ترامب يهتم قبل أي شيء بترامب

نتنياهو جرب على جلده ما اختار تجاهله - هآرتس

الساعة 01:54 م|11 سبتمبر 2019

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: إن اقالة مستشار الامن القومي الامريكي جون بولتون يمكن أن تشكل اشارة اخرى على استعداد ترامب لاجراء مفاوضات مع طهران. وفي هذه الاثناء هو بحاجة الى انجازات سياسية وليس حروب جديدة في الشرق الاوسط - المصدر).

هذا لم يكن اليوم الاكثر نجاحا لنتنياهو. المؤتمر الذي عقده أمس مع وعود اصدار اعلان مفاجيء ومدوي، انتهى بتعهد معاد تدويره مشكوك في أنه غير توجه تصويت ناخب اسرائيلي واحد. في هذه الاثناء ليس فقط أن بادرات حسن النية التي توقعها من الادارة الامريكية لم تأت بعد، بل أن المؤيد والمتحمس له جدا في واشنطن تمت اقالته قبيل ما يبدو أنه انعطافة هامة في السياسة الامريكية تجاه ايران. وللتحلية، في الوقت الذي كان فيه نتنياهو يلقي خطابه في الاجتماع الانتخابي في اسدود، استقبله الفلسطينيون – كما يبدو الجهاد الاسلامي – بصواريخ كاتيوشا من القطاع موجهة نحو اسدود وعسقلان. لن يكون من المفاجيء اذا تبين أن العملية الاخيرة كانت نتيجة استفزاز ايراني مخطط له، قبل اسبوع على موعد الانتخابات. هذا يحدث في ساحة فيها نتنياهو هش بصورة خاصة من ناحية جماهيرية، ويؤكد فشل حكومته المتواصل في معالجة أمن سكان غلاف غزة.

إن اطلاق الصواريخ من القطاع ضبط نتنياهو بوضع محرج جدا بالنسبة له ويمكن استغلاله ايضا بدرجة كبيرة من قبل خصومه. لقد تم توثيقه وهو يخلى بذعر من قبل حراسه من الشباك عن المنصة الى مكان آمن. لقد جرب للمرة الاولى ما جربه بصورة دائمة سكان الجنوب خلال السنة الاخيرة (وبين فترة واخرى منذ العام 2001). نتنياهو وعد أمس بحدث دراماتيكي، لكنه وجد نفسه في دراما مختلفة تماما.

مرة اخرى نصف عنوان. مشاكل رئيس الحكومة بدأت قبل ذلك. فللمرة الثانية خلال اقل من يوم ظهر الرئيس الامريكي ترامب وهو يخرج الهواء من بالون الانتخابات المناوب الذي اطلقه نتنياهو. مساء أول امس عقد نتنياهو مؤتمر صحافي استثنائي كشف فيه عن اكتشافات جديدة حول المشروع النووي الايراني. ولكن ترامب، مع أو بدون علاقة، اعلن بعد مرور ساعتين تقريبا عن رغبته الصادقة في الالتقاء مع الرئيس الايراني حسن روحاني.

الامور كررت نفسها أمس. مرة اخرى وعد مكتب رئيس الحكومة باعلان دراماتيكي. ومرة اخرى ردت وسائل الاعلام بانفعال – ومرة اخرى قدم نتنياهو فقط نصف عنوان، وعد ضبابي باعلان السيادة الاسرائيلية على الغور وربما ايضا على يهودا والسامرة، اذا فاز في الانتخابات في الاسبوع القادم.

التوقعات التي تطورت حول اقوال نتنياهو، استندت ايضا على التقدير بأن خطوته هذه تم تنسيقها مع الادارة الامريكية. ولكن بعد ذلك، بعد اقل من نصف ساعة على انهاء خطابه، القى ترامب القنبلة، كعادته في تغريدة على تويتر: جون بولتون ذاهب الى البيت، مستشار الامن القومي الثالث الذي ودع الرئيس في أقل من ثلاث سنوات.

ترامب، حسب تقارير وسائل الاعلام الامريكية، تردد بشأن بولتون من البداية. كان هناك ادعاء بأنه خشي بشكل عام من الشارب الكثيف للمستشار، لكن هذه الامور متعلقة كما يبدو بالاساس بتماهي بولتون مع معسكر المحافظين الجدد الذي دفع الرئيس جورج بوش الابن نحو حروب في العراق وافغانستان، بعد الهجمات الارهابية في 11 ايلول، في مثل هذا اليوم قبل 18 سنة. ترامب يقول بأثر رجعي بأنه عارض حرب الخليج الثانية التي كان بولتون من مؤيديها الاساسيين.

في الاشهر الاخيرة ظهرت خلافات كبيرة بين ترامب وبولتون في عدة مواضيع. المستشار احرج الرئيس عندما وعد ببث حي بانقلاب لم يتحقق في فنزويلا، واغضبه عندما احتج على جهود السلام التي يبذلها في افغانستان، واختلف معه بخصوص المصالحة مع كوريا الشمالية. ويبدو ايضا أنه عارض بشدة العملية التي يتم طبخها حول استئناف المفاوضات مع طهران.

ترامب الذي كبح توصيات اتخاذ خطوات عقابية عسكرية ضد ايران بعد مهاجمتها لناقلات النفط في الخليج واسقاط الطائرة الامريكية بدون طيار، يخشى من حرب مع طهران. واقالة بولتون حتى لو نبعت من عدة اعتبارات في ساحات مختلفة في العالم، لا تعتبر اخبار جديدة بالنسبة لنتنياهو. إن ابعاد المستشار عن الطريق يمكن أن يكون علامة اخرى على استعداد الرئيس للذهاب الى مفاوضات مع ايران.

عمليا، العقبات الاساسية امام المحادثات توجد الآن في ايران وليس في واشنطن. الايرانيون يطلبون رفع العقوبات كشرط مسبق لاستئناف المحادثات (امريكا تعارض ذلك، لهذا تقترح فرنسا اعتماد 15 مليار دولار كبديل عن ذلك). اضافة الى ذلك، الزعيم الروحي علي خامنئي تحفظ من مجرد فكرة اللقاء بين روحاني وترامب. في المقابل، وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو قال أمس إن الولايات المتحدة مستعدة لاجراء مفاوضات بدون شروط مسبقة.

هذا لا يعني أن معركة صد نتنياهو لهذا الشأن قد اصبحت خاسرة تماما. الميزة الاساسية لسياسة النظام في السنوات الاخيرة هي المزاج المتقلب الشديد. مع ذلك، يبدو أنه قد انتهت الايام التي كان فيها ترامب تقريبا يردد صفحة الرسائل الاسبوعية التي تصدر من القدس.

هذا لا يحدث لأن ترامب غير جلده بالنسبة لاسرائيل، بل هناك سبب آخر وهو أن اليمين في اسرائيل صمم على عدم الاعتراف به خلال سنوات شهر العسل. وهو أن ترامب يهتم قبل أي شيء بترامب نفسه. وفي هذه الاثناء هو بحاجة الى انجازات سياسية وليس الى حروب جديدة في الشرق الاوسط.

صورة الانتخابات

في الايام الاخيرة ساد في جهاز الامن الاسرائيلي قلق شديد من احتمالية تصعيد آخر في الجبهة الشمالية. ايران تواصل بصورة ثابتة محاولاتها لتهريب صواريخ دقيقة الى حزب الله في لبنان. وفي نفس الوقت انشاء خطوط انتاج لسلاح دقيق على اراضي لبنان. الاحتكاك بين الطرفين يزداد ازاء تصريحات اسرائيل عن نيتها منع الخطوات والهجمات الكثيرة التي تم الابلاغ عنها في العراق وسوريا ولبنان. ولكن المواجهة الجديدة في ذروة مناورة كبيرة لهيئة الاركان تحاكي حرب متعددة الجبهات، جاءت أمس بالتحديد من الجنوب من خلال اطلاق الصواريخ من قطاع غزة. المتهم الفوري هو الجهاد الاسلامي الذي يقف من وراء عدد كبير من اطلاق الصواريخ في الاسابيع الاخيرة. في هذه الحالة هذا استفزاز شديد – ليس اطلاق آخر على غلاف غزة، بل اطلاق صواريخ الكاتيوشا على عسقلان واسدود في ذروة خطاب نتنياهو في المدينة الشمالية من بينهما.

حتى الآن كان الرد العسكري محدود في حجمه وقوته. سلاح الجو هاجم 15 هدف لحماس، لكن في غزة لم يتم الابلاغ عن اصابات. هل سينجر نتنياهو مع كل ذلك الى عملية أوسع في القطاع حيث بقيت فقط ستة ايام على موعد الانتخابات؟ خلال الاشهر الاخيرة حيث وقف امام تردد مشابه، رئيس الحكومة اختار ضبط النفس. ميله الطبيعي يمكن أن يكون نحو ذلك هذه المرة ايضا. ولكن عندما يكون مستقبله السياسي موجود على كفة الميزان، ربما الظروف ستتغير. في ظل غياب صورة مختلفة حاليا، فان مشهد اخلاء نتنياهو عن المنصة يقدم صورة هذه الانتخابات. يجب أن تكون قديس من اجل أن تميز هذه الليلة بين الاعتبارات الامنية والاعتبارات السياسية.

في الاسبوع الماضي سئل مصدر رفيع في جهاز الامن عن احتمالات التصعيد في القطاع. قال "في السنة القادمة، ستزداد احتمالات أن تجد اسرائيل نفسها في عملية عسكرية اخرى في القطاع. اذا حدث ذلك فهو سيحدث بسبب الجهاد الاسلامي".