خبر ثمن النكران.. هآرتس

الساعة 09:42 ص|05 فبراير 2009

بقلم: اسرائيل هارئيل

ان حظي افيغدور ليبرمان بانجاز انتخابي يتوافق مع ما تتنبأ به الاستطلاعات فلن يكون المسؤول الاساس عن ذلك لمئات الاف المواطنين الذين سيقعون في اسر افكاره ومواقفه. من يتحمل المسؤولية هم المتضررون الاساسيون من ذلك – الاحزاب الكبيرة، التي تجاهلت الضائقة والمخاوف التي يشعر بها من يصوتون له. قادة هذه الاحزاب الذين اغلفوا معالجة مشاكل الدولة الموجعة، هم الذين تسببوا بهذا الغضب لانفسهم ولنا ايضا. هم الذين فروا من حسم الامور طوال سنوات، اي تملصوا من واجبهم القيادي وتسببوا بوصول شخص مشبوه جنائيا ومناور مداور سياسيا الى هذه المكانة والذي يشك في ايمانه بالامور التي ينظر لها.

ليبرمان يمتطي صهوة ثلاثة ازمات مزمنة تعيشها الدولة: ازمة القيادة السياسية وازمة القيادة العسكرية وازمة القيادة القانونية، النزعة الراديكالية – حتى درجة نفي حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره واقامة دولته فوق ارض اسرائيل – في صوف عرب اسرائيل، واخيرا الازمة الاخلاقية التي تتجسد من خلال التعالي والفوقية وعدم النزاهة والمعايير الاخلاقية المزدوجة، التي تتصرف بها اغلبية الشرائح الفكرية والثقافية في اسرائيل. بينما يبرر هذا الجزء من الجمهور التطرف العربي وكذلك مظاهره العنصرية والعنيفة، يطرح في صورة مماثلة للعنصرية مطالب منطقية وعادلة يطالب بها ليبرمان العرب – مثل الخدمة الوطنية والمساواة في الواجبات وليس في الحقوق فقط.

المواطن العادي غير العنصري واحيانا الذي لا ينتمي الى اليمين، لا يفهم سبب مطالبة العرب بالتصريح عن ولائهم للدولة التي تدافع عنهم وتمنحهم خدمات تربوية وطبية في مستوٍ لا مثيل له في دول كثيرة في الغرب، وبالتاكيد ليس في الشرق الاوسط، يعتبر "مناقدا لأسس ومبادىء الديمقراطية" ان كان الامر كذلك فهو يقول لنفسه: هناك شيء غير سليم في الديمقراطية ولذلك يستخلص ان "ليبرمان على حق".

ذلك المواطن يغضب ايضا من القول بان الديمقراطية لا تربط حقوق المواطن باداء الواجبات. هذا النهج "ما بعد الحديث" قد يكون مقبولا في الادبيات الراديكالية، الا ان شعور العدالة الطبيعية لا يقبلها وكذلك وثيقة حقوق الانسان الصادرة عن الامم المتحدة. البند 29 من ميثاق حقوق الانسان يقول بوضوح ان "لكل انسان واجبات تجاه المجموع لانه يحصل على امكانية التطور الحر والكامل داخل المجموع فقط".

ما من شك ان سلوك قادة العرب في اسرائيل المستفز والمتحدي وتضامن الكثيرين منهم كما حدث خلال عملية "الرصاص المصهور" مع حماس، يدفع بقائمة ليبرمان الى الاعلى. ولكن اليهود ايضا الذين يتهمون الجيش الاسرائيلي بجرائم الحرب قد صبوا الزيت على النار واعطوه المزيد من المقاعد البرلمانية. هناك ايضا الضعف الشخصي والفكري والتنفيذي الذي يتصف به القادة الاخرون بنامين نتنياهو، وتسيبي لفني، وايهود باراك. الكثيرون يعتبرون ليبرمان رجلا سيخلص الشعب والدولة من الارهاب الذي لا ينتهي بسبب عدم الرغبة او القدرة كما ظهر في الشهر الاخير وعجز القيادة الحالية عن القضاء عليه.

حتى ان حظي ليبرمان بالقوة التي تتوقعها له الاستطلاعات، فان السياسة التي ينادي بها وحتى الشرعية منها لن تتجسد. ائتلاف واسع في البلاد سيرفض كل اقتراحته. لا يتوجب على الحكومة التي ستتشكل ان تفعل ذلك. عليها ان تزيل القشرة – وخصوصا الجزء المسموم منها – عن افكاره ولكن ليس عليها ان تؤجل مرة اخرى معالجة المجالات التي يطرحها على جدول اعماله والتي ادى اهمالها حتى الان الى وصولنا الى هاوية انتهاء الحكم. ان تواصل التنكر للواقع وبالاساس عدم معالجة هذا الواقع بصورة ملحة فان الفائز في الانتخابات القادمة قد يكون افيغدور ليبرمان وليس غيره.