بالصور من تركيا إلى غزة.. "الكومبير" تخطف الأنظار

الساعة 05:20 م|25 سبتمبر 2019

فلسطين اليوم

رائحتها الجميلة تفتح الشهية، وشكلها الجذاب يثير الانتباه، وطعمها اللذيذ يسافر بنا مباشرة دون تأشيرة دخول أو جواز سفر أو دعوة خاصة لزيارة شارع الاستقلال في ميدان "تقسيم" في تركيا حيث المتعة والجمال ورائحة الحرية وشوارعها الانيقة المزينة، هذه وجبة (الكومبير) المشهورة في تركيا وتعتبر ضمن التراث الشعبي لهم.

و"الكومبير" هي وجبة تركية مكونة من "حبة البطاطس كاملة" يتم شوائها على الفرن لمدة ساعتين ثم توضع بها جبنة موزاريلا وتوابل الملح والفلفل الأسود ويتم تزينها وفقًا لصاحب الطلب أو البازيلاء أو اللحم والسلطات المكونة من البصل والفلفل الحار والطماطم وغيرها.

وهذه الوجبة الشهية لم تعد حكرًا للأتراك فغزة المحاصرة لا زالت تبدع في التغلب على أوضاعها الصعبة وحصارها المطبق فقد أبدعت "عبير" (36عامًا) في اتقان تلك الوجبة لتنقل لنا رائحة العثمانيين.

"عبير وزوجها بلال" لم يتوقعا مطلقًا تحويل مشروعهما من أفكار تجوب مخيلتهما إلى واقع ملموس على الأرض لأسباب مختلفة أولهما الوضع الاقتصادي الصعب الذي يضرب كل مقاومات الحياة وثانيها عادات وتقاليد شعبنا الذي يحتكر العمل للزوج فقط دون الزوجة.

قبل نحو عام ونصف كانت عبير تقلب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وقلبها يعتصر ألمًا لما وصل به حالها وحال زوجها من أوضاع اقتصادية صعبة جدًا كالألاف من أبناء شعبنا في القطاع، ليستوقفها اعلان إحدى المؤسسات الخاصة والتي تشجع تنفيذ مشاريع الشباب وتساهم في نسبة أكثر من النصف ليرى المشروع النور على أرض الواقع.

عادت الابتسامة ترتسم على وجه عبير وبدأت تفكر خارج الصندوق لتتمكن من اقتناص تلك الفرصة الذهبية، وطرحت على زوجها "بلال" مشروع مطعم يختص في صناعة الوجبات التركية وخاصة "وجبة الكومبير" فرح "بلال" بهذه الفكرة وشجعها للتقديم على المشروع.

وعن سبب اختيارها هذا المشروع تقول عبير لمراسل "فلسطين اليوم": "اخترت هذا المشروع لأنني أمتلك خلفية لإعداد الوجبات التركية السريعة وخاصة الكومبير، وقد تعلمت ذلك عن طريق الانترنت".

بعد أقل من أسبوع وصل الخبر السعيد إلى "عبير وزوجها" بقبول المشروع والمساهمة في تنفيذه بنحو 70% من التكلفة الاجمالية مما أدخل الفرحة إلى قلبيهما، وبدأ الزوجين يتواصلا مع الجهات الداعمة التي طلبت منهما حضور ورشات العمل الخاصة بالمشروع وهي كيفية ادارة الاعمال وكيفية اتقان الوجبات وتقديمها بالشكل اللائق والابداعي إلى الجمهور.

استمرت ورشات العمل ما يقارب عام ونصف تقاسم خلالها الزوجين الحضور والغياب، حتى تمكنا أخيرًا من تنفيذ المشروع بإقامة مطعم للوجبات التركية في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وتقول عبير لمراسلنا: "يشهد المطعم اقبالًا كبيرًا من قبل الجمهور لأن الوجبات المقدمة جديدة وغريبة بعض الشيء خاصة وأن القائم على اعداد الوجبات التركية السريعة هو امرأة وليس رجل كما تجري العادة لدى كافة المطاعم المشهورة قطاع غزة".

وتحاول عبير التوفيق بين عملها الجديد وأن تكون ربة منزل مثالية بتربية وتعليم أطفالها.

وعن المعوقات التي واجهت عبير قالت: "كنت أشعر بالحيرة لتقديم المشروع ولم اتوقع قبوله ونجاحه بهذا الشكل اللافت، مشيرة إلى أن زوجها بلال ساعدها وشجعها كثيرًا، وحاول ايجاد مكان مناسب لتنفيذ المشروع، واستمر بحثه أسابيع حتى وجد مكانًا مناسبًا في مدينة خانيونس.

وأضافت: "ثاني المعوقات كانت ترخيص المطعم فهناك شروط تعجيزية لافتتاح المشاريع لكن بحمد الله تمكنتُ بالاتفاق مع اخواننا في بلدية خانيونس افتتاح المطعم وتقديم اجراءات طلبات الحصول على الترخيص المناسب".

وعن العمال داخل المطعم قال زوجها بلال لمراسلنا: "هذه إحدى المعوقات التي ساهمت في تأخير افتتاح المطعم"، لافتًا إلى أن العادات والتقاليد كانت تقف حاجزًا أمام ادارة زوجتي عبير للمطعم، فكيف لامرأة أن تدير مطعم به العديد من الرجل ويزوره الكثير من الزبائن؟.

لحل هذه الاشكالية اقترح بلال على زوجته تشغيل أشقائها في المطعم إلى جانب صديق له كان يعمل شيف في أحد المطاعم على أن تكون عبير هي المسؤولة وفقًا لشروط المشروع، قائلًا: "أنا أعمل في مؤسسة خاصة في مدينة غزة لكن لا أستطيع وحدي توفير مصروفات البيت المتزايدة في ظل ما نعيشه من اوضاع صعبة فقررت زوجتي مساعدتي بتنفيذ المشروع".

ولقى المشروع اعجاب الكثير من المواطنين وخاصة ما يقدمه من وجبة "الكومبير" الجديدة على أبناء شعبنا في قطاع غزة، وقد أضافت عبير لمساتها الجميلة على هذه الوجبة الشهية وزادت من مكوناتها بما يتلائم مع رغبات الزبائن.

ويتجه المئات من أبناء شعبنا الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة تجاه المؤسسات الداعمة لتنفيذ مشاريع اقتصادية من شأنها رفع مستوى المعيشة للعائلات الغزية في ظل ما يعانيه القطاع من أوضاع اقتصادية صعبة جدًا بسبب الحصار المفروض منذ أكثر من 13 عامًا، ما أدى لارتفاع معدلات الفقر والبطالة بين الشبان والخريجين.

وبلغت معدلات الفقر والبطالة 52%، في حين أن نسب الفقر أو (خط الفقر) في قطاع غزة وصلت إلى 80% عام 2017 (أي ما يزيد عن نصف سكان القطاع)، مقابل نسبة الفقر المدقع التي وصلت إلى 33.7% في نفس العام (يقل دخلهم عن 300 دولار شهرياً للأسرة )، وترتب على ذلك بالطبع الكثير من مظاهر القلق والانحطاط واليأس السائدة في أوساط أبناء شعبنا في القطاع.

6efbbd76-d4c2-4d97-88d0-91683bb55d61
aee2b2d8-498c-4018-8413-b0cc17ab2a74
c57e2667-20b6-4383-a945-483281725974
 

\12
3
4
5
6
7
8
9
10
 

كلمات دلالية