ثلاث رصاصات قتلت رجلُ البيت

بالصور "الطفل خالد" يخبر والدته باستشهاده ويقدم الحلوى لأصدقائه

الساعة 04:37 م|28 سبتمبر 2019

فلسطين اليوم

بهمة ونشاط يتجول خالد بين الشبان ويوزع الحلوى ويرسم الابتسامة على وجوه كل من يراه، كان جميل المظهر يرتدي ملابس جديدة، رائحته الطيبة تفوح في الأفق، هذا ليس عيدًا أو يومًا عاديًا لخالد بل هو يوم الشهادة الكبرى.

خالد الربعي (14 عامًا) الطفل الذي استشهد بـ "ثلاث" رصاصات إسرائيلية أثناء مشاركته في مسيرات العودة وكسر الحصار السلمية في الجمعة الـ72 شرق مخيم ملكة إلى الشرق من مدينة غزة ليترك خلفه قصة ألم ووجع عميق في قلب والديه وصديقه الطفل يحيى أبو شاويش.

"الطفل خالد" كان رجل البيت، ترك الدراسة وقرر مساعدة والده في توفير لقمة العيش منذ سنوات، لكن يوم استشهاده رفض الاستجابة لطلب والده للاستيقاظ من النوم والذهاب إلى العمل، وفضَّل التجول في المنزل والانتقال من غرفة إلى أخرى كأنها نظرة الوداع الأخير.

علامات الشهادة..

استعد خالد للرحيل من الدنيا قبل يوم من استشهاده، في مساء يوم الخميس (5/9/2019) كان خالد برفقة صديقه المقرب يحيى يتسامران عن طبيعة عملهما وفجأة؛ قطع خالد الحديث ويقول لصديقه "هل تريد الذهاب غدًا إلى مسيرات العودة؟" ليرد صديقه بأن "لدي عمل لكن سأحاول اللحاق بك" هذه أول إشارة لرحيله السريع عن الدنيا.

ساعات قليلة من لقاء يحيى حتى غط خالد بالنوم عاقدًا النية للذهاب إلى مسيرات العودة السلمية، ومع ساعات الفجر حاول والده ايقاظه من النوم ليذهب إلى عمله، حينها رد خالد بطفولته البريئة "لن أذهب اليوم يا والدي أشعر بالتعب الشديد".

وبعد ساعات استيقظ خالد وبدأ يتجول في المنزل ويتنقل من غرفة إلى أخرى كأنه يبحث عن شيء مفقود، ثم غادر متجهًا إلى السوق واشترى ملابس جديدة وحلق "شعر رأسه" وعاد إلى أمه مبتسمًا مقبلًا يديها ويقول لها: "سأوسعها عليكي اليوم يا أماه"، كما تقول والدته لمراسلنا.

وتناول خالد طعام الغذاء، وارتدى ملابسه الجديدة، وغادر مسرعًا إلى الحافلة التي تقل الشبان للمشاركة في مسيرة العودة وكسر الحصار السلمية، ساعات قضاها متنقلًا في أرجاء مخيم ملكة شرق غزة قبل أن يلتقي بصديقه يحيى، وفور وصوله ذهب إلى أحد الباعة واشترى قطع من الحلوى ووزعها على جميع أصدقائه مع ابتسامة جميلة ستظل خالدة في ذهن يحيى إلى الأبد.

لحظات فقط قضاها يحيى وخالد معًا في مخيم العودة قبل أن يقرر خالد الذهاب إلى زاوية أخرى من المخيم، وعلى بعد عشرات الأمتار من السياج الزائل وأثناء وقوف خالد على قدميه أصيب برصاصة إسرائيلية في صدره، ثم رصاصتين في خصره.

اسودت الدنيا في وجه صديقه الطفل يحيى الذي أصيب بالصدمة وهو يرى دماء صديقه تنزف على الأرض ويسمع صراخات الألم الشديد دون أن يتمكن من فعل شيء، هجم الشبان وانتشلوا خالد علًّهم يلحقوا بروحه قبل أن تفارق الحياة.

دقائقٌ مرت قبل أن يستعيد الطفل يحيى ذاكرته من الصدمة ليلحق بصديقه المحمول على الاكتاف إلى النقطة الطبية في مخيم ملكة والتي نقلته على الفور بسيارة الإسعاف إلى مجمع الشفاء الطبي لخطورة الإصابة وبقي الطفل يحيى يبكي مع أصدقائه الأخرين بانتظار مغادرة حافلتهم أرض المخيم.

وفي الساعة الـ6:00 تحركت الحافلة من مخيم ملكة وقلبُ الطفل يحيى يخفق خوفًا على صديقه وما أن وصل إلى الحارة حتى أُعلن استشهاد الطفل خالد الربعي (14 عامًا) متأثرًا بإصابته، حينها فقد الطفل يحيى صوابه وبدأ يذرف الدموع ألمًا على الفراق.

منزل الشهيد

أما في المنزل فكانت الحكاية أصعب بكثير حين بكت الأم دمًا على رحيل نجلها خالد والذي تعتبره اليد الثانية بعد والده وتقول لمراسلنا: "خالد رجل البيت يذهب في الصباح الباكر إلى العمل ويعود بأنواع مختلفة من الفواكه والخضروات، كان حنونًا ولطيفًا جدًا ويسمع الكلام رحمه الله، ترك ألمًا في قلوبنا".

وتستذكر الأم أخر لحظات نجلها الشهيد وتقول: "شاهدتُ خالد يوم استشهاده غريبًا يجلس على الأرض يتجول في غرف المنزل يتأمل الجدران كأنه يبحث عن شيء مفقود لكنني تيقنت أنها علامة تدل على استشهاده، ثم يغادر ويعود حاملًا في يده ملابس جديدة وحالق رأسه استغربت كثيرًا، ومما زاد من استغرابها أثناء تناول الغذاء يوم الجمعة قال خالد لوالدته "إمي اليوم بدي أوسعها عليكي" وتقول والدة الشهيد شعرت حينها أن شيء ما قد يحدث لخالد، فانهمرت من البكاء عند سماع نبأ استشهاده.

الشهيد الطفل خالد الربعي كان يأمل ويحلم كغيره من الأطفال أن يجد الحرية وأن يمارس ألعابه دون أن يفقد روحه؛ لكن قوات الاحتلال الإسرائيلي التي لا تفرق بين طفل وشاب وامرأة خطفت روحه الزكية وبرأته الطفولية لتؤكد أنها تمارس عملية الإرهاب والاجرام ضد أبناء شعبنا الفلسطيني المحاصر.

يُشار إلى أن مسيرات العودة وكسر الحصار انطلقت بتاريخ (30/3/2018) واستشهد أكثر من 324 شهيدًا لا زال 16 منهم محتجزة جثامينهم لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفقًا لإحصائية نشرها مركز الميزان لحقوق الإنسان بتاريخ (7/9/2019).

الشهيد خالد الربعي.JPG
70996108_480073876174957_5250280705392377856_n
71531901_3102914853115162_9024671495233732608_n
 

يحيى الشاويش
صديق الشهيد خالد الربعي
اسرة الشهيد خالد الربعي
يحيى الشاويش صديق الشهيد خالد الربعي
الشهيد خالد الربعي
الشهيد الطفل خالد الربعي
الشهيد خالد الربعي من الشجاعية
 

 

كلمات دلالية