انتخابات على روح الدولة - هآرتس

الساعة 02:22 م|18 سبتمبر 2019

بقلم: عوزي برعام

(المضمون: الرسالة اليمينية واضحة والرسالة المناقضة ليست بارزة بما يكفي، لكنها بسيطة ومفهومة: اسرائيل يجب عليها مواصلة كونها دولة يهودية وديمقراطية وليبرالية - المصدر).

في مركز هذه الحملة الانتخابية ليس هناك خلاف اقتصادي أو سياسي، كما يجري عند أمم سليمة، وايضا ليس مسألة اعطاء حصانة لرئيس الحكومة الذي يحوم فوقه ظل الفساد. ما يقف في مركز هذه الحملة هو صراع على جوهر الدولة، على مسألة هل ستكون دولة ديمقراطية حقا أو أنها ستنضم الى النادي "الديمقراطي" الذي فيه اعضاء دول مثل تركيا والبرازيل وهنغاريا.

لم افكر في أي يوم بأن نتنياهو هو شخص يريد الدفع قدما بأي موضوع جوهري. لقد أراد فقط أن يبقى على قيد الحياة، أن يتلوى، أن تكون له شعبية. كل ذلك حققه. ليس هناك أحد من زملائه يجاريه رغم أن أحدا منهم لا يعرف ما الذي سيقوله غدا.

إن سعيه الى تقويض البنى التحتية للديمقراطية ينبع ايضا من دوافع شخصية. لوائح الاتهام المعلقة والتي تقف ضده. من اجل ذلك اقنع جزء من الجمهور بأن القضاة في اسرائيل منحازين مسبقا، وأن المستشار القانوني للحكومة الذي كان مقربا جدا منه، هو حجر رحى معلق على رقبة السلطة التنفيذية، وأن مراقب الدولة يجب عليه أن يثني على محل انتقاداته، وأن المفتش العام للشرطة السابق الذي جاء من المعسكر الديني – القومي، هو شخص لديه دوافع ظلامية، وعلى رأسها كراهية نتنياهو والسعي لملاحقته.

كل هذا النظام المعادي، حسب حملة نتنياهو، لم يكن ليستقر في القلوب لولا أن وسائل الاعلام تآمرت معه لأنه يساري. فعليا، مثل حراس العتبة حسب ادعاءات الابن الوقح. الصورة اكتملت. كل اجهزة الديمقراطية الاساسية، القانون، القضاء، الاعلام والتنظيم، تآمرت معا من اجل اسقاط رئيس الحكومة. هذه هي الحملة المجنونة التي يقودها نتنياهو، وحزبه يسير من خلفه. ولهذه البضاعة التي تغطي نفسها بغطاء قومي متطرف بصيغة أنه ليس هناك وطنيون مثلنا، ليس هناك من يبغض العرب اكثر منا، حتى ولا قوة يهودية – هذه البضاعة يوجد من يشتريها. هكذا يحول نتنياهو نفسه بشكل علني ومتعمد الى رئيس حكومة لنصف الشعب، في الوقت الذي يتم فيه رفضه بسبب كونه مكروه من قبل النصف الآخر.

مقابل هذا الوضع يجب علينا النظر بصورة واضحة الى الواقع، ليس هناك احتمالية حقيقية كي تقوم هنا حكومة يسار. اليسار والوسط يسعيان، كل واحد بطريقته، الى تشكيل حكومة تغيير، مع شركاء آخرين لتقوم بوقف انهيار الديمقراطية. هذا التغيير يحتاج الى وقوف كامل لكل من يعارض تدمير الديمقراطية. في اليسار والوسط هناك ميل لانتخاب حزب كبير والتخلي عن الاحزاب الصغيرة. هذا رأي مضلل وخطير. حزب ازرق ابيض لن يتمكن بـ 38 مقعد أن يضع امام الرئيس رؤوبين ريفلين أي طريق حقيقية، اذا اختفى حزب العمل وحزب المعسكر الديمقراطي.

الطريق الى احباط تشكيل حكومة يمين ليست بسيطة. هي تحتاج الى استجابة غير عادية من الجمهور – الذهاب الى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات من خلال الادراك لحقيقة أن هذه الانتخابات هي انتخابات على روح الدولة.

الرسالة اليمينية واضحة. الرسالة المناقضة ليست بارزة بما يكفي، لكنها بسيطة ومفهومة: اسرائيل يجب عليها مواصلة كونها دولة يهودية وديمقراطية وليبرالية – هذا هو الـ دي.ان.ايه الحقيقي لها.