أين تقع غزة من البازار الانتخابي..

الانتخابات الإسرائيلية و"فرد العضلات" من خلف الشاشات.. سيناريوهات ما بعد الثلاثاء!

الساعة 01:18 م|16 سبتمبر 2019

فلسطين اليوم

"أتمنى أن استيقظ يوماً من النوم فأرى غزة وقد ابتلعها البحر".. حلمٌ إسرائيلي قديم جديد من باب التمنيات والهزيان السياسي والعسكري الإسرائيلي للتخلص من المدينة الصامدة التي تحولت لرقمٍ صعب في المنطقة، وأفقدت جميع الغزاة خياراتهم للتعامل معها، تلك المدينة التي تتقن فن الحرب والمفاوضة تحت النار أصبحت مادة في إطار التراشق بين المرشحين الإسرائيليين، واصبح كل سياسي وعسكري إسرائيلي ومرشح للانتخابات ينال من خصمه في الصاق الفشل الحاصل في التعامل مع تلك المنطقة في محاولة لإضعاف خصمه.

وركز المرشحون الإسرائيليون بشكلٍ كبير على قطاع غزة دون أي جبهة أخرى، إذ لا تكاد تخلو تصريحات المرشحين، وصفحات الصحف، ونشرات الأخبار من التطرق لملف غزة المُعقد على جميع النواحي، لاسيما الفشل في التعامل مع قطاع غزة، خاصة وأن التجربة أثبتت فشل جميع الأدوات سواء العسكرية أو السياسية لتطويع المدينة الصامدة.

منطقة صعبة بكل المقاييس

مختصان في الشأن الإسرائيلي رَأَيَا أن غزة لا تزال بالنسبة للكثيرين من المرشحين الإسرائيليين المنطقة التي من الممكن أن تنهي حياة بعض السياسيين كما نهت الحياة السياسية لأولمرت، وباراك، وليبرمان، لاسيما انها المنطقة الأكثر سخونة واشتباكاً مستمراً مع الاحتلال الإسرائيلي.

المختص في الشأن الإسرائيلي د. عدنان ابو عامر يقول "من الواضح ان السجال الانتخابي الإسرائيلي في هذه المرحلة يجري على قدم وساق، وقد تكون غزة ورقة لمنح هذا المرشح أو ذاك فرقاً في التصويت، واستمرار التوتر مع قطاع غزة قد يمحنهم فرصة التفوق على نتنياهو من خلال إظهاره بالتفريط في الأمن الإسرائيلي، واظهاره بانه ضعيف أمام المقاومة الفلسطينية في غزة في نفس الوقت".

وأشار أبو عامر إلى أن غزة كانت صعبة على صعيد الاستخدام كورقة بالنسبة لبعض المرشحين، قائلاً: "غزة فعلاً صعبة ولا تسمح لأحد بأن يستخدمها أي مرشح كورقة رابحة، فليس من السهل على العسكريين أو السياسيين الإسرائيليين المبادرة في اتخاذ قرار شن عملية عسكرية لرفع اسهمهم في الانتخابات، لاسيما أن غزة 2019 ليس 2009 ومن السهل على غزة أن تمنح شهادة وفاة لنتنياهو".

وتابع: غزة لا تسمح بأن تستخدم كورقة في الانتخابات الإسرائيلية، نتنياهو يدرك أن أي تصعيد عسكري يعني اغلاق المجال الجوي وإدخال الإسرائيليين للملاجئ، واعلان نهاية مبكرة لمستقبله السياسي، نتنياهو يدرك ان خصومه يسعون لاستدراجه نحو تفجير الموقف مع قطاع غزة، لعلمهم أن غزة سترد بالحديد والنار، وقد تطيح بمستقبله السياسي إلى الأبد.

وتابع: غزة لا ترى نفسها جزء من العملية الانتخابية، هذه معركة انتخابية كبيرة تشارك فيها اطراف متعددة اليمين والوسط واليسار وروس واوروبيين وعرب، فلا ولن تنخرط في سياق رفع أو خفض أسهم أي طرف من المرشحين الإسرائيليين، وانما تحاول ان تظهر أي حكومة ضعيفة امام الفلسطينيين، ولا تمنح أي حكومة بوليصة تأمين لفوزه بالانتخابات، لعلم فصائل المقاومة والساسة الفلسطينيين أن حكومات اسرائيل كلها متطرفة وتستهدف الفلسطينيين عن قوس واحد.

وعن التهديدات الإسرائيلية تجاه غزة في مرحلة الانتخابات، قال ابو عامر: بعد الانتخابات لكل حادثة حديث، من الصعب أن يتم تقييم موقف في موسم انتخابي على انه الرؤية القادمة بعد الانتخابات، الجيش الإسرائيلي لديه قناعة أن غزة لا يمكن حلها عسكرياً إذ لابد من حل ملفاتها بالحل الاقتصادي ومن خلال تحسين الأوضاع المعيشية.

ويرى أبو عامر أن الجيش الإسرائيلي سيعمل على كبح جماح أي مسؤول سياسي إسرائيلي في المستقبل يفكر بشن عملية عسكرية ضد غزة، مستدركاً: لأنًّ الذهاب لأي عملية عسكرية إسرائيلية قد يكبد الجيش خسائر فادحة لا طاقة للجيش فيها.

واشار إلى ان جيش الاحتلال الإسرائيلي لديه تقدير موقف أن أي حرب قادمة ستنتهي إلى نفس نتائج الحروب السابقة الثلاثة، فلماذا يتم الذهاب إلى حرب غير واضحة المعالم والنتائج في الوقت الذي سيتكبد فيه الجيش خسائر كبيرة دون معرفة ما هي الخطوة التالية بعد اليوم الأول!.

غزة صعبة وحكومات عاجزة

بدوره، قال المختص في الشأن الإسرائيلي تيسير محيسن "ملف غزة وحضوره في الانتخابات الإسرائيلي ليس جديد، وإنما غزة حاضرة في كل تفاصيل المجتمع الإسرائيلي، كيف لا تكون غزة حاضرة وكل التيارات الإسرائيلية والحكومات المتعاقبة عجزت عن التعامل مع القطاع.

وأضاف: الأدوات المستخدمة للتعامل مع غزة خلال السنوات السابقة اثبتت فشلها فشلاً ذريعاً، وعليه واجه نتنياهو انتقادات عنيفة، وكانت إحدى وسائله للتعامل مع قطاع غزة محل انتقاد وتهكم  (قضية إدخال الاموال لغزة)  من المنافسين المعارضين، واستخدمها المنافسون كأدوات لتقليص حجم التأييد الشعبي لتيار نتنياهو.

وذكر محيسن أنه على الرغم من أن اليمين الذي يقوده نتنياهو حاول اقناع اليمين الإسرائيلي بان هناك ملفات ذات أولوية اكبر من ملف غزة، إلا أن الواقع يقول أن ملف غزة فرض نفسه بقوة وأثر على نتنياهو سلباً.

واضاف: أن غزة حاضرة كورقة لدى كل المرشحين الإسرائيلي لاستدرار اكبر قدر من الأصوات من المجتمع الإسرائيلي لصالحهم.

وعن التهديدات الإسرائيلي التي اطلقها ليبرمان وغانتس ونتنياهو، أوضح محيسن أن تلك التهديدات تأتي في إطار البازار الانتخابي وهي جزء من الدعاية الانتخابية، مستبعداً تنفيذ أي من تلك التهديدات، قال: مثلاً عندما تطالب بعض الأحزاب الإسرائيلية بحسم العلاقة مع غزة من خلال توجيه ضربة واسعة أو اجتياح واسع لغزة، هناك رأي مضاد معاكس له يقول إن تجربة التعامل العسكري لن يجدي نفعاً مع قطاع غزة.

وأضاف: خلال العقد الأخير شنت إسرائيل حروباً لم تحقق من ورائها أي نتائج، اسرائيل (ساسة وعسكر) يبحثون عن أداة جديدة للتعامل مع غزة، الثابت لكل التيارات الإسرائيلية أن تبقى غزة تحت الضغط وان يبقى رأسها فوق الماء وجسدها تحت الماء، وهي نظرية ابتدعتها بعض القوى الإسرائيلية، البدائل غير موجودة لدى الساسة الإسرائيليين، بمعنى لو تم القضاء على المقاومة ليس لديهم تصور عما سيجري بعدها بيوم واحد؟!.

 

مواقف الاحزاب الإسرائيلي من غزة

تباينت مواقف الأحزاب الإسرائيلية في طريقة التعاطي والتعامل مع قطاع غزة، مع اقتراب موعد الانتخابات القادمة بعد غد.

واستطلعت صحيفة "إسرائيل اليوم" صباح اليوم الأحد مواقف الأحزاب الإسرائيلية المرشحة للانتخابات، من قطاع غزة، وطريقة رؤيتها للحل هناك، كونه تحديا كبيرا سيواجه الحكومة القادمة.

وفي البداية، تناولت الصحيفة موقف كبرى الأحزاب بحسب آخر استطلاعات الرأي، وهو حزب "كحول –لفان" بزعامة قائد أركان الجيش الأسبق بيني غانتس.

وأعرب الحزب عن اعتقاده أنه لا يتوجب دفع أي شيقل لحركة حماس تحت الضغط، كما يرى أنه سيكون من الصواب الالتفاف على الحركة وإيصال رسالة للسكان، بأنها هي الحائل بينهم وبين الحياة الرغيدة، وأنها ستسعى في هذا الإطار لإحداث حل يشمل مبادرات إقليمية واسعة.

وفيما يتعلق بحركة حماس أيضا، يرى الحزب ضرورة توجيه ضربات قاسية للتنظيم.

بينما لم يقدم حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي أي خطة لطريقة تعامله مع القطاع، سوى الحديث عن تقوية قوة الردع، في الوقت الذي يصرح فيه رئيس الحزب بنيامين نتنياهو صباح مساء أنه قد يضطر لمهاجمة غزة من جديد إذا لم تهدأ الاوضاع.

بدوره، عبر حزب العمل بزعامة "عامير بيرتس" عن اعتقاده أن الحزب لن يحتمل إرهاب البالونات والطائرات الورقية والعبوات الناسفة والحرائق، معتبرا أن رد الجيش لغاية الآن كان صحيحاً ودقيقاً عبر توجيه النار ضد حماس، لأنها هي الحاكم الفعلي للقطاع وعليها تحمل المسئولية.

وزعم الحزب أنه سيقوم بمبادرات وخطوات سياسية وتطوير مشاريع إنسانية في القطاع.

فيما عقَّب تحالف حزب "يمينا" بزعامة وزيرة القضاء السابقة أييلت شكيد بالقول إن الحل يكمن في إخضاع حماس وعدم تحويل الأموال للحركة لقاء الهدوء، وأنه يتوجب على حماس أن تبدأ بالخوف حال وصول الحزب للحكم.

كما استطلعت الإذاعة موقف حزب "يسرائيل بيتينو" بزعامة وزير الجيش الأسبق أفيغدور ليبرمان، وعبر الحزب عن اعتقاده أن الحل يكمن في العودة للتصفيات الجسدية لقادة حماس، وبعدها الذهاب نحو حلول إقليمية تشمل عمليات تبادل للأراضي ونقل للسكان.

أما حزب " القوة اليهودية" ذو الفرص المتدنية في الدخول إلى الكنيست، فيرى أن الحل يكمن في القبضة العسكرية الحديدية ضد القطاع، بالإضافة لتشجيع هجرة السكان من هناك وإعادة المستوطنين إلى العيش في "غوش قطيف".

وفي النهاية، ترى الأحزاب العربية واليسار الإسرائيلي أنه ليس من مصلحة الحكومة الذهاب نحو عملية عسكرية واسعة، وأن الحل يكمن في تسوية بعيدة الأمد في القطاع تضمن رفع الحصار ووقف العمليات.

في حين يرى خبراء في الشأن الإسرائيلي أن رؤية شتى الأحزاب الإسرائيلية لمستقبل الحل في قطاع غزة تفتقد للاستراتيجية في التعامل، وتركز على المنحى التكتيكي والحلول المؤقتة وتأجيل الحلول القابلة للحياة.

 

كلمات دلالية