اتصالات متقدمة بين نتنياهو وترامب- هآرتس

الساعة 01:03 م|03 سبتمبر 2019

فلسطين اليوم

على بادرة طيبة امنية قبيل الانتخابات

بقلم: أمير تيفون وعاموس هرئيل

          (المضمون: رئيس الحكومة نتنياهو يجري اتصالات مكثفة مع مستشاري ترامب الكبار. وأحد الاحتمالات التي يتم فحصها هو بيان امريكي بشأن اقامة حلف دفاع مع اسرائيل. وفي المقابل يناقشون في محيط نتنياهو ايضا الدفع قدما بزيارة لبوتين في البلاد قبل يوم الانتخابات القادمة - المصدر).

          رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يحاول ترتيب هدية سياسية دراماتيكية من جانب الادارة الامريكية في الاسابيع التي بقيت حتى يوم الانتخابات للكنيست، بهدف زيادة احتمالاته لتشكيل الحكومة القادمة. في الاسابيع الاخيرة جرت اتصالات مكثفة بين عدد من المستشارين الكبار لنتنياهو وبين جهات في ادارة ترامب بخصوص نشر بيان من قبل الرئيس الامريكي. في اطار البيان ترامب من شأنه أن يتعهد بالدفاع عن اسرائيل امام أي تهديد وجودي مستقبلي عليها. في المقابل يناقشون في محيط نتنياهو ايضا تقديم بادرة حسن نية سياسية اخرى من جانب روسيا. ومؤخرا تم فحص احتمالين: زيارة اخرى للرئيس فلادمير بوتين في البلاد قبل الانتخابات، أو كبديل عن ذلك لقاء ثلاثي آخر بين مستشاري الامن القومي من اسرائيل والولايات المتحدة وروسيا مثل اللقاء الذي جرى في البلاد في شهر حزيران الماضي.

          فكرة البيان الرئاسي الامريكي ولدت من خلال مبادرة أوسع لبلورة "حلف دفاع" بين اسرائيل وامريكا، الذي طرح للمرة الاولى في التسعينيات، لكنه لم ينفذ في أي يوم. أحد المعاني الاساسية لحلف الدفاع هو أن الدولتين تتعهدان بمساعدة بعضهما اذا تعرضت احداهما لمواجهة عسكرية. هذه المبادرة تم بحثها مجددا في الاشهر الاخيرة من قبل شخصيات كبيرة اسرائيلية وامريكية وحظيت بدعم سيناتورات بارزين في الحزب الجمهوري. ولكن التوقيع على اتفاق كهذا بين الدولتين يحتاج الى اشهر كثيرة من المفاوضات بين وزارة الدفاع الاسرائيلية والبنتاغون ووكالات اخرى في الادارة الامريكية. إن احتمالية بلورة حلف دفاع قبل الانتخابات في 17 ايلول ضئيلة جدا.

          اضافة الى ذلك، في جهاز الامن في اسرائيل هناك جهات كبيرة تعارض الحلف الدفاعي مع الولايات المتحدة بسبب الخوف من أن هذا الاتفاق سيقيد في المستقبل الجيش الاسرائيلي اثناء الازمات الامنية. المعارضة توجد ايضا في اوساط رؤساء جهاز الدفاع السابقين، الذين يحظون بحرية اجراء مقابلات والادلاء بتصريحات في هذا الشأن – الامر الذي يمكنه أن يقلص المكاسب السياسية لاتفاق كهذا بالنسبة لنتنياهو.

          بسبب الصعوبات في بلورة حلف الدفاع احد الاحتمالات التي فحصها مستشارو نتنياهو مع الادارة الامريكية هو نشر تصريح نوايا قبيل بلورة اتفاق حلف الدفاع، بدون التعهد بأن المفاوضات حول الموضوع ستستكمل. بيان كهذا ستكون له اهمية سياسية بالنسبة لرئيس الحكومة، حتى لو أنه فعليا لم تنضج المفاوضات بين الجهات المهنية في الطرفين في الاشهر التي ستعقب الانتخابات. في شهر تموز نشر بن كسبيت في "معاريف" بأن نتنياهو معني بالدفع قدما بمبادرة بهذه الروح مع ادارة ترامب، بعد أن نشرت الحكومة عددا من القرارات التي ساعدت رئيس الحكومة في الحملة الانتخابية السابقة، بما في ذلك اعتراف امريكا بهضبة الجولان كجزء من اسرائيل واجراء زيارة رسمية اولى لوزير خارجية امريكي في حائط المبكى.

          إحدى الجهات التي تدفع قدما باحتمالية حلف الدفاع هي المعهد اليهودي لبحوث الامن القومي (جي.آي.ان.اس.إي)، وهو منظمة تجمع عشرات اليهود من امريكا الذين خدموا في وظائف امنية في الولايات المتحدة. هذه المنظمة اجرت في الشهر الماضي محادثة مشتركة في الموضوع مع السناتور الجمهوري لندسي غراهام، الذي صرح بأنه يؤيد حلف دفاع بين هذه الدول خلال زيارة له في اسرائيل قبل الانتخابات السابقة في شهر آذار 2019. غراهام قال في المحادثة بأنه بحث هذا الموضوع مباشرة مع الرئيس ترامب، وأنه حسب تقديره ايضا وزارة الخارجية الامريكية تؤيد اتفاق حلف الدفاع. واضاف بأنه حسب تقديراته "هذه الفكرة ستحظى بتأييد كبير في اوساط الجمهور الاسرائيلي".

          في الادارة الامريكية يفحصون احتمالية اخرى، ملزمة أقل من بيان بشأن اتصالات للتوقيع على اتفاق حلف دفاع. اعلان عام للرئيس ترامب يقول إن الولايات المتحدة برئاسته ستساعد اسرائيل في أي حالة تهديد وجودي مستقبلي على الدولة. اعلان كهذا لا يجب أن يمر عبر وكالات الادارة المختلفة، وايضا لا يحتاج الى أي مصادقة من الكونغرس الامريكي. صلاحيته القانونية غير واضحة. ولكن من ناحية سياسية يتوقع أن يساعد ايضا نتنياهو ويساعد ترامب نفسه، الذي سيتنافس على ولاية ثانية في تشرين الثاني 2020.

          وزير الخارجية الامريكي، مايك بومبيو، أشار الى امكانية كهذه في مقابلة اجراها في الاسبوع الماضي مع المحلل السياسي الجمهوري يو وايت، الذي سأله هل ادارة ترامب ستساعد اسرائيل في حرب مستقبلية، مثل المساعدة التي اغدقتها ادارة نيكسون على حكومة غولدا مئير في حرب يوم الغفران. "نحن دائما نبحث معهم هذا الموضوع"، اجاب بومبيو، "أنا على قناعة بأن الرئيس ترامب الذي قام بنقل السفارة الامريكية الى القدس وأوضح بأنه لاسرائيل توجد حقوق في هضبة الجولان، سيصنع ما يجب صنعه من اجل ضمان أمن صديقتنا اسرائيل".

          في الاسبوع الماضي كشفت فجوات في الادارة الامريكية بالنسبة لنشاطات عسكرية لاسرائيل في ارجاء الشرق الاوسط. في الوقت الذي بومبيو ونائب الرئيس مايك بينس منحا تأييد علني مطلق لاسرائيل، فان وزارة الدفاع والجيش الامريكي كانوا متحفظين. مصادر رفيعة في البنتاغون قدمت توجيهات لوسائل الاعلام الامريكية عن أن اسرائيل هي التي تقف من وراء موجة التفجيرات في العراق في الاسابيع الاخيرة. وبعد ذلك نشرت بيان رسمي للبنتاغون عبر عن دعمه لسيادة الحكومة العراقية وتعهد بمساعدة العراقيين في تحقيق هذه المسألة.

          بعد يوم على البيان الرسمي الذي  تربع على العناوين في اسرائيل وفي الولايات المتحدة، وقف بصورة استثنائية وزير الدفاع المؤقت مارك اسبر ورئيس الاركان الامريكي جوزيف دانفورد من اجل اعطاء توجيه اعلامي مشترك في البنتاغون الذي خلاله كررا هذه الرسائل. "نحن في العراق مجرد ضيوف على الحكومة العراقية"، قال اسبر في تطرقه للخمسة آلاف جندي امريكي الموجودين في العراق. "بالطبع نحن قلقون من أي شيء يمكن أن يؤثر على قواتنا هناك وعلى شبكة علاقاتنا". دانفورد اضاف بأن "كل ما نفعله يتم على قاعدة التفاهمات مع الحكومة العراقية".

          الخلاف حول الهجمات المنسوبة لاسرائيل في العراق يمكن أن يطفو من جديد اذا جرت اتصالات من اجل التوقيع على حلف الدفاع، وهذا يمكن أن يكون سبب آخر لماذا يفضلون في الادارة الامريكية بيان عام للرئيس الامريكي على اجراء مفاوضات من اجل اتفاق مفصل مع اسرائيل.