بالصور بريشة وألوان.. منال الأسطل تغزل الطبيعة في الملابس

فلسطين اليوم

لم يسلم أي شيء منها، تغريها قصاصات الورق الملقاة على الأرض، أو وصفة دواء على ورقة طبية موضوعة على أريكة، حتى أوراق الأشجار كانت مسرحًا لجريمتها الفنية الجميلة، فكل مكان تزوره تترك لها بصمة أو لوحة أو أي ذكرى فنية لافتة.

كانت تظن منال الأسطل (20 عامًا) أنها ستفسد ملابسها عندما لمحت في ذهنها فكرة تحويلها للوحات كذلك، لكن الأمر كان غير متوقع وجميل إلى الحد الذي لقى رواجًا كبيرًا على مواقع التواصل، ومصدر رزق للفتاة الجامعية الموهوبة في شتى أنواع الرسم والنحت.

استطاعت منال ابنة مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، خلال فترة قصيرة أن تجد لنفسها مكانًا مميزًا على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن تستثمر موهبتها لتفتح باب رزق لها يعينها على دفع مصاريف الجامعة، والمساعدة في احتياجات الأسرة إن لزم الأمر.

طفلة شغوفة

في صغرها كانت منال تجتمع وأخواتها مع الألوان والأوراق لتبدأ حفلة الرسم والإبداع والتجريب، مما ساعد في صقل موهبتها، وزيادة حبها للفن بشكل عام، حيث تلقت تشجيعًا كبيرًا من أسرتها المكونة من 11 فردًا، مما دفعها خطوات للأمام كي لا تتخلى عمّا تحب وتستمر فيه.

تطورت موهبة الفتاة الصغيرة مع تقدمها في العمر شيئًا فشيئًا، لكن حبها للتجربة لم ينتهِ، فقد رسمت شخصيات البورتريه، ورسمت بالقهوة، ونحتت بالرمل، ورسمت بالفحم وبألوان الأكريليك، وأبدعت في تدوير الورق، وأخيرًا صنعت من "بناطيل الجينز" لوحات فنية جذابة.

دراسة وعمل

رغم تكريس جلَّ وقتها للفن لكنها لم تدرسه في الجامعة، وعن ذلك تقول لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية"، "اهتماماتي كثيرة، وهناك أشياء أخرى غير الرسم والفن تجذبني وأهمها اللغات، واللغة الإنجليزية بشكل خاصة، لذا قررت دراسة آداب لغة انجليزية في الجامعة".

وفي عالمها الخاص داخل غرفتها المزينة برسوماتها تجلس منال بكامل تركيزها تزين بنطالًا برسم الورود عليه، وتكمل حديثها قائلةً: "أنا لا أحب الرسم فقط لأنه مصدر رزق أو هواية، فالرسم أو الفن بشكل عام قادر على تحويل كل الطاقة السلبية والحزن إلى لوحات جميلة، وإلى شيء نحبه".

وتسترسل الفتاة العشرينية: "أول صورة بورتريه رسمتها عندما قررت بيع اللوحات كنت خائفة جدًا، لكن ردة فعل الشخص صاحب الطلب كانت رائعة جدًا، أعطتني دفعة كبيرة للاستمرار وتطوير نفسي، وتطوير مجال عملي، وخلص أفكار جديدة".

صقل الموهبة

لم تلتحق منال بدورات خاصة بالرسم، لكن الممارسة المستمرة، والتغذية البصرية العالية، كانت سرها في تطوير فنَّها وفتح آفاق جديدة في رسوماتها وأفكارها، والتي لاقت إعجاب متابعيها على موقع التواصل الاجتماعي الخاص بالصور "انستغرام".

وتطمح الشابة الموهوبة أن تمتلك يومًا مرسمًا خاصًا بها، تعرض فيه مشغولاتها ولوحاتها، وتصنع زاوية خاصة كـ"محراب" تقوم فيه بالرسم والتشكيل و"صناعة الجمال"، إضافة إلى طموحها بالتفوق في مجال دراستها، وفي مجال التصوير الذي تظهر الصورة المعروضة على حساباتها موهبتها فيه.

وعن أكثر الأسئلة التي تطرح عليها وهو (هل تزول الألوان عن الجينز مع الغسيل والاستخدام) تجيب منال: "أستخدم في الرسم على الجينز ألوانًا خاصة لا تزول مع الغسيل والاستخدام، لكن هذه الألوان مرتفعة الثمن، وأحيانًا لا أستطيع الوصول إليها في منطقتي".

وتؤكد الأسطل أن الحصار يؤثر بشكل كبير على جميع مجالات الحياة، حتى على المشاريع الفردية، فكل الأعمال تحتاج إلى مواد خام أو أدوات وهي التي لا تتوفر باستمرار، مضيفة أن انقطاع التيار الكهربائي كذلك يعيق العمل في كثير من الأحيان.

خطط مستقبلية

ولدى منال العديد من الخطط المستقبلية أهمها تطوير حساباتها على مواقع التواصل حتى تصل إلى أكبر عدد من الجمهور والمهتمين في مجال عملها، كما تملك أفكارًا جديدة للرسم مثل الرسم على أوراق الشجر، وتطبيق أفكار جديدة لصور البورتريه.

يشار إلى أن الكثير أصحاب المواهب في قطاع غزة لجأوا في الآونة الأخيرة إلى مواقع التواصل الاجتماعي لبيع منتجاتهم أو رسوماتهم أو أعمالهم الفنية، ولم يقتصر الأمر على هذه المجالات فقط، بل تعدى ذلك إلى الطبخ والتطريز والكثير من الحرف والأشغال اليدوية.

ويعاني الكثير من الموهوبين وأصحاب الأفكار الإبداعية إما من نقص الأدوات أو صعوبة الوصول إليها بسبب الحصار الإسرائيلي المطبق على قطاع غزة منذ أكثر من 12 عامًا، والذي يمنع فيه الاحتلال الإسرائيلي من وصول الأدوات والمعدات وحتى المنتجات الغذائية إلى قطاع غزة.

كما ساهمت العقوبات التي فرضتها السلطة الفلسطينية على موظفيها في القطاع، إلى انعدام القدرة الشرائية لدى الكثير من العائلات، مما أدى إلى تراجع الحركة التجارية في القطاع، وإغلاق العديد من المحال، وانسحاب التجار من المجال، الأمر الذي دفع الشباب إلى البحث لإيجاد بدائل لتسويق سلعهم وأعمالهم.