضيات، الأمر الذي جعل من هذه المنطقة الهشة بيئياً في الأصل عرضة لعوامل التعرية بصورة حادة وغير مسبوقة، خاصة وأن موسم الأمطار لم يزل في ذروته ومن المتوقع أن هطول أمطار شديدة وسيول ربما تؤدي إلى كوارث بيئية غير مسبوقة.

وأوضح المهندس نزار الوحيدي، مدير دائرة النظم والمعلومات في بيان وزعته العلاقات العامة والإعلام في الوزارة نفسها أنه طبقاً للتقارير الإحصائية الأولية التي أجرت حصراً وتقييماً الأضرار فإن المساحة المجرفة تزيد على 20 ألف دونماً من الأراضي الزراعية، وأن عدد الأشجار المعمرة التي تم اقتلاعها يقارب مليون شجرة مثمرة متوسط أعمارها يزيد على عشرين سنة.

ولفت إلى أن التجريف في الحرب الأخيرة على غزة تميز بأنه طاول أعماق التربة وأن آلاف الحفر والمواقع والسواتر الترابية قد أنشئت بغرض حماية الآليات ومرابض المدفعية والجنود الإسرائيليين، مؤكداً أن إعادة تسوية التربة بعد العدوان لا يمكن أن تعيد التربة إلى التوازن الطبيعي والبيئي الذي كان قائماً، حيث تحتاج الأراضي لسنوات طويلة قبل استعادة خصوبتها.

وقال: "إن انقلاب القطاع الأرضي يعرض الطبقات السطحية الخصبة للدفن تحت أعماق كبيرة ويعري الطبقات تحت السطحية المتملحة، وهذا يجعلنا أمام مشكلة استصلاح تستخدم كميات هائلة من المياه والمحسنات الطبيعية لغسل الأملاح والتخلص منها في مناطق يقل فيها أو يندر وجود المياه العذبة الصالحة للري غير المقيد".

واعتبر الوحيدي أن استخدام قوات الاحتلال الأراضي الزراعية للعمليات العسكرية جعل منها منطقة منكوبة بالقنابل الفسفورية واليورانيوم المنضب ومختلف الأسلحة المحرمة دولياً والتي لا نستطيع التخلص من آثارها البيئية وأضرارها في المدى القريب، قائلاً :"إنها جريمة حرب ربما يستمر خطرها لعقود طويلة وتعتبر عائقاً كبيراً ومهدداً لجهود إعادة إعمار هذه الأراضي واستغلالها في إنتاج الغذاء".

ورجح أن تكون آثار المواد المشعة والسامة المستخدمة من قبل قوات الاحتلال قد وصلت إلى الخزان الجوفي، حيث الخزان الجوفي ضحل ومعدل رشح التربة مرتفع، ما يسهل وصول الملوثات إلى الخزان في زمن قليل نسبياً.

واعتبر أن استعادة الطبقة السطحية للتربة لخصوبتها مشكلة بيئية معقدة، لافتاً إلى أن عودة النشاط الحيوي لها سواء النباتي أو الحيواني أوالميكروبيولوجي مسألة محكومة بمدى معرفتنا لما يوجد في التربة من ملوثات وإمكانية معالجة هذه المواد.

وقال: إننا سنواجه أمرين في غاية الصعوبة والخطورة، أولها أن إمكانيات فحص التربة الملوثة غير قائمة في فلسطين لكثير من المواد التي تأكد من قبل الخبراء وجودها كالمواد المشعة والفسفور الأبيض، وثانيها أن قدراتنا وإمكانياتنا المحلية لا تؤهلنا لترميم أو علاج آثار هذه المواد، سواء الإمكانيات الفنية أو المالية أو اللوجستية، خاصة بعد تدمير المرافق البحثية والمختبرات العلمية التي كانت تعتمد عليها الوزارة في البحث والتحليل.

وأوضح الوحيدي أن قوات الاحتلال قامت بهذا التدمير الممنهج والمدروس بهدف خلق أزمة مزدوجة تؤدي إلى القتل المباشر وغير المباشر عبر الأمراض والجوع والفقر، مضيفاً أن المخطط الإسرائيلي يعلم تماماً أن الزراعة تقف وراء فشل محاولات تجويع سكان قطاع غزة، وأنها هي صمام الأمن الغذائي الذي وفر الغذاء للمواطن الفلسطيني رغم الحصار الممتد لسنوات، ومن هنا كان استهداف الزراعة في كل هجوم على قطاع غزة، أما هذه المعركة فآثارها الأشد خطورة.