تدفقوا الى الصناديق - معاريف

الساعة 01:37 م|11 سبتمبر 2019

بقلم: ليلاخ سيغان

(المضمون: معدل التصويت المتدني في الوسط العربي هو اشارة توقف لنا جميعا: للقائمة المشتركة، لقضاة العليا، للاحزاب الصهيونية. للحزب الحاكم وللعرب الاسرائيليين أنفسهم. تخيلوا ماذا كان سيحصل لو ان كل اولئك الواثقين من أن تصويتهم لن يؤثر، توجهوا بالفعل للمشاركة في الانتخابات - المصدر).

بعد كل التصريحات الفارغة حول القانون الذي لم يكن، نسينا الحقيقة: معدل التصويت في الوسط العربي يوجد في اسفل الدرك. في نيسان كان 49.2 في المئة، وبدلا من أن نفهم معنى الرقم، فضل الجميع بناء الالاعيب الاعلامية حوله.

ان معدل التصويت المتدني هو اشارة لنا كلنا. يجب عليه أن يوقف، مثلا، اعضاء القائمة المشتركة. اما هم فيواصلون بعناد في طريقهم الانعزالي، الذي يضع في رأس سلم الاولويات الكفاح الفلسطيني بدلا من العرب الذين هم مواطنو اسرائيل. وهم يتصرفون هكذا رغم أن الجمهور الذي يدعون تمثيله يريهم بثبات بانهم لا يخدمونه باخلاص. لقد كان يخيل للحظة انهم سيغيرون طريقهم، حين اعلن ايمن عودة انه لا يستبعد الارتباط بالائتلاف. ولكن على الفور قامت اصوات معارضة في الحزب دفعته لان يتراجع. يحاول اعضاء القائمة المشتركة ايقاظ الوسط غير المبالي بالاستفزازات، ولكن تصوروا كيف سيستيقظ الوسط اذا ما خرجوا فجأة بالاعلان بانهم يغيرون سلم الاولويات، وان هدفهم هو الدخول الى الحكومة كي يقلصوا فوارق التعليم العالي والدخل، أو كي يتسببوا أخيرا بتخفيض مستوى الجريمة. كم هي خسارة أنهم يختارون ايقاظ الوسط بذات الوسائل التي انامته منذ البداية.

ان معدل التصويت المتدني ينبغي أن يكون اشارة ايضا امام قضاة محكمة العدل العليا، في المرة التالية التي سيميلون فيها لان يسوغوا المشاغب الدوري من ممثلي التجمع الديمقراطي. فتسويغ المتطرفين في الماضي لم يخدم الجمهور العربي حقا، والذي حاولوا ظاهرا ان يحموه. فقد واصل فقط فقدان الثقة بالمنظومة بالذات لان هؤلاء هم ممثلوه.

ان معدل التصويت المتدني كان يفترض أن يكون اشارة توقف ايضا الاحزاب الصهيونية. فاذا كان اكثر من نصف الوسط لا يصوتون، فالمعنى هو انهم لا يتماثلون مع الاستفزازيين والمتطرفين، وان هناك 10 – 12 مقعدا على الارضية، لا ينحني احد لالتقاطها. بعض من الاحزاب الصهيونية لا تريد الاهتمام بذلك كي لا تكون متماثلة مع الوصمة على العرب، وبعضها ببساطة تفضل التركيز على المقترعين الذين يتقاتل الجميع عليهم، والذين هم ظاهرا المقترعين "المؤكدين".

الحزب الحاكم هو الاخر كان ينبغي له أن يتوقف امام هذا العدد المتدني، ويفهم بان نهجه الحالي تجاه الوسط هو ذات النهج الذي ادى الى الطريق المسدود الذي جعله لا يكون حقا الحزب الحاكم لانه لم ينجح في تكوين ائتلاف. وبدلا من تقليص الفجوات الفكرية وتجنيد مؤيدين جدد، فانه يهرب نحو تعظيم الفجوات المرة تلو الاخرى ضد المقترعين العرب. لقد استنفد هذا النهج نفسه.

ان معنى الرقم 49.2 في المئة هو انه يوجد جمهور كبير من العرب الاسرائيليين ممن يريدون أن يندمجوا ويحسنوا حياتهم، وفي هذه اللحظة احد لا يعرض عليهم سبيلا لتحقيق ذلك. من جهة، كان هذا الجمهور قد تلقى ضربة قانون القومية وحملة التزويرات، ومن جهة اخرى سياسة الهويات التي تشجعه على الانعزال.

ولكن هذه اشارة ايضا من ناحية الطريق الذي يرى فيه الوسط نفسه. تصوروا ماذا كان سيحصل لو ان كل اولئك الذين لا يصوتون لانهم واثقون من أن هذا لن يغير شيئا، كانوا حقا يتدفقون بجموعهم الى الصناديق. لو كانوا يصوتون للمعسكر الديمقراطي، لكانوا خلقوا قوة يسارة جدية من نحو 20 مقعدا، بدلا من حزب عابر. لو كانوا يصوتون لحزب العمل، لكانوا جعلوه من حزب صغير مع أجندة اجتماعية الى حزب يكون مرة اخرى بديلا سلطويا. لو كانوا ينتسبون الى الليكود، لكانت قائمة الحزب الحاكم للكنيست ستتغير ومعها ايضا أجندته. ولو كانوا يصوتون ازرق ابيض، لبدت الصورة كلها مختلفة تماما.

محزن أن الجميع يواصلون اطعامهم من مزيد من الامر ذاته، بدلا من قول الحقيقة لهم.