بالصور "محمد" نصب خيمة "العزاء" قبل استشهاده بساعات

الساعة 04:34 م|30 سبتمبر 2019

فلسطين اليوم

حالة من التوتر والقلق الظاهر على حركات "أم أحمد" منذ ساعات صباح يوم الجمعة، فهي تتنقل بسرعة من زاوية إلى أخرى داخل فناء المنزل، تتفقد أبنائها الستة مع مرور الساعة الثامنة من مساء يوم الجمعة، يزداد توترها وقلقها مع انتهاء المدة المحددة لعودة نجلها محمد، فجأة يقطع توترها نجلها الكبير أحمد الذي اصفر وجهه ويقول لأمه "محمد مصاب برصاصة في قدمه".

"أم أحمد" هي والدة الشهيد "محمد جمال أبو حليمة" (22 عامًا) الذي استشهد برصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال مشاركته في مسيرات العودة وكسر الحصار في مخيمة ملكة شرق مدينة غزة، أصيبت بصدمة قوية حينما سمعت بإصابة نجلها، إلا أن شيء ما في قلبها يخبرها أن محمد قد فارق الحياة وانتقل إلى أصدقائه من الشهداء ولم يُصب كما أخبرها نجلها أحمد.

ولد الشهيد محمد أبو حليمة (عام 1997) في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، ودرس الابتدائية والإعدادية في مدرسة معين بسيسو والثانوية في مدرسة جمال عبد الناصر، إلا أنه توقف عن الدراسة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والتجأ للعمل مع أحد أقاربه في مهنة "البلاط"، وكان محمد يساعد والده في مصروف البيت.

ترك محمد بصمة كبيرة قبل استشهاده حيث كان يحاول تلبية رغبة والدته بالزواج لتراه عريسًا كغيره من الشبان، فقبل استشهاده بفترة قصيرة بدأ بتجهيز شقته للاستعداد للزواج، إلا أن رصاصة إسرائيلية غادرة قتلت حلمه ورغبة والدته.

يوم استشهاده

استيقظ محمد فجر يوم الجمعة (6/7/2018) والنور ينبعث من وجهه، فتوضئ وذهب لصلاه الفجر في المسجد المجاور لمنزله، ثم عاد في الساعة الثامنة صباحًا، وما أن وصل البيت حتى سألته والدته عن سبب تأخره في المسجد فأجابها متبسماً أنه كان يتذكر أيامه الجميلة مع إخوانه وأصدقائه.

ساعات قليلة قضاها محمد في المنزل بعد عودته من صلاة الفجر تاركًا ذكرى لا يمكن أن تنساها والدته حيث وجدته يجهز (مقلاعه) –أداة يستخدمها الشبان لقذف الحجارة على جنود الاحتلال الإسرائيلي لمسافة بعيدة- وكان حينها متشوقًا للمشاركة في مسيرة العودة وكسر الحصار.

كان يسير في طريقه إلى مخيم ملكة حينما شاهد جيرانه يهمون بالاستعداد لنصب خيمة لإقامة أفراحهم إلا أنه قال لأحد أصدقائه بصوت منخفض: "خلي الخيمة منصوبة لبكرا لأنني أشعر بأن شيء ما سيحدث الليلة وربما أنال الشهادة".

كلمات محمد لم ينتبه لها صديقه كثيرًا، فواصل محمد السير تجاه مخيم ملكة حتى وصل ارض الميدان مبتعدًا عن السياج الزائل ما يقارب الـ200 متر، ففي ووسط الدخان المتصاعد في الميدان والقاء الحجارة على جنود الاحتلال الإسرائيلي كان صوته مرتفعًا بالتهليل والتكبير قبل أن تُصيبه رصاصة إسرائيلية حاقدة في صدره لتسقطه على الأرض.

هم الشبان وسط الدخان المتصاعد لنقل محمد إلى نقطة الإسعاف الطبي، ليتفاجأ شقيقه أحمد الذي كان قرب المستشفى الميداني في مخيم ملكة بوجود محمد محولًا على الاكتاف فانتفض مسرعًا تجاه محمد الذي استشهد متأثرًا بإصابته داخل الإسعاف.

دقائق مؤلمة عاشها أحمد وسط توتر وقلق كبير على حياة شقيقه، وفور تأكيد خبر استشهاد محمد حاول أحمد اخبار والدته وتخفيف نبأ الاستشهاد ليقول لها "محمد اتصاوب في مسيرات العودة"، لتفاجأه الأم وتقول: "قلبي يقول غير ذلك فهو استشهد رحمك الله يا محمد".

رحل محمد وترك الحسرة في قلب والدته التي طالما كانت تأمل بأن تراه عريسًا، فحالها اليوم بعد مرور عام على استشهاد محمد يرثى له فهي تتذكره في كل لحظات وقتها، سواء في المنزل أو في الحارة.

يُشار إلى أن مسيرات العودة وكسر الحصار انطلقت بتاريخ (30/3/2018) واستشهد أكثر من 324 شهيدًا لا زال 16 منهم محتجزة جثامينهم لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفقًا لإحصائية نشرها مركز الميزان لحقوق الإنسان بتاريخ (7/9/2019).

الشهيد محمد أبو حليمة
محمد أبو حليمة
والدة الشهيد محمد أبو حليمة أثناء وداعه
والدة الشهيد محمد أبو حليمة
 

كلمات دلالية