استقالة "غرينبلات" ليست انتصاراً

الساعة 12:13 م|06 سبتمبر 2019

كتب:  د. أبو البراء مشتهى

مما لا شك فيه أن المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات وقبل أن يقدّم استقالته، بذل كل جهد مستطاع لخدمة الكيان الصهيوني، وعلى كل المستويات (التطبيعية، الاقتصادية، والسياسية)...

كما أن الكيان الصهيوني استثمر فترة ولايته (غرينبلات) "أحسن" استثمار لخدمة مشاريعه التوسعية والاستيطانية والتطبيعية، بما ينسجم وطبيعة المشروع الصهيوني في المنطقة.

فمغادرة غرينبلات المشهد السياسي في المنطقة لا تعني انتصاراً فلسطينياً أو عربياً، كون تلك الاستقالة لم تكن في يوم من الأيام هدفا لأحد سعى إلى تحقيقه، فغرينبلات جاء برغبة صهيونية تم التخطيط لها بعناية، وربما الآن يغادر برغبة صهيونية كذلك، والفلسطيني والعربي ليس له إرادة في مجيئه ولا حتى في مغادرته..

البعض حاول ربط مهمة غرينبلات في إتمام "صفقة القرن" التي لم يكتب لها النجاح حتى اللحظة ولن يكتب لها النجاح لاحقا بفعل إرادة وصمود الفلسطيني، وهذا فهمٌ قاصر، فغرينبلات نجح في إنجاز العديد من المهام التي تصب في خدمة الكيان الصهيوني، وفشل في أخرى..، وهذه طبيعة كل البشر.

ما أردت الحديث فيه هو أن الخوض في مسميات الأشخاص ثم اعتبار مجيئهم أو مغادرتهم انتصارا أو حتى مؤشرا للانتصار، سيُدخل صاحبه في متاهة "ترقب الشخصيات"، وفي النهاية من يمارس هذا السلوك سيصبح أسيراً له وكأنه يلعب "السُّلم والحيّة"!

إذن فالمطلوب هو دراسة المكونات السياسية للدول وطبيعة علاقتها السياسية والاقتصادية والدينية والثقافية مع الكيان الصهيوني، ومدى ارتباط مصلحة كل مكوّن من تلك المكونات السياسية للدول مع "إسرائيل".

فإن من يتعامل مع الدول وكأنها مكوِّن سياسي واحد، هذا بكل تأكيد سيضع صاحبه أمام خيارين فقط، إما أن يكسب نظام الدولة أو يخسر كل مكونات الدولة، لكن المطلوب هو القيام بتشريح بنيوي ووظيفي لكل مكونات الدول المطلوب التعامل معها، وبكل تأكيد كل دولة فيها من المكونات السياسية والثقافية والاقتصادية الحُرة التي ترفض مصادرة حريتها وأن تكون تابعة لفكرة "خدمة الصهيونية"، لذلك مطلوب التواصل مع تلك المكونات والأشخاص الذين ينتمون لها بغض النظر عن ديانتهم أو لغتهم أو لونهم وبغض النظر كونهم في نظام الدولة أم لا، فالمطلوب هو الحكم على الأشخاص من خلال انتمائهم للمكونات السياسية.... وغرينبلات وكوشنير وغيرهما ارتبطت مصالح مكوناتهما السياسية، والشخصية، والدينية والاقتصادية بمصلحة الكيان الصهيوني، فقدّموا له ما يستطيعون وفي المقابل استفادوا منه بقدر ما يحلمون.