خبر فروانة: الفصائل الفلسطينية مطالبة بإعادة الاعتبار لثقافة الصمود في أقبية التحقيق

الساعة 08:45 ص|04 فبراير 2009

فلسطين اليوم : غزة

دعا الأسير السابق الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، اليوم، كافة الفصائل الفلسطينية إلى إعادة الإعتبار لثقافة الصمود والاستبسال والإنتصار داخل أقبية التحقيق، عبر اعتماد إستراتيجية واضحة وثابتة تهدف إلى صقل المناضلين بما يؤهلهم لأن يسطروا صفحات مضيئة أمام المحققين الإسرائيليين، وان ينتصروا عليهم بصمتهم وصمودهم وعدم البوح بأسرار المقاومة، إذا ما تعرضوا للإحتجاز أو الإعتقال، وأن يتحول الصمود لقاعدة والإعتراف استثناء.

 

وانتقد فروانة تراجع اهتمام الفصائل بثقافة الإعتقال والصمود في أقبية التحقيق خلال انتفاضة الأقصى، في برامج إعدادها لعناصرها، ونشراتها لجماهيرها عامة، مع تركيزها على ثقافة المقاومة الشرسة والإستشهاد، معتبراً أن ذلك خطأً استراتيجياً، أدى إلى انهيار العديد من المناضلين خلال التحقيق معهم بعد اعتقالهم، وتقديمهم معلومات مجانية لرجال المخابرات عن المقاومة ورفاق السلاح، وكلفت بعضهم السجن المؤبد أو عشرات السنين، نتيجة جهلهم لأساليب التحقيق المتبعة وعدم تسلحهم بمقومات الصمود، مما يستوجب من فصائل المقاومة إعادة النظر في ثقافتها وبرامجها التعبوية وآليات صقلها لعناصرها، بما يؤسس لمنظومة متكاملة تجمع ما بين ثقافة الإستشهاد والإعتقال والصمود في التحقيق وما بعد التحقيق في آن واحد، وتكفل للمناضل القدرة على تجاوز محنة الأسر، والصمود في التحقيق والحفاظ على الأسرار التي يمتلكها دون تقديم أي معلومات كانت للعدو.

 

وأكد فروانة بأنه من الضروري أن يسعى كل فصيل لإطلاع عناصره بشكل خاص وجماهير شعبه بشكل عام، على كل ما هو جديد من أساليب متبعة داخل زنازين التحقيق وكيفية التعامل والتعاطي معها، عبر نشرات ودراسات مستمرة، باعتبار أن الكل معرض للإعتقال والتحقيق.

 

كما وعلى المناضل تثقيف ذاته وان يبادر للإطلاع على تجارب الحركة الأسيرة لاسيما قصص الصمود، بهدف الإستفادة منها من أجل الصمود، باعتبار أن البطل في ساحة النضال يجب أن يبقى بطلاً في التحقيق، والصمود لا يحتاج لشهادات جامعية أو خبرات سابقة، وإنما يحتاج إلى معرفة مسبقة بأساليب المخابرات والتسلح بثقافة الصمود والإنتصار باعتباره اقصر الطرق للعودة للبيت والأهل ورفاق النضال وممارسة المقاومة من جديد.

 

جاء ذلك في بيان صحفي أصدره فروانة اليوم الأربعاء الموافق الرابع من شباط/ نوفمبر، والذي تصادف فيه الذكرى ال17 لاستشهاد الأسير المقدسي مصطفى عبد الله العكاوي، باعتباره حقق انتصاراً ولا أروع على جلاديه، وشكل رمزاً من رموز معارك الصمود والإنتصار داخل أقبية التحقيق.

 

وقال فروانة بأن الشهيد " العكاوي " وخلال تجربته الإعتقالية أثبت بإرادته الفولاذية وقناعاته الراسخة بحتمية الإنتصار بأن المناضل يستطع الصمود وعدم البوح بأسرار المقاومة رغم أساليب التعذيب القاسية التي تنتهجها رجال المخابرات الإسرائيلية، وأكد بأن أن المناضل إذا ما بنيَّ جيداً وصُقل قبل خوض تجربة التحقيق وتربى على ثقافة الإعتقال والصمود، وتشرب فلسفة المواجهة وراء القضبان، فمن المستحيل فك عقدة لسانه وانتزاع الاعترافات والمعلومات منه، رغم حجم الضغوطات النفسية والجسدية وأساليب التعذيب الوحشية واللاإنسانية التي تستخدمها رجال المخابرات الإسرائيلية ضده، ويمكن له أن يحقق مجداً وانتصاراً لا يقل شأناً عن المجد والإنتصار الذي حققه مع إخوانه في ساحة النضال الأرحب.

 

وتابع فروانة القول: بأنه مما لاشك فيه فان التعذيب في سجون الإحتلال قاسي ومرير، بل ومميت أيضاً، ويمارس كسياسة مؤسسيةً ممنهجة تحظى بغطاء قانوني وحصانة قضائية، وجزءاً لا يتجزأ من معاملة المعتقلين اليومية، ويترجم في عشرات الوسائل والطرق والأشكال حتى وصلت إلى أكثر من سبعين شكلاً، ويهدف التعذيب إلى انتزاع الإعترافات من المعتقل وتثبيت إدانتهم بالتهم الموجهة إليهم وفقاً لقوانينهم المجحفة، والكشف عن جوانب العمل السري، بالإضافة إلى قتله جسدياً ومعنوياً، وجراء ذلك استشهد ( 70 أسير ) منذ العام 1967 ولغاية اليوم، ومع ذلك فان هناك المئات ولربما الآلاف من التجارب الفردية والجماعية، لأسرى استطاعوا أن يسطروا صفحات مشرقة من الصمود والإنتصار أمام المحققين، وشكلوا نماذج ومفاخر لنا وللأجيال القادمة منهم الشهيد الأسير مصطفى العكاوي.

 

يذكر بأن الشهيد مصطفى عبد الله العكاوي، اعتقل عدة مرات وكان آخرها بتاريخ 22-1-1992، وذلك من منزله في ضاحية البريد شمال القدس، في إطار حملة هي الأشرس والأوسع لأعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكان عمره آنذاك ( 35 عاماً ) ومتزوج وله ابن واحد اسمه عبد الله.

 

وتعرض مصطفى لأبشع وسائل التعذيب من أجل انتزاع اعتراف منه أو معلومات عن رفاقه، لكنه صمد ولم يستسلم، وصان شرف الثورة وشرف تنظيمه ورفاقه، وشكل نموذجاً رائعاً في الصمود في أقبية التحقيق، كما كان قائداً صلباً ونموذجاً قبل الإعتقال، وفضل أن يضحي بحياته، صوناً لشرف الثورة والوطن، وصموده الأسطوري قاده للإستشهاد في زنازين سجن الخليل بتاريخ 4-2-1992، عملاً بمقولة الثوري الأممي فوتشيك " إذا كان ولابد من التضحية لأجل الوطن، فلنضحي بالحياة وليس الشرف".

 

وناشد فروانة كافة المعتقلين أصحاب الخبرة والتجارب الطويلة بأن يدونوا تجاربهم ونصائحهم، وكل ما يتردد لمسامعهم من المعتقلين الجدد عن أساليب تحقيق جديدة، ونقلها للآخرين وأن لا تبقى مختزلة أو مجمدة في ثلاجة هذا الفصيل أو ذاك، مؤكداً على أن للشعب الفلسطيني خبرات طويلة تراكمية في أقبية التحقيق وزنازين الإعتقال عبر العقود الماضية، كفيلة بأن يكون لدينا مئات الكتب والدراسات التثقيفية في هذا المجال، بهدف تسليح المناضلين بالمعارف المسبقة والعلمية حول التحقيق وأساليبه، وبما قد يتعرضون له من أساليب المكر والخداع وما يعرف ب " العصافير" وغيرها، مع تقديم شروحات عن أفضل الطرق وآليات المواجهة وكيفية الصمود، كضرورة ملحة لحماية الثورة والمقاومة والمناضلين والمجاهدين الآخرين، مع الإيضاح لهم مدى خطورة الإنهيار أو الاعتراف أو تقديم المعلومات الجزئية المجانية للإحتلال.

 

وأكد فروانة بأن مصطفى العكاوي لم يكن الأسير الوحيد الذي استشهد داخل أقبية التحقيق بعد صمود أسطوري، حيث سبقه وتبعه الكثيرين من رفاقه ومن الفصائل الأخرى وعلى سبيل المثال لا الحصر محمد الخواجا وخليل أبو خديجة وإبراهيم الراعي وخالد الشيخ علي وعطية الزعانين..وغيرهم.