خبر تركيا وإسرائيل: الكراهية المتبادلة ..محمد نور الدين

الساعة 01:21 م|06 فبراير 2009

تنوعت المشاهد التي عكست مزاجا تركيا معارضا ان لم يكن معاديا لسياسات إسرائيل ضد الفلسطينيين.

ففي مباراة نصف النهائي لكأس تركيا بكرة القدم التي اقيمت أمس الأول خرج فريق «غلطة سراي» القوي من مسابقة كأس تركيا على يد فريق متوسط المستوى هو «سيواس سبور» بعد تعادله معه على ملعب غلطة سراي في اسطنبول.

لكن بعد المباراة، ووسط احتفال «سيواس سبور» بالتأهل الى مرحلة نصف النهائي، غرز لاعب النادي ابراهيم داغاشان العلم الفلسطيني في وسط ارض الملعب. كما تعرّض زميل داغاشان في الفريق، الاسرائيلي بليلي لصيحات الاستنكار من جانب جمهور «غلطة سراي». وقد قال داغشان انه فعل ذلك كرسالة سلام، مشيراً إلى أنه متأثر بحجم الدعم التركي لفلسطين.

وأضاف «لقد فعلت ذلك حتى لا ننسى اخوتنا في فلسطين»، مشدداً في الوقت ذاته على أنه لم يفعل ذلك ضد اسرائيل، فزميله في الفريق بليلي هو من اقرب الاصدقاء اليه.

بدوره قال مدرّب الفريق بولنت اويغون ان تصرف داغاشان طبيعي ويعكس حساسية الشعب التركي. حتى اللاعب بليلي انتقد الحرب على غزة واعتبرها غير محقة.

وقد اطلق الجمهور بعد غرز العلم الفلسطيني هتافات «فلتسقط اسرائيل»، لكن اللاعب داغشان طلب منهم التوقف عن الهتاف بإشارة من يده على فمه.

وقد غرّم اتحاد كرة القدم التركي «غلطة سراي» بدفع مبلغ يعادل 30 الف دولار اميركي بسبب اطلاق جمهوره هتافات عنصرية ضد اسرائيل واللاعب بليلي.

في المقلب الآخر، في اسرائيل، تعددت ايضا الاشارات السلبية ضد تركيا. فقد دعا المرشح الاسرائيلي عن حزب الاتحاد الوطني اليميني ميكائيل بن اري الى حل مشكلة العرب الذين يعيشون في اسرائيل عبر ترحيلهم الى فنزويلا وتركيا، البلدين اللذين اظهرا ردة الفعل الاقوى ضد الهجوم الاسرائيلي على غزة. ودعا بن اري، الذي يعتبر احد تلامذة الحاخام المتطرف مئير كاهانا، الى اقامة «ممر انساني» لنقل عرب اسرائيل الى هاتين الدولتين.

في هذا الوقت، ذكرت صحيفة «هآرتس» ان المسؤولين الامنيين في اسرائيل طلبوا من شركات الطيران عدم تسيير رحلات الى انتاليا في جنوبي تركيا لاسباب امنية، بعدما امتنعت السلطات التركية عن السماح للعناصر الاسرائيلية الامنية المسلحة بدخول مطار المدينة. وقالت الصحيفة ان قرار منع الرحلات الى انتاليا سيبقى قائما الى حين حل المشكلة، ويسري ذلك على شركة «العال» وكل الرحلات السياحية الخاصة.

كذلك، نشرت صحيفة «حرييت» التركية تحقيقا جسّت فيه نبض الشارع الإسرائيلي تجاه مواقف رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان الاخيرة ضد اسرائيل. واعتبر الاسرائيليون ان التهديد الاكبر بعد تصريحات اردوغان هو قلقهم على حياتهم، في حال زاروا تركيا، وعلى حياة أقربائهم هناك.

ويشير التقرير الذي كتبه موفد الصحيفة الى اسرائيل إلى ان 60 في المئة من عدد السياح الاسرائيليين الى تركيا، والذين يبلغ عددهم سنويا حوالى 600 الف قد الغوا سفرهم. وقال المراسل ان الشعور بردة الفعل الاسرائيلية تجاه الاتراك يبدأ منذ الوصول الى المطار، حيث ينتظر الاتراك بمن فيهم الدبلوماسيون حوالى ساعتين لتدقيقات امنية.

ويضيف المراسل انه عندما يسأل المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الاجراءات يجيبونه بالقول، «لأنكم انتم الاتراك لا تحبوننا»، لافتاً إلى أنّ السفير التركي لدى الدولة العبرية يبذل جهودا كبيرة لتبديد هذه التوترات.

ويقول المعلق في القناة الاسرائيلية الاولى اوديد غرانوت ان هناك نقاطا مشتركة كثيرة بين تركيا واسرائيل، لكن مواقف اردوغان الاخيرة الحقت ضررا بدور تركيا الوسيط. ويوضح ان موقف اردوغان في منتدى دافوس، واتهامه بيريز بقتل الاطفال كان مؤسفا جدا لدى الاسرائيليين. ويقول اوديد ان الاسرائيليين ينتظرون من اردوغان رسالة مودة عبر الاعلام.

ولم يفاجأ المعلق المشهور في القناة الثانية اراد نير بردة فعل اردوغان، ويقول ان الاسرائيليين اعتادوا على اسوأ منها ولا سيما من جانب الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك خلال احداث جنين.

ويرى ان اخطر ما في الامر ان تشمل التهديدات اليهود الاتراك والشعب الاسرائيلي، خصوصا ان لافتات رفعت في تركيا عند ابواب بعض المطاعم على غرار «ممنوع دخول الكلاب والارمن واليهود». وقال نير «تعودنا على مخاطبة الاتراك لنا: شالوم آهي (اي مرحبا يا اخي) ونتمنى الا نفقد سماع ذلك».

ويقول رئيس غرفة التجارة التركية الاسرائيلية مناشي كارمون ان البعض يدعو الى تعليق العلاقات مع تركيا، ويشير إلى ان حجم التجارة بين البلدين هو 5.3 مليارات دولار ويجب ان يكون ضعف هذا الرقم. والحكومة التركية يجب ان تشعر رجال الاعمال الاسرائيليين انها الى جانبهم.

ويعتبر هافيف ريتيغ، الكاتب في صحيفة «جيروزاليم بوست» انه لا يعرف ما اذا كانت مواقف اردوغان متصلة بحسابات تركية داخلية ام له اهداف أخرى. لكن الدولتين تحتاجان لبعضهما البعض وتركيا هي اول باب تطرقه اسرائيل عند اي ازمة مع ايران او سوريا. ويقول ريتيغ انه يتوقع ان تتطور العلاقات في المستقبل على كل الصعد.

وقال العديد من المستطلعين في الشارع الاسرائيلي انهم يذهبون بصورة سنوية الى انتاليا لكنهم هذه السنة لا يفكرون بالذهاب الى هناك خوفا على حياتهم، فيما يعرب إسرائيليون من أصل تركي عن قلقهم على اقربائهم في تركيا. ويقول بيتي الوفي، وهو يهودي كان يعيش في اسطنبول، انه كان في غازي عينتاب مؤخرا وقالوا له الا يأتي مرة اخرى فقد يتعرض للاعتداء.

ويقول نسيم غوفينيش من يهود تركيا السابقين انه كان في تركيا يوما ما 120 الف يهودي واليوم لا يتعدى العدد عشرين الفا، والخشية ان يتراجع العدد في المستقبل ولا سيما بعد مواقف اردوغان الاخيرة.