مسيرات العودة وانتفاضة الحجارة!-بقلم :سلامة معروف

الساعة 12:45 م|08 سبتمبر 2019

فلسطين اليوم

كثُر الحديث لدى أوساط من أبناء شعبنا عن جدوى مسيرات العودة على قاعدة مهاجمتها والتقليل من أثرها، والبعض بلغ حد اتهام اللجنة العليا للمسيرات بالمتاجرة بدماء الشهداء الذين يرتقون فيها، والبعض الآخر يتباكى على ما يعتبره ثمنا باهظا من الدماء تُدفع بلا أية نتيجة.

هذا الحديث أعادني لنقاش سمعته قبل سنوات بين بعض المنتمين لقوى فلسطينية متعددة حول انتفاضة الحجارة وقد عايشوها وكانوا من المؤثرين في فعالياتها، ونقاشهم كان أساسه الجدلية التي كانت مصاحبة أيضا لسنوات الانتفاضة، حيث لم يكن هناك اجماعا كاملا على الكثير من جوانب أفعال الانتفاضة سواء على صعيد أعداد الشهداء أو الأدوات المستخدمة أو بعض المواقف السياسية أو سقف النتائج التي حققتها.

هذا الأمر جعلني أتوقف للمقارنة بموضوعية وتجرد بين هذين الفعلين المقاومين (انتفاضة الحجارة، مسيرات العودة) في محاولة ليستخلص القارئ بنفسه جوانب الاتفاق أو الاختلاف بينهما، وكي يتحقق هذا الهدف فإنني لن أعقب على هذه المقارنة أو أضع نتيجتها من وجهة نظري، وإنما حصرت تسعة نقاط تشكل مدخلا مناسبا _في ظني_للمقارنة، وهي:

1.التعريف:

*الانتفاضة..مثلت الشرارة للمقاومة الشعبية السلمية، كشكل من أشكال الاحتجاج العفوي الشعبي الفلسطيني على الوضع العام المزري بالمخيمات وعلى انتشار البطالة وإهانة الشعور القومي والقمع اليومي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.(وكالة وفا،31عاما على انتفاضة الحجارة)

*المسيرات..امتداد للفعل الشعبي المقاوم، فهي عمل جماهيري منظم يستند إلى ركائز قانونية ومنطلقات إنسانية تنطلق بها جموع اللاجئين الفلسطينيين في مسيرات حاشدة هدفها تطبيق الفقرة رقم 11 من القرار الصادر عن الأمم المتحدة رقم 194.(اللجنة الوطنية العليا لمسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، المبادئ العامة والأهداف)

2.السبب المباشر:

*الانتفاضة..شرارتها حادثة استشهاد مجموعة من العمال وجرح آخرين دهسا من قبل سائق شاحنة صهيوني، إضافة لعوامل اجتماعية واقتصادية أخرى.

*المسيرات..تدهور الأوضاع الحياتية داخل قطاع غزة ووصولها لدرجة غير مسبوقة من السوء جراء الحصار، وتراجع مكانة وأهمية القضية الفلسطينية في كافة المحافل.

3.الاستمرارية الزمنية:

*الانتفاضة..امتدت من نهاية 1987م حتى 1993م وإن خلت تقريبا من الحراكات والفعاليات الجماهيرية خلال آخر عامين من عمرها.

*المسيرات..انطلقت 30مارس2018م ومستمرة للعام الثاني.

4.الهدف :

*الانتفاضة..إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس وتمكين الفلسطيني من تقرير مصيره، وتفكيك المستوطنات الصهيونية، وعودة اللاجئين دون قيد أو شرط، وقف الضرائب الباهظة عن المواطنين والتجار.

*المسيرات..هدف تكتيكي برفع الحصار عن غزة، وهدف استراتيجي بتحقيق عودة اللاجئين.

5.التفاعل الجماهيري:

*الانتفاضة..مشاركة كافة شرائح المجتمع(المرأة والطفل والشباب...)تذبذبت وتيرة المشاركة في الفعاليات الجماهيرية بشكل عام بين منطقة وأخرى ومن عام لآخر، حتى أن الفعاليات الجماهيرية تقريبا انتهت عام1991م مع بدء جلسات التفاوض والحوار للوصول لاتفاق سلام.

*المسيرات..شاركت مختلف فئات المجتمع وشرائحه وقد ازداد الحشد وانخفض وفقا لاجراءات الجهة المنظمة وجهدها التحشيدي ولكنه يسير بوتيرة متقاربة خاصة في المناسبات الوطنية.

 

6.الأدوات المستخدمة:

*الانتفاضة..تطورت من رشق الحجارة وزجاجات المولوتوف، اغلاق الشوارع والاضرابات وصولا لعمليات اطلاق النار والعمليات الاستشهادية التفجيرية.

*المسيرات..التجمع في نقاط محددة على الحدود الشرقية بالقرب من السلك الفاصل عن أراضينا المحتلة، رشق الحجارة وزجاجات المولوتوف، البلالين والأطباق الحارقة، الارباك الليلي.

7.الخسائر البشرية:

*الانتفاضة..1550 شهيد، 70 ألف جريح يعاني نحو 40% منهم من اعاقات دائمة، 200 ألف حالة اعتقال.(مؤسسة رعاية أسر الشهداء)

*المسيرات..307 شهيد، 30 ألف جريح.(وزارة الصحة)

 

8.تعامل الاحتلال:

*الانتفاضة..اعتمد بشكل كبير على سياسة القوة والقتل والقمع وتكسير العظام والاعتقال.

*المسيرات..تعمد قنص المدنيين وإحداث الاعاقة، والاصابة في الأطراف لالحاق الضرر وإطالة فترة العلاج.

9.الظروف السياسية المحيطة:

*الانتفاضة..انشغال عربي ودولي بقضايا أخرى.

*المسيرات..انقسام فلسطيني داخلي، انشغال عربي بالقضايا الداخلية لكل بلد وتهافت على التطبيع الرسمي مع الاحتلال، تنكر واضح للحقوق الفلسطينية من الادارة الامريكية، انسداد أي أفق سياسي لما يعرف بعملية السلام، تراجع الاهتمام والحديث حول القضية الفلسطينية.

وأخيرا، أتمنى أن تساهم هذه المقارنة بالاجابة على سؤال غاية في الأهمية، وهو: هل نحن أمام فعل طارئ ليس له أساس في قاموس المقاومة الفلسطينية أم هو امتداد لنهج موجود وسبق تجريبه واستخدامه؟!.

 

كلمات دلالية