خبر محور « الاعتدال العربي » ينعقد اليوم في أبو ظبي لإنقاذ المبادرة المصرية واحتواء حماس وإيران

الساعة 07:31 ص|03 فبراير 2009

حلمي موسى

يتجه الوضع الفلسطيني إلى مزيد من التعقيد بعد أن بدا واضحا أن أفق المبادرة المصرية بات مسدودا ولو بشكل موقت. فالجداول الزمنية التي حددتها القاهرة اصبحت موضع شك، حيث تبين أن التهدئة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل لن تتحقق في الخامس من شباط الحالي، كما كان مخططا، كما ان الحوار الفلسطيني لن يبدأ في ٢٢ شباط، بعد أن أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه لا حوار مع من يرفض منظمة التحرير. ومن الجائز أن هذه التطورات تسابقت في الأيام الأخيرة وبلغت ذروتها في استدعاء عباس على عجل للقاهرة وإعلانه ضمنيا عن رفض الحوار مع حماس وبعدها انعقاد مؤتمر وزراء خارجية »دول الاعتدال« العربي المقرر اليوم في دولة الإمارات.

وعلمت »السفير« أن الملك السعودي عبد الله اتصل هاتفيا بعباس قبل يومين وطلب منه الذهاب بشكل عاجل الى القاهرة. وعندما أشار عباس إلى أن لديه التزامات في أوروبا طلب إليه الملك الاعتذار عنها والتوجه الى القاهرة التي سيقصدها وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل. وهو ما حصل بالفعل وبدأ اجتماعات مع القيادة المصرية وبعدها عُقد اجتماع ثلاثي مصري فلسطيني سعودي. وجاء إعلان الرئيس الفلسطيني عن رفض الحوار مع من يرفض منظمة التحرير ليشهد على أن النقاش بين الأطراف الثلاثة دار أساسا حول موقف حماس.

وقال مصدر دبلوماسي عربي في دبي لـ»فرانس برس« إن وزراء خارجية عدد من الدول العربية سيجتمعون اليوم في أبو ظبي لبحث الوضع الفلسطيني. وأشار إلى أن وزيري خارجية مصر احمد أبو الغيط والسعودية الأمير سعود الفيصل سيشاركان في الاجتماع الذي سيعقد ظهرا. وأشار المصدر إلى أن »١٠ دول قد تشارك في اجتماع أبو ظبي«. وذكرت قناة »العربية« أنه سيشارك في الاجتماع السعودية ومصر والإمارات والأردن والكويت وتونس والمغرب.

وكان الموقف الذي أعلنه رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة القطرية الدوحة وكشفه النقاب عن مداولات تجري لإنشاء »مرجعية« فلسطينية أخرى، القشة التي قصمت ظهر البعير. فقد رأى »محور الاعتدال« العربي، وخصوصا مصر، في هذا الموقف إشهارا للطلاق من جانب حماس عن العمل العربي المشترك وارتماء كاملا في أحضان إيران. وبدا أن من واجب هذه الدول الاقدام على خطوة مهمة على هذا الصعيد. ولم تعدل من هذه الرؤية تفسيرات حماس اللاحقة لكلام مشعل ولا حتى تراجعها عن بعض ما قالته في هذا الشأن.

وفي خلفية كل ذلك كان الإيمان بأن المبادرة المصرية التي التفت دول الاعتدال العربية حولها كآلية لاستعادة الدور في الموضوع الفلسطيني تقترب من الفشل. فالمبادرة المصرية استندت إلى ثلاث مراحل متتابعة ومتدرجة تبدأ بالتهدئة وتمر بالحوار والمصالحة وتنتهي إلى حكومة الوحدة. وبدا للحظة أن جواب حماس وفصائل المقاومة الأخرى لا يسمح للتهدئة بأن تقوم.

ففصائل المقاومة، وخصوصا حماس والجهاد الإسلامي، كانت ملتزمة بتقديم رد للمصريين حتى الثالث من شباط (اليوم). ويمكن القول إن مداولات حماس الداخلية التي شهدت خلافات حادة بسبب تعقيدات الموضوع لم تفلح في التوصل إلى رد حول المبادرة المصرية سوى بأسلوب الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات المعروف بـ»لعم«. وهكذا فإن وفد حماس المتواجد جزء منه في القاهرة والذي كان منتظرا أن ينضم إليه ليلة أمس رئيسه الآتي من دمشق عماد العلمي سيبلغ المصريين ما أعلنه مشعل جهارا: نحن على استعداد لتهدئة تمتد عاما أو عاما ونصف العام شرط فتح المعابر بشكل نظامي ودائم. كما أن حركة الجهاد الإسلامي سترسل ردها كتابيا إلى القاهرة وهو لا يخرج جوهريا عن منطق كلام حماس: نريد التهدئة، لكن شرط نجاحها هو حل مشاكل الناس وفتح المعابر بشكل منتظم.

لكن القيادة المصرية، ممثلة بالمخابرات العامة التي تدير الملف الفلسطيني، كانت قد أوضحت للأطراف الفلسطينية أن إسرائيل لا تريد التهدئة إذا كانت موقتة وأنها لن تفتح المعابر بشكل منتظم من دون الإفراج عن الجندي الأسير جلعاد شاليت. وهكذا فإن القيادة الإسرائيلية أبلغت أمس المصريين عبر رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الجيش الجنرال عاموس جلعاد أنها تتشدد في مطالبها. وهكذا، بحسب القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، أبلغ جلعاد المصريين بأن »عليهم أن يشطبوا من قاموسهم كلمة التهدئة. هذا لن يحدث. إسرائيل غير مستعدة للبحث في أي تحديد لإطار زمني للتهدئة، لا سنة ولا سنة ونصف السنة. إسرائيل لن تقبل بإطلاق النار عليها وسترد على كل عملية إطلاق نار باتجاهها. كما أن فتح المعابر مشروط بتسريع المفاوضات من أجل الإفراج عن شاليت«.

تجدر الإشارة إلى أن صراعا شديدا لا يخلو من أبعاد انتخابية يدور في الأيام الأخيرة بين وزيري الدفاع والخارجية في الحكومة الإسرائيلية إيهود باراك وتسيبي ليفني حول التهدئة. وتطالب ليفني بالرد الفوري والشديد وغير المتناسب على كل إطلاق نار من غزة نحو المستوطنات الإسرائيلية، وتبين للإسرائيليين أنها ترفض ضبط النفس الذي يبديه وزير الحرب. وبالمقابل، فإن باراك يعلن أن العمل العسكري يحتاج إلى معطيات وأن »من لم يمسك بيديه سلاحا« لا يستطيع تقدير متى يجب الضرب ومتى ينبغي التوقف.